تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جرائم باسم الحرية: إن لم ترب الحرية بالتربية الإسلامية فستموت، ويولد مكانها الاستبداد المطلق. يا أبناء الوطن! لا تفسروا الحرية تفسيرًا سيئًا كي لا تفلت من أيديكم، ولا تخنقونا بسقي الاستعباد السابق الفاسد في إناء آخر، ذلك لأن الحرية إنما تزدهر بمراعاة الأحكام الشرعية وآدابها والتخلق بالأخلاق الفاضلة. وقد كان ما كان يخشاه فاستشرى الاستبداد في دار الخلافة عقودًا تحت دعوى التحديث والتجديد.

دحض النورسي الافتراءات، فقال: «إن أوروبا تظن الشريعة هي التي تمد الاستبداد بالقوة وتعينه. حاشا وكلا .. إن الجهل والتعصب المتفشيين فينا قد ساعدا أوروبا لتحمل ظنًا خاطئًا من أن الشريعة تعين الاستبداد. لذا تألمت كثيرًا من أعماق قلبي على ظنهم السيئ هذا بالشريعة، فكما أنني أكذب ظنهم فقد رحبت بالمشروطية باسم الشريعة قبل أي شخص. ولكني خشيت من أن يقوم استبداد آخر لتصديق هذا الظن، لذا صرخت من أعماقي، وبكل ما أوتيت من قوة في خطاب أمام المبعوثين (النواب) .. في جامع آيا صوفيا وقلت: افهموا المشروطية في ضوء المشروعية وتلقوها على أساسها، ولقنوها الآخرين على هذه الصورة، كي لا تلوثها اليد القذرة لاستبداد جديد متستر وملحد باتخاذ ذلك الشيء الطيب المبارك ترسًا لأغراضه الشخصية، قيدوا الحرية بآداب الشرع لأن عوام الناس والجاهلين يصبحون سفهاء وعصاة وقطاع طرق، فلا يطيعون بعد أن ظلوا أحرارًا سائبين بلا قيد وشرط».

منافقون في علمانيتهم: قال في المحكمة: إن حافظوا على حيادهم إزاء اللادينيين باسم الجمهورية العلمانية ومبادئها ولم يمسوهم بسوء، فلا ينبغي بداهة أن يتذرعوا بذرائع ليمسوا المتدينين بسوء.

إن الحكومة الجمهورية التي قبلت فصل الدين عن الدولة لا ينبغي لها أن تتعرض للمتدينين بسبب دينهم كما لا تتعرض للملحدين بسبب إلحادهم.

واعلموا أن وزير المستعمرات البريطاني قال قبل ما يقرب من ثلاثين عامًا: إننا لن نستطيع أن نحكم المسلمين حقًا ما دام هذا القرآن في أيديهم، فينبغي أن نسعى لرفعه وتضييعه. إن كلام هذا الكافر العنيد حول نظري منذ ثلاثين سنة إلى فلاسفة أوروبا، فأنا أجاهدهم بعد جهاد نفسي، ولا ألتفت إلى ما في الداخل، إذ أرى النقص والتقصير في الداخل هو نتيجة ضلال أوروبا وإفسادها، لذا أحتد على فلاسفة أوروبا وألطمهم لطمات تأديب، فلله الحمد، أن رسائل النور خيبت آمال أولئك الكفار العنيدين، مثلما أسكتت تمامًا الفلاسفة الماديين والطبيعيين، ولا توجد حكومة في الدنيا، مهما كان شكلها، تمنع محصولاً مباركًا لوطنها ومنجمًا عظيمًا لقوتها المعنوية مثل هذه الرسائل، أو تحكم على ناشرها.

منافقون في تقليدهم لأوروبا: إن الحرية التي يتمتع بها الرهبان في أوروبا ترينا أن أي قانون كان لا يتابع تاركي الدنيا والعاملين بقواهم الذاتية للآخرة والإيمان.

أجزم أنه لا قانون في الدنيا يقول بمنع، أو يقدر أن يمنع، كتابة الخواطر العلمية بشأن الإيمان الذي هو مفتاح السعادة الأبدية لرجل عجوز، محكوم عليه بالتغريب مدة عشر سنوات، وممنوع عن الاختلاط بالناس والمراسلة.

ولقد كتبت مرات عديدة في رسائلي إن هذا الزمان ليس زمان الطريقة، بل زمان إنقاذ الإيمان. وكثيرون جدًا يدخلون الجنة بغير طريقة، ولكن لا أحد يدخلها بغير إيمان. لذلك ينبغي العمل للإيمان.

فيم يناقض الإسلام القيم الغربية؟: سأله سائل: لِمَ ترفض الشريعة هذه المدنية؟ فأجاب: لأنها تأسست على خمسة أسس سلبية: فنقطة استنادها هي: القوة، وهذه شأنها: الاعتداء. وهدفها وقصدها: المنفعة، وهذه شأنها: التزاحم. ودستورها في الحياة: الجدال والصراع، وهذا شأنه: التنازع. والرابطة التي تربط المجموعات البشرية هي: العنصرية والقومية السلبية التي تنمو على حساب الآخرين، وهذه شأنها: التصادم، كما نراه. وخدمتها للبشرية خدمة فاتنة جذابة هي: تشجيع هوى المنفعة، وإثارة النفس الأمارة، وتطمين رغباتها وتسهيل مطالبها. وهذا الهوى شأنه: إسقاط الإنسان من درجة الملائكية إلى درك الحيوانية الكلبية. وبهذا يكون سببًا لمسخ الإنسان معنويًا. ولأجل هذا فقد دفعت هذه المدنية الحاضرة ثمانين بالمئة من البشرية إلى أحضان الشقاء وأخرجت عشرة بالمئة منها إلى سعادة مموهة زائفة. وظلت العشرة الباقية بين هؤلاء وأولئك، علمًا أن السعادة تكون

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير