ثالث القضايا التي يلقي عليها هذا الكتاب ضوءاً هي المعلومات التي نشرها الدكتور محمد آل زلفة في بحثه (الدولة السعودية الأولى في عهد الإمام سعود الكبير 1218 - 1229هـ - 1803 - 1814م، العاصمة والحكومة والسكان كما وردت في تقارير جوزيف روسو القنصل الفرنسي في حلب) (مجلة الدرعية، السنة الأولى - العدد الأول، محرم 1419هـ - مايو 1988م، ص 145 - 170).
يقول الدكتور آل زلفة في بحثه المذكور (ص148): (وما يهمنا في هذه العجالة هو نشر مقتطفات من تقارير لقنصل فرنسا العام في حلب السيد جوزف روسو، وهي تقارير عثرت عليها ضمن محفوظات أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية).
أول هذه التقارير كتب في بغداد في شهر نوفمبر من سنة 1808م، وهو يلقي الضوء على بداية قيام الدعوة وطبيعتها وتطورها وانتشارها ملحقاً به خارطة للدرعية العاصمة الأولى وبيان بأسماء المقاطعات والحكام التابعين لحكومة الأمير سعود الكبير.
ومعلومات عن المدينة نفسها، أما الخارطة والمعلومات الأخرى فكتبها عند عودته إلى مقر قنصليته في حلب مستقياً معلوماته ممن سماه بخطيب مسجد الأمير سعود الخاص والذي يذكر أنه قابله في حلب.
وبمقارنة ما ورد من معلومات في تلك التقارير وما في كتاب روسو وجدنا أن التقارير هي المعلومات في حالتها الأولى، ويبدو أن روسو نسقها بعد ذلك ونشرها في كتابه كما يقول روسو نفسه.
وقد وجدنا الدكتور عويضة بن متيريك الجهني في بحثه (كتاب موجز لتاريخ الوهابي) للسير هارفرد جونز بريدجز، المنشور في مجلة الجمعية التاريخية السعودية، العدد السابع، السنة الرابعة 1423هـ - 2003م، ص129 - 130، و138 يقول: (من أبرز الكتاب الأوروبيين الذين نقلوا أخبار الدعوة الإصلاحية بشيء من التفصيل إلى أوروبا السيد جان باتيست روسو الذي شغل منصب القنصل العام الفرنسي العام في بغداد ثم في حلب، والذي نشر كتابه (الصواب نبذته) ملاحظات تاريخية على الوهابيين في عام 1804م (1219هـ) ثم أعاد نشره ملحقاً بكتابه الآخر (وصف باشوية بغداد) في باريس عام 1809م (1224هـ).
بل إن السيد روسو صور الدعوة الإصلاحية بأنها حركة مناهضة للإسلام وخارجة عن العقائد الدينية، وشبهها بحركة القرامطة، مردداً بذلك الاتهامات التي كان العثمانيون وولاتهم ينسبونها لأهل الدعوة.
ولا بد أن السير بريدجز قد قرأ هذه المؤلفات الفرنسية لأنه وجه انتقاداً لاذعاً إلى السيد روسو بسبب الأخطاء الفادحة التي وردت في مؤلفاته.
وأحال الدكتور الجهني إلى كتاب كيلي، بريطانيا والخليج العربي في نصه الإنجليزي، ص48 - 49، وإلى كتاب بريدجز في نصه الإنجليزي أيضاً، ص 109 و112؛ وقال: وقد عدَّل روسو من بعض آرائه في عام 1811م (1226هـ) حين نشر مقالته: وصف الأقاليم التي يسيطر عليها الأمير سعود، الأمير الحالي للوهابيين.
وفي الكلام خلط بين روسو وكورانسيه لأن ناشر النبذة عن الوهابيين عام 1804م هو كورانسيه نشرها في صحيفة المونيتور ثم جاء روسو ونشر نبذة عن الوهابيين في تالي كتابه وصف ولاية بغداد عام 1809م فاتهمه كورانسيه بأنه سطا على ما كان نشره من قبل، ثم ظهر كتاب كورانسيه تاريخ الوهابيين منذ النشأة حتى عام 1809م (1224هـ) في عام 1810م في باريس.
أما ما ذكره عن تعديل روسو بعض آرائه في مقالة نشرها عام 1811م (1226هـ) فقد كان ذلك في عام 1811م في المجلة الموسوعية كما يصرح ذلك روسو في مقدمة كتابه هذا عن الفرق الإسلامية الثلاث الذي طبع عام 1818م.
وروسو لم ينشر كتابه وصف ولاية بغداد، وإنما نشره سلفِستر دوساسي.
أما خطيب مسجد الإمام سعود الذي أشار إليه الدكتور آل زلفة فقد نقل عنه روسو كما يقول في كتابه (ص23) اللوحة التي تضمنت الحديث عن البلاد التابعة للأمير سعود الأمير الحالي للوهابيين كما يقول (1818م)، ويتلو ذلك نبذة قصيرة عن شخصية الأمير العربي المذكور التي استقى معلوماته فيها عن إمامه أو مرشده (استخدم روسو كلمة إمامه (إمام بالعربية) ثم ترجمها إلى الفرنسية بمصطلح يعني في العربية: مرشده، الذي جاء إلى حلب في شهر سبتمبر - أيلول عام 1809م.
¥