تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وطبع المصحف بالتركية، وفي عام 1933م ثار الناس احتجاجًا على الأذان بالتركية، فرد على الشعب بجعل الأذان بالتركية في جميع المساجد. وكان صريحًا عندما قال في مجلس الأمة التركي: «إن تركيا لم تعد تأخذ مثالها من الغيبيات ولم تعد تأخذ قوانينها مما يظن أنه كتب جاءت من السماء». وهكذا اقترب من غايته في عام 1935م فجعل يوم الأحد عطلة الأسبوع بدلاً من الجمعة، ونفذ تحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف، بعد إغلاقه مدة من الزمن وتحويل جامع الفاتح إلى مستودع، كما صدر قراره بفرش المساجد بالكراسي واستخدام (الأورج) فيها، حيث تتم تلاوة القرآن بمصاحبة الموسيقا، لكنه لم ينفذ، فقد عاجلته المنية في 1938م. مات بعد أن أدى دوره باقتدار، فوقعت البلاد على وثيقة الاستسلام التي سميت معاهدة لوزان.

وحدة الأمة: بسبب ما وُضع من قوانين وما اُتخذ من قرارات لقلع الإسلام من جذوره، قام الشيخ سعيد بيران (البالوي) النقشبندي (13/ 2/1925م) بالثورة ضد السلطة آنذاك، وطلب قائد الثورة من بديع الزمان استغلال نفوذه، لإمداد الثورة لكنه رفض المشاركة وكتب رسالة إليه جاء فيها:

«إن ما تقومون به من ثورة تدفع الأخ لقتل أخيه ولا تحقق أية نتيجة، فالأمة التركية قد رفعت راية الإسلام، وضحت في سبيل دينها مئات الألوف بل الملايين من الشهداء، فضلاً عن تربيتها ملايين الأولياء، لذا لا يُستل السيف على أحفاد الأمة البطلة المضحية للإسلام، الأمة التركية، وأنا أيضًا لا أستلُه عليهم». وكثيرًا ما تمثل بقول الحق: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}، ثم يعلق: «إن ثلاث ألفات إذا كتبت منفردة متفرقة فقيمتها ثلاث، ولكن إذا اجتمعت بالتساند العددي فقيمتها مئة وأحد عشر» وكان يردد مقالة السلطان سليم: «إن مغبة الاختلاف والتفرقة يقلقاني حتى في قبري، فسلاحنا في دفع صولة الأعداء إنما هو الاتحاد».

كثيرًا ما أشاروا إلى النورسي باسم (سعيد الكردي)، وما ذاك إلا لغرض غير مبرأ، فالأكراد ليسوا أقلية في تركيا ولم يعتبرهم أحد في البلد أقلية، حتى الأكراد أنفسهم، لأنهم مسلمون ملتزمون بشعائرهم الدينية. وبرغم هذا فإن دول الاتحاد الأوروبي تعتبر المواطنين الأكراد ضمن الأقليات.

الثورة التي قادها الشيخ سعيد بيران في شرقي الأناضول في الثلاثينيات في عهد رئاسة مصطفى كمال أتاتورك لم تستند إلى مشاعر عرقية، إنما ثار الأكراد آنذاك بعواطف دينية رافعين شعار «ضاع الدين». وبالفعل حكمت الدولة عليهم بالإعدام بذريعة أنهم يريدون إقامة دولة دينية.

ومن الخطأ الاعتقاد أن جميع المواطنين الأكراد قد خرجوا على الحكومات التركية وشاركوا في العمليات الإرهابية أو أيدوها أو أرادوا إقامة دولة كردية مستقلة في شرقي الأناضول. فأهل المنطقة قد سئموا الحرب والدمار والهجرة ولا يريدون الآن سوى الاستقرار والحرية والاستثمار وتحسن الأوضاع الاقتصادية.

قال شاعر الإسلام محمد عاكف: « .. يا جماعة المسلمين .. أنتم لستم بعرب ولا ترك ولا بلقانيين ولا أكراد ولا قوقازيين، ولا شركس، أنتم فقط عبارة عن أفراد في أمة واحدة هي الأمة الإسلامية. وكلما حافظتم على الإسلامية لم تفقدوا قومياتكم، وحين تسقط أو تضيع قومياتكم فلن تكونوا مسلمين.».أما العلامة أحمد تيمور ـ ذو الأصل الكردي ـ فقد دعي في مصر إلى جمعية تضم الترك والجراكسة والأكراد، فقال مقالة عالم فقيه: «أنا مسلم من جامعة المسلمين».

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواهُ

إذا افتخروا بقيسٍ أو تميمِ

إنقاذ الإيمان: برغم ذلك لم ينجُ بديع الزمان من شرارة الفتن والاضطرابات، فنفي مع الكثيرين إلى «بوردو»، ووصل إليها في شتاء سنة 1926م. ثم نفي وحده إلى ناحية نائية وهي «بارلا» جنوب غربي الأناضول. يقول عن هذا: «صرفت كل همي ووقتي إلى تدبر معاني القرآن الكريم. وبدأت أعيش حياة «سعيد الجديد» .. أخذتني الأقدار نفيًا من مدينة إلى أخرى .. وفي هذه الأثناء تولَدت من صميم قلبي معاني جليلة نابعة من فيوضات القرآن الكريم .. أمليتها على مَن حولي من الأشخاص، تلك الرسائل التي أطلقت عليها «رسائل النور»، وسيلة لإخراج ما لا يعد ولا يحصى من الناس، من الظلمات إلى النور، وبعبارته فإنها استهدفت أولاً «إنقاذ الإيمان».

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير