ولم نسمع لأولئك صوتا في الأحداث الأخيرة، بل سمعنا أحدهم يجوز بشكل غير مباشر ردة المسلم عن دينه، فيتحف القوم بهذه الهدية "المجانية"، وما أكثر هداياه!!!!!
وأعجب من ذلك: إصرارهم على مجاملة القوم في أعيادهم المبتدعة، مجاملة باردة مفتعلة، لاسيما بعد الأحداث الأخيرة مع الحرص على تبادل الأحضان والقبلات الحارة التي تدل على برودة عقيدة الولاء والبراء في قلوبهم، وكأنهم لا يعلمون شيئا عن أحوال إخواننا المعذبين ممن أسلموا وجوههم لله فكتموا إيمانهم خوفا من دخول: "الدير" إلى آخر العمر تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية.
ويزيد الطين بلة: إقدام بعض المشتغلين بالدعوة على شاشات الفضائيات، من أصحاب "النموذج الإسلامي الحديث" أو: "الإسلام المودرن"!!!!، على تقديم التهنئة لهم في عيدهم، في مجاملة "باردة" ومثالية "جوفاء"، مبديا تخوفه على مصر وشبابها، وكأن الأمر عراك بين اثنين في أحد الأزقة تدخل هو لفضه، لا عرض خير الخلق صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والتصدر قبل التأهل آفة معاصرة، وقاتل الله الفضائيات كم فتنت وأفسدت!!!
يقول شيخ الإسلام، رحمه الله، في "اقتضاء الصراط المستقيم":
"ومن شروط عمر، رضي الله عنه، التي اتفقت عليها الصحابة، وسائر الفقهاء بعدهم - أن أهل الذمة من أهل الكتاب لا يظهرون أعيادهم في دار الإسلام، وسموا الشعانين والباعوث، (وهي من أعيادهم)، فإذا كان المسلمون قد اتفقوا على منعهم من إظهارها، فكيف يسوغ للمسلمين فعلها؟ أو ليس فعل المسلم لها أشد من فعل الكافر لها، مظهراً لها؟.
وذلك: أنا إنما منعناهم من إظهارها لما فيه من الفساد: إما لأنها معصية أو شعار المعصية، وعلى التقديرين: فالمسلم ممنوع من المعصية، ومن شعار المعصية، ولو لم يكن في فعل المسلم لها من الشر إلا تجرئة الكافر على إظهارها لقوة قلبه بالمسلم إذا فعلها؟ فكيف وفيها من الشر ما سننبه على بعضه؟.
وقد نهى الصحابة والسلف عن مشاركة الكفار في أعيادهم أو الدخول عليهم فيها أو شهودها ونحو ذلك.
وتقدم من رواية أبي الشيخ الأصبهاني، عن عطاء بن يسار هكذا رأيته، ولعله ابن دينار – قال: قال عمر: إياكم ورطانة الأعاجم، وأن تدخلوا على المشركين يوم عيدهم في كنائسهم.
وروى البيهقي بإسناد صحيح، في باب كراهة الدخول على أهل الذمة في كنائسهم، والتشبه بهم يوم نيروزهم ومهرجانهم: عن سفيان الثوري، عن ثور بن يزيد، عن عطاء بن دينار قال: قال عمر: لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم، فإن السخطة تنزل عليهم" اهـ بتصرف.
ومثل هذا له حكم الرفع فهو مما لا يقال بالرأي لأنه فيه نصا على نزول عقوبة، فهنيئا للقوم مشاركتهم في السخطة المتنزلة على رؤوسهم!!!!.
وكثير من شبه القوم تقوم على مسائل علمية دقيقة لاسيما في باب الأسماء والصفات، وكثيرا ما يلجئون إلى الأقوال المخالفة لأقوال أهل السنة في هذا الباب الجليل، ليلبسوا على السامع، فيظن أن هذا القول هو قول: السلف، مع أنه قول مبتدع أحدثه أتباع جهم، أو المعتزلة، أو المتكلمون الذين تأثروا بأصولهم، ولهذا وجب على كل مسلم أن يلم إجمالا بمعتقد السلف في هذا الباب، ليسلم له اعتقاده، ووجب على كل من يتصدى لأولئك أن يلم بتفاصيله ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد نجح النصارى قديما في التلبيس على المعتزلة، الذين أرادوا نصرة الدين بعقولهم، فأعرضوا عن الوحي المنزل إلى أصولهم العقلية المبتدعة، فكانت النتيجة أن قالوا بخلق القرآن، لما ألزمهم النصارى بكون عيسى عليه الصلاة والسلام: كلمة الله، فإما أن يكون قديما قدم الذات الإلهية فيصح دينهم، وإما أن تكون الكلمة مخلوقة حادثة، فيكون القرآن مخلوقا، فاختاروا أهونهما، وأظهروا بدعة خلق القرآن وامتحنوا الناس عليها، وكان ما كان من محنة الإمام أحمد، رحمه الله، ولو رجعوا إلى أهل العلم، واستفتوهم، لعلموا أن عيسى عليه الصلاة والسلام ليس نفس الكلمة التكوينية "كن"، وإنما عيسى، عليه الصلاة والسلام خلق بـ: "كن"، مصداق قوله تعالى: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، فالأمر غير مخلوق، بدليل
¥