تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - قيام حركتين سنيتين سلفيتين على غرار حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في أقطار قريبة من المغرب، وانتقال أخبارهما إليه، وتردد أصدائهما في أنحائه. والحركتان هما:

1 - حركة الشيخ أبي عبد الله محمد علي السنوسي (ت 1276 هـ). وكان تلقى العلم بحلقاته العامرة في جامع القرويين بفاس، ثم رحل إلى بلاد المشرق للطلب والتحصيل. وألقى عصا التسيار في الحجاز حيث قيض له أن يجتمع في مكة، بعد أن دخلها الأمير سعود ابن عبد العزيز ونشر بها دعوة الشيخ، بعدد من أبناء الشيخ وتلاميذه فأعجب بها وتأثر بمبادئها، وأعلن دعوته للإصلاح الديني وفق مذهب أهل السنة والجماعة مسترشداً في ذلك بمنهج الأصلين وهديهما ([15]).

2 - حركة الشيخ أبي محمد عثمان بن محمد المعروف بابن فودي (ت 817 هـ) وقد كانت بلاده التكرور، على ما أسلفنا الإشارة، مسرحاً للبدع والضلالات في العقيدة والعبادة فـ (قام هذا الشيخ يدعو إلى الله وينصح العباد في دين الله، ويهدم العوائد الرديئة، ويخمد البدع الشيطانية، ويحيي السنة المحمدية، ويعلم الناس فروض الأعيان، ويدلهم على الله ويرشدهم إلى طاعته، ويكشف لهم ظلم الجهالات، ويزيل لهم الإشكالات ( ... ) فسارع إليه الموفقون وحمد إليه السعداء المهتدون، فجعل الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، وترادفت إليه الوفود أمواجاً) ([16]). وقد أشاد أحد شعرائهم بحركة الشيخ ابن فودي وجهاده في إحياء السنة وإماتة البدعة ببلاد التكرور والسودان بعامة، فقال:

فأزاح عنا كل أسود دجدج

عثمان من قد جاءنا في ظلمة

بشرى لأمة أحمد ببلادنا السودان في هذا الزمان المبهج

أخمدتها جمراً ذكا بتأجج

كم سنة أحييتها وضلالة

واسود وجه الكفر بعد تبلج

فابيض وجه الدين بعد محاقه

والبدعة السوداء ليل يدج

فالسنة الغراء صبح ينجلي

والدين في درع يميس مدبج

طمست معالمها وأخلق ثوبها

عين الحياة تذل ماء الحشرج ([17])

وتفجرت للدين من بركاته

وقد انتهت أخبار حركة الشيخ عثمان بن فودي وجهاده إلى سلطان المغرب المولى سليمان يرحمه الله فسارع بالكتابة إليه معرباً عن إعجابه بدعوته ومفصحاً عن محبته له.

ونقتطف من رسالة المولى سليمان إلى الشيخ ابن فودي ما يدل على انتشار دعوة هذا الشيخ الشنية السلفية في بلاد السودان والمغرب ( ... إلى السيد الذي فشا في أقطار السودان عدله، واشتهر في الآفاق المغربية ديانته وفضله، العلامة النبيه، العديم في زمانه الشبيه، ذي النورين العلم والعمل، اللذين هما منتهى الأمل، السيد عثمان بن محمد بن عثمان بن صالح الفلاني، نفع الله بعلومه القاصي والداني، وسلام منا عليه ما اشتد شوقنا إليه، ورحمة من الله تغشاه، حتى لا يخشى إلا الله {والله أحق أن تخشاه}. وبعد، فقد بلغنا من الثناء عليك والتعريف بأحوالك وأفعالك وأقوالك ما أوجب محبتنا لك، وتسليمنا عليك ( ... ) أخبرنا بما قمت به من الأمر الواجب، من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي له نصب الرسول والأمير والوزير والحاجب حتى دخل الناس في دين الله أفواجاً، وترادفت عليك وفود الإسلام أمواجاً ( ... ) وهذا من أعظم منح الله، وأتم النعم، كما يشهد الحديث ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) ([18]).

وأما ماذاد الدعوة وصدها فيمكن تمثله في عاملين إثنين:

أولهما انتشار الزوايا، وتعدد الطرق الصوفية، واتساع نفوذها في المجتمع، واشتداد سلطتها عليه. وقد اكتسبت ذلك بمرور الأعوام، وسيطرة الجهالة على العقول، وهيمنة الشعوذة على النفوس.

ومن أحسن ما وقع لنا في تصوير ذلك قول صاحب كتاب (تعظيم المنة بنصرة السنة) المؤرخ الشهير أحمد الناصري:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير