تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كتاب التفسير لشيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي، وكنت أتعجب من قبل كيف يكتب هذا الكتاب رجل كهذا، فإني أقف فيه على فوائد لا أجدها في غيره، ورد إشكالات في الآيات بردود عجيبة قد لا تجدها لغيره أيضاً، وكنت أقول في نفسي: لعله كان صالحا ثم غرته الدنيا.

ثم استبان لي من مصدر موثوق جداً، أن أصل الكتاب كان رسالة للدراسات العليا لأحد الطلبة لسورة البقرى والعمران بإشراف طنطاوي، ثم وحهه لإكماله ثم نسبه لنفسه، وهذه ليست المرة الأولى.

فقد طبعت مكتبة التوفيقية نيل الأوطار بتحقيق طنطاوي، وكنت تعجبت جدا لذلك، ثم اعترف صاحب المكتبه نفسه - لما انصرف الناس عن الكتاب بسبب استغرابهم- أنه هو الذي وضع اسم طنطاوي على الكتاب لرواجه، أما صاحب التحقيق الحقيقي فهو عماد البارودي.

وأرجو من صاحب كتاب تفسير الطنطاوي إذا اطلع على هذا أن يشارك بتفاصيل القصة الحقيقية لهذا التفسير ويبادر بذكر اسمه فجزاه الله خيرا.

ولذلك فإني أرشد إخواني أن ينتفعوا بهذا الكتا بالمنسوب لطنطاوي والا يصرفهم نسبته إليه ما فيه من علم فهو حقا من أفضل كتب التفسير المعاصرة المشهورة لعلماء أجلاء مشهورين وخآصة أنه يعرض إشكالات قد يفهما الإنسان من الآية ويردها بكل بساطة، مثال ذلك:

قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)

قال المؤلف:

قال الآلوسى: روى عن غير واحد أنه كانت الحرة والأمة، تخرجان ليلا لقضاء الحاجة فى الغيطان وبين النخيل، من غير تمييز بين الحرائر والإِماء، وكان فى المدينة فساق يتعرضون للإِماء، وربما تعرضوا للحرائر، فإذا قيل لهم قالوا: حسبناهن إماء، فأمرت الحرائر أن يخالفن الإِماء فى الزى والتستر فلا يطمع فيهن. .

وقوله: {يُدْنِينَ} من الإِدناه بمعنى التقريب، ولتضمنه معنى السدل والإِرخاء عُدِّىَ بعلى. وهو جواب الأمر، كما فى قوله - تعالى -: {قُل لِّعِبَادِيَ الذين آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصلاة. . . .}.

والجلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب يستر جميع البدن، تلبسه المرأة، فوق ثيابها.

والمعنى: يأيها النبى قل لأزواجك اللائى فى عصمتك، وقل لبناتك اللائى هن من نسلك، وقل لنساء المؤمنين كافة، قل لهن: إذا ما خرجن لقضاء حاجتهن، فعليهن أن يسدلن الجلابيب عليهن، حتى يسترن أجسامهن سترا تاما، من رءوسهن إلى أقدامهن، زيادة فى التستر والاحتشام، وبعدا عن مكان التهمة والريبة.

قالت أم سلمة - رضى الله عنها -: لما نزلت هذه الآية، خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها.

وقوله: {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ} بيان للحكمة من الأمر بالتستر والاحتشام.

أى: لك التستر والاحتشام والإِدناء عليهن من جلابيبهن يجعلهن أدنى وأقرب إلى أن يعرفن ويميزن عن غيرهن من الإِماء، فلا يؤذين من جهة من فى قلوبهم مرض.

قال بعض العلماء: وقد يقال إن تأويل الآية على هذا الوجه، وصرها على ال حرائر، قد يفهم منه أن الشارع قد أهمل أمر الإِماء، ولم يبال بما ينالهن من الإِيذاء من ضعف إيمانهم، مع أن فى ذلك من الفتنة ما فيه، فهلا كان التصون والتستر عاما فى جميع النساء؟

والجواب، أن الإِماء بطبيعة عملهن يكثر خروهجن وترددهن فى الأسواق، فإذا كلفن أن يتقنعن ويلبسن الجلباب السابغ كلما خرجن، كان فى ذلك حرج ومشقة عليهن، وليس كذلك الحرائر فإنهن مأمورات بعدم الخروج من البيوت إلا لضرورة ومع ذلك فإن القرآن الكريم قد نهى عن إيذاء المؤمنين والمؤمنات جميعا - سواء الحرائر والإِماء، وتوعد المؤذين بالعذاب المهين، والشارع - أيضا - لم يخطر على الإِمام التستر والتقنع، ولكنه لم يكلفهن بذلك فدعا للحرج والعسر، فللأمة أن تلبس الجلباب السابغ متى تيسر لها ذلك. .

هذا، ويرى الإِمام أبو حيان أن الأرجح أن المراد بنساء المؤمنين، ما يشمل الحرائر والإِماء وأن الأمر بالتستر يشمل الجميع، وأن الحكمة من وراء هذا الأمر باسدال الجلابيب عليهن، درء التعرض لهن بسوء من ضعاف الايمان.

فقد قال - رحمه الله -: والظاهر أن قوله: {وَنِسَآءِ المؤمنين} يشمل الحرائر والإِماء، والفتنة بالإِماء أكثر لكثرة تصرفهن، بخلاف الحرائر، فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح. . {ذلك أدنى أَن يُعْرَفْنَ} لتسترهن بالعفة فلا يتعرض لهن، ولا يليقين بما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت فى غاية التستر والانضمام لم يقدم عليها بخلاف المتبرجة فإنها مطموع فيها.

ويبدو لنا أن هذا الرأى الذى اتجه أبو حيان - رحمه الله - أولى بالقبول من غيره، لتمشية مع شريعة الإِسلام التى تدعو جميع النساء إلى التستر والعفاف.

ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله: {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} أى: وكان الله - تعالى - وما زال واسع المغفرة والرحمة لمن تاب إليه توبة صادقة مما وقع فيه من أخطاء وسيئات.اهـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير