تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثانياً: مِن المعلومِ مِنْ طُرُقِ التَّأَكّد من تَسْمِيَةِ الكتاب وصحة نِسبته إلى مُؤَلِّفه قراءةُ مقدِّمة الكتاب، إذْ أنه في الغالب يُصَرِّحُ المصنِّف باسم الكتاب وسبب تأليف، ولكن خطبة الكتاب ليست موجودة في المخطوط؛ لأنه قد فُقِدَ منهُ أوَّلهُ، لكن مِن فَضْلِ الله، وعظيم صُنعِهِ لهذا الإمام أنَّ خُطبَةَ الكتاب محفوظةٌ عند ابن عبد الهادي! فقد ذكرها كلها في «العقود الدرّية» وليسَ فيها أيُّ إشارة للنسفي أو لكتابه أو أنه سيرد على فلان من الناس وإنما فيها الكلام على الجدل عموماً كما قال رحمه الله: « ... فلِذلكَ آخُذُ في تمييز حقِّهِ مِن باطِلهِ، وحالِيهِ (4) مِن عاطِله، بكلامٍ مختصر مُرتجل، كتبهُ كاتِبهُ على عجل .. » (5).

ثالثاً: جميعُ مَن ذَكَرَ كِتاب ابن تيمية «تنبيه العاقل» لم يذكروا أَنَّهُ رَدَّ على النسفي، أو تَعَقَّبَهُ في كتابه، أو حتى تعرض له ولو حتى بإشارةٍ يسيرة، وهم: ابن عبدالهادي، والصفدي، وابن شاكر الكتبي، وحاج خليفة [انظر: التنبيه 1/ 25].

فهذا –مثلاً- «بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية» لابن تيمية ذَكَرَ أَهْلُ العِلم ومَن تَرجم لابن تيمية أنه رَدٌّ على الرازي ونَقْضٌ لكتابه «التأسيس»، و «منهاج السنة» ذكروا أن المقصود بالرد هو ابن المطهر الرافضي كما صرح بذلك: البزار، والصفدي، وابن كثير، وابن شاكر الكتبي، والشيخ مرعي الحنبلي (6)، هذا فضلاً عن المؤلف نفسه فقد ذكر الرازي وابن المُطَهّر في كِتَابَيْه؛ هذا فَضْلاً عن الكتب التي عنوانها يُظهر مضمونها كـ «الإخنائية» و «الرد على البكري». وحتى الكتب التي شرحَ فيها بعض المتون أو نَقَضَهَا ذَكَرُوا مَن صاحِبُ الكتاب ككتاب: «شرح عقيدة الأصفهاني»، و «شرح مسائل الأربعين» للغزنوي، و «المسائل الإسكندرية» التي ردَّ فيها على ابن سبعين والأمثلة عليه كثيرة جداً (7).

رابِعاً: لم يذكر أحدٌ ممن ترجم للنسفي أن ابن تيمية شرح كتابه أو ردَّ عليه أو تعقبه في أشياء لا سيما الذهبي، ولو كان كتابه رَدٌّ على النسفي لذكر ذلك الذهبي في ترجمته للنسفي وأشاد به.

خامساً: الغريب في الأمر أن النسفي هذا ليس لَهُ ذِكْرٌ - فيما اطَّلعتُ عليه - في كتب ابن تيمية.

سادِساً: من أصول التوثيق للكتاب النظرُ فيمن ذَكَرَ الكتاب من العلماء أو استفاد منه حتى يتمّ توثيق الكتاب على أكمل وجه، والذي حصل من المحَقِّقَيْن هو هذا! فَبَحَثَا عَمَّن نَقَلَ عن المؤلف أو استفاد منه فَوَقَفَا على ثلاثة من العلماء -كما ذكرَا- وهُم: ابن القيم، وابن عبدالهادي (744هـ)، والمرداوي (885هـ) (8) والأخيران كِلاهما نقل عن ابن تيمية من كتاب «التنبيه» لكن النَّصّ غير مَوْجُود في الكتاب الذي بين أيدينا!! واعتذر المحققان بأنَّ نَقْلَ ابن عبدالهادي كان هو عبارة عن خطبة الكتاب والخطبة مفقودة لأن النسخة الخطية ناقصة مِن أولها! وحتى يستقيم لَهُمَا هذا الاعتذار ويخرُجا مِن هذا المأزق قالاً في نقل المرداوي (1/ 33) (9): «ويبدو أن هذا الاقتباس من أوائل التنبيه، وأوائله ساقطة من نسختنا كما سلف»!!

سابعاً: مَعْرِفَةُ القَدْرِ العِلْمِي للمؤلف مما يُسْعِفُ في تحقيقِ ِنِسْبَةِ الكتاب (10)، والكتاب -تنبيه العاقل - وصَفَهُ ابن عبد الهادي بأَنَّهُ: «مِن أحسَن الكُتب وأكثرها فوائد» وهذا الكتاب الذي بين أيدينا جَدَليٌّ قليل الفوائد بالنسبةِ لِما عُرفت به كتب ابن تيمية رحمه الله، ويزيده توضيحاً ما بعدهُ:

ثامناً: الكتاب يخالف تماماً نَفَس ابن تيمية السلفي الأثري المعروف في سائر كتبه، قال الشيخ محمد عزير شمس في تحقيقهِ لـ «قاعدة في الاستحسان» لابن تيمية صفحة (22): «منهج المؤلف فيه: للمؤلف منهج متميِّزٌ لا يَحِيدُ عنه في جميع مُؤَلَّفَاته، فهو يَعْتَمِدُ على الكتاب والسنة وأقوال السلف في الكلام على أيِّ مسألةٍ، سواءٌ كانت في العقيدة أو الأصول أو المصطلح أو التفسير أو الفقه أو غيرها».

أقول - قوله إن ابن تيمية له منهج لا يحيد عنه في كل كتبه: «فهو يعتمد على الكتاب والسنة» -: أين هذا المنهج في هذا الكتاب الذي نشره الأخ محمد عزير - «تنبيه العاقل»! فإنَّ هذا الاعتماد لم نره في هذا الكتاب وإليكَ البيان:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير