والذي يقول عنه رسو في المذكرة المرفقه بتقريره الذي نشره الدكتور آل زلفة (انظر بحثه ص 165) (وستجد يا صاحب المعالي أقل مجال للشك في صحة ما ورد عن الوهابية ونفوذهم، والملاحظات التي يُحصل عليها لأول مرة معتمداً على خطيب الأمير سعود - والذي سبق أن عرفته في تقريري) من على ضفاف الفرات - والموجود حالياً في حلب.
ولعل قدومه إليها للمسارعة في إعادة بعض المواد أو الأشياء التي سرقها بعض عرب الصحراء (البدو) من تجار تلك المدينة.
بالإضافة إلى هذا قمت بوضع خارطة للدرعية وضواحيها، رُسِمت على مرأى من الخطيب نفسه، وهو المصدر الذي استقيت منه هذه المعلومات بناء على موافقته.
ويتحدث روسو في مذكرته عن وجود تاريخ عام عن أصل الوهابية وتطورها يتكون من جزئين متوسطي الحجم، يقال إن مؤلفه واحد من أعقل خطبائهم، ويعد في الوقت نفسه واحداً من أثمن الأعمال التي لم يستطع أحد الآن العثور عليه في أي مكان من آسيا.
لقد طلبت يا صاحب المعالي من الخطيب المشار إليه أعلاه أن يكتب لي على راحته عملاً موثقاً ومماثلاً للنسخة الأصلية لذلك التاريخ المفقود، وبمجرد أن يصبح في حوزتي سأوليه أهمية خاصة وسأقوم بترجمته أو على الأقل بتحليله، وعند الانتهاء سأبعثه إليكم.
ويقول الدكتور آل زلفة في حاشية الصفحة (166) من بحثه: إن هذا ما جعله يعتقد أن المخطوطة المجهولة المحفوظة في المكتبة الوطنية في باريس، التي حققها الدكتور العثيمين وطبعتها الدارة ربما تكون تلك التي أملاها ذلك الخطيب وبعثها روسو فيما بعد إلى وزير الخارجية الفرنسية ثم حلت أخيراً في المكتبة الوطنية في باريس.
إن ما نشره الدكتور آل زلفة هو في واقع الأمر حالة أولى من البحث والتأليف في موضوع التأليف عن الوهابية، والحالة الأخيرة هي ما نشره روسو في كتابه الذي نشر في 1818م وكان الحالة الأخيرة من تأليفه في هذا المجال، وهي حالة بينت لنا كثيراً من الأمور التي كانت خافية أو مضطربة.
أما حديث روسو عن خطة للقضاء على الحركة الإصلاحية في عقر دارها فهو ما ذكره قبله جان ريمون ونجد تفصيله في الكتاب الذي نشرته الدارة بترجمتنا ومراجعة شيخنا أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري، (التذكرة في أصل الوهابيين ودولتهم) بل إن ريمون يقول في (الصفحة 101): إنه كتب مذكرة عن هذا الموضوع في عام 1805م خلال إقامته في حلب بناء على طلب من السيد روسو الابن.
أما ما ذكره الدكتور العجلاني رحمه الله من أن روسو قارن في كتابه هذا بين الوهابية والإسماعيلية والنصيرية ليظهر اختلافها عنهما خلافاً لبعض المؤلفين العثمانيين فهو قول يدل أنه لم يطلع على الكتاب لأن روسو لم يقم بأي مقارنة، وإنما نشر في كتابه هذا تذكرة عن الطائفتين كان أرسلهما منفصلتين إلى باريس عام 1810م، وأعاد نشرهما في الكتاب مع بعض التعديل.
إن المصادر الفرنسية، كلما تقدمنا في الحصول عليها والنظر فيها، ما زالت تبوح لنا بكثير من الأسرار عن تاريخ الدولة السعودية الأولى ودعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية؛ مما يضيء كثيراً من الأمور الغامضة، ويدقق بعضها الآخر المضطرب، وسيحتوي كل هذا كتابنا الذي يشغلنا تأليفه هذه الأيام بالعربية والفرنسية.
منقول
http://www.al-jazirah.com.sa/113808/wo2d.htm