- ويبدو أنه وضع في كتابه هذا كتباً: مثل "تشنيف الأسماع"، وربما "علماؤنا في بيروت"، و"تاريخ علماء دمشق" (أو كمًّا كبيراً منه) لكنه كان يشير إليه باستمرار، على هيئة ما يشير إلى مصادر المصدر الذي ينقل منه!
بعد هذا البيان والأمثلة القليلة التي تثبت في الذاكرة شيئاً، أذكرك - يا أخي المؤلف- بما قلته في مقدمة "نثر الجواهر"، الذي يعتبر مقدمة لـ"عقد الجوهر" أيضاً: "لقد رجعت لعدد كبير من المصادر لإعداد هذا الكتاب، كما اجتمعت ببعض أصحاب التراجم واستمعت منهم إلى تراجمهم ... ".
ثم ذكرت المصادر العامة التي اعتمدت عليها، كالأعلام للزركلي، وقلت إثره: وقد صدرت له تتمة جمعها محمد خير رمضان بن يوسف [الصحيح محمد خير بن رمضان يوسف كما في آخر الكتاب] من الفترة [1397 - 1415هـ]. ولا يفهم من هذا التعبير أنه من مصادرك. وذكرت كتباً أخرى.
ثم ذكرت المصادر المتخصصة، وهي كثيرة، منها أعلام القصيم، ورجال من القصيم، وعلماء من الرس، ومن أدباء الطائف المعاصرين، والفهرست المفيد في تراجم أعلام الخليج، ولمحات عن الإسلام في نيجيريا ...
وذكرت من كتب المؤلفين "تكملة معجم المؤلفين" الذي ألفه صاحب التتمة نفسه، لكني لم أرك أشرتَ إليه في هوامشك ألبتة!! وقد يزيغ البصر عما هو قليل.
وذكرت أنك حاولت قدر الإمكان استيفاء جميع ما يتعلق بحياة المترجم- حسب ما تسعفك به المصادر- وأنها لذلك قد تتفاوت طولاً وقصراً وتوسطاً واختصاراً، وأنك تضيف إليها من سائر المصادر ... لكن لم أعرف هذا في منهجك كما قلت، بل تأخذ الترجمة كاملة مما قرب منك أو من المصدر الأوسع، ولم تضف إلى مئات التراجم التي أخذتها من "تتمة الأعلام" شيئاً إلا ما لا يذكر لقلَّته، مع أن الكتب التي نقلتها منها فيها ما هو أطول، وذكرت في مقدمتك أنها من مصادرك. فهل شعرت بالخلل الذي توجهت به إلى القارئ في كلامك؟؟.
وقلتَ: حاولت الحصول على المصادر المتخصصة بتراجم كل بلد، وأنك سعيت جهدك ألا تغفل منه شيئاً. وكلامك هذا كما ترى يا أخي الكريم، ولم تكن مكرهاً على قوله، فإن هذه الكتب موجودة، وفي المعارض تحصِّل أكثر، والقارئ المسلم يحب الصدق والتواضع.
ومن المؤكد أنك لم تعتمد على المصادر كلها، بدليل أنك لم تورد الوفيات التي لا تخص التتمة منها، وفيها وفيات علماء كثر كما قلت أكثر من مرة.
ولنذكر كتاب "الفهرست المفيد في تراجم أعلام الخليج" الذي زعمتَ في المقدمة (ص 29) أنه من مصادرك، وأنا متيقن أنك لم تنقل منه ترجمة واحدة، وإذا قلتُ إنك لم تره أيضاًلم أبتعد عن الحق، فإن مؤلفَ المصدر المذكور شيعي، ومعظم التراجم التي أوردها فيه من الشيعة، وأنت لا تذكر مصادر الشيعة ولا تورد تراجمهم. ومع ذلك أحببتُ التأكد مما إذا كنتَ نقلتَ منه تراجم لعلماء السنة من غير وفيات التتمة، فلم تورد ترجمة أحمد بن محمد الفارس (ت 1354 هـ) ولا ترجمة أحمد بن محمد القطان (ت 1327 هـ) ولا ترجمة ثاني بن منصور الراشد (ت 1395 هـ) ... الخ. فالمصدر المذكور هو من المصادر الحقيقية لكتابي تتمة الأعلام وليس كتابك، وهو مثل مصادر أخرى ذكرتَ أنك اعتمدتَ عليها ولم تصدق.
فهل أنت صادق مع الله، ومع نفسك، ومع القارئ، يا أستاذ يوسف، إذا قلت في المقدمة إنك اعتمدت على كذا وكذا من المصادر ولم ترها ولم تعتمد عليها! وإذا حاسبك الله تعالى على ذلك هل تعلم كثرة ما ستحاسب عليه، يعني من حيث إنك قلت كذا ولم تفعله؟
ولذلك، فإن ما أنصحك به يا أخي في الإسلام، أن تذكر في الطبعة الثانية من الكتاب تبرؤك مما قلته سابقاً، وأن تشير إلى المصدر الذي تنقل منه مباشرة، وتقول في الهامش: ومصادره هي كذا وكذا، أو لا تذكر مصادره، فإن المصدر الذي تنقل منه هو المسؤول عما أوردوه ... من أجل الدين أولاً، فإن ديننا يأمر بالأمانة، وإن الإسناد من الدين، والتوثيق -يعني إسناد المعلومة إلى أهلها أو مصدرها- من الأمانة والورع، وإسناد الفضل إلى أهله من الأمانة. ثم من أجْلك يا أخي الكريم، فإنه أحرى بمن اتصف بسمة العلم في الإسلام ولبس لباس أهله، وليس هذا بعار عليك ألبتة، بل هو دالٌّ على نبلك وفضلك إن فعلت.
¥