أستميحك العذر إذا ما تأخرت عليك في الرد، فأسئلتك ما شاء الله بحاجة إلى قراءة متأنية، وأجوبة مطولة، والوقت ليس باليد دائماً، ولكن كن على ثقة أنني لن أهمل الرد.
ولا بد لي بدايةً أن أعتذر لك عمّا فهمتَه من حديثي بأنني ربما كنتُ أُعرّض بك في حديثي عن أولئك الذين لديهم حاجات في أنفسهم، ولو كنتَ مقصودي لترفّعتُ عن الإجابة وكفى، وإنما قصدتُ بعض الدراسات الحديثة التي راحت تبرر تلك الشذوذات، لتمرير بعض أخطاء شعرائهم الحداثيين، الذين خلطوا بين التفاعيل.
أكرر لك يا أخي بأن لدينا إرث شعري كبير جداً، نعتمد عليه، واعتمد عليه الخليل في التقعيد، ومع أنه لم يأتِ من دار أبيه بشيء كما جاء على لسانك، فقد أتى رحمه الله بما لم تأتِ به الأوائل، وإنّه لشيء عظيم وكثير.
وسواء أكان هذا الإرث الشعري رجزاً أم قصيداً، فإن الحديث عن بداياته رجم بالغيب وضرب من التخمين، ذلك أن ما لدينا من شعر يكاد أن يكون كاملاً في معظمه، ولو أنّ بين يدينا شيئاً عن إرهاصات الشعر الأولى لاستطعنا أن نتكلم فيه، وأن نشبعه بحثاً ودراسة. ولذلك فالاحتمالات التي أقول بها أنا، أو تقول بها أنت، أو يقول بها هو، واردة هنا، ولكنها رجم بالغيب.
لك أن تعتقد يا سيدي ما تشاء في بدايات (مستفعلن ومتفاعلن)، ولكن ما بين أيدينا من إرث شعري ضخم، لا بد أن يعني لي (أنا شخصياً) أن في قصيدة المرقش وغيره خلل ما، مصدره الشاعر أو الرواة، لا فرق.
إن خللاً واحداً في جزءٍ من قصيدة واحدة، لشاعر يمتلك رصيداً باهراً من عالي الشعر أوزاناً ولغةً ومعانٍ وتراكيب .. لن تردّني إلى التفكّر في أنها من بقايا نشأة الشعر ..
والشعراء الأميون الذين لم يسمعوا بالخليل ولا بقواعده، وهم ينظمون الشعر حتى اليوم سليقةً وبديهةً وموهبة، اعتماداً منهم على الأذن الموسيقية الحساسة، والذوق العالي، لدليل عندي على أن الشعرَ العربي خلق قوياً، سليماً، معافى.
وأخيراً، ألفت انتباهك الكريم إلى أن لامرئ القيس قصيدة على بحر المخلّع كقصيدة ابن الأبرص، جاء فيها الخلل مطلعها:
عيناكَ دمعهما سجالُ ** كأنّ شأنيهما أوشالُ
ومنها:
ناعمةٌ نائمٌ أبْجلُها ** كأنّ حارِكَها أُثالُ
تُطعمُ فرخاً ساغباً ** أضرّ به الجوعُ والإحثالُ
ولعلّ ذلك مردّه إلى أن بحر المخلّع لم يكن قد استقر وزنه بعد.
أخي الكريم
أراح الله بالك، وشفى غليلك
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[07 - 11 - 2006, 07:59 ص]ـ
وزنا من الخبب وآخر من الرجز، فمعذرة.
لم أفهم ماذا أردت بهذه الإضافة!!
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[07 - 11 - 2006, 10:24 ص]ـ
لم أفهم ماذا أردت بهذه الإضافة!!
أستاذي الفاضل،
الإضافة تصحيح لما ورد في مقالتي عن جدتي من انها كانت تقول من الخبب او المتدارك، والصحيح أو الرجز.
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[07 - 11 - 2006, 10:50 ص]ـ
ولعلّ ذلك مردّه إلى أن بحر المخلّع لم يكن قد استقر وزنه بعد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
أستاذنا الفضل د. عمر مخلوف،
شكر الله لك جهدك، وأثابك على علمك.
قولك أن المخلع ربما لم يكن قد استقر وزنه بعد، هو ما اسعى إليه، وبهذا ينتفي عن امريء القيس الخطا في الوزن، وأن السبب في ذلك هوعدم استقرار الوزن، فلماذا لا ينطبق ما خمنتَه على شعر المرقش؟.
بالنسبة لي، اعتدت على اعتبار الإيقاعات الموسيقية، وبالذات الشرقية، على انها الأخ الشقيق لأوزان الشعر العربي، وبما انني حصّلتُ بعضا من الخبرة المتواضعة في الموسيقى فإنني اعتمد ذلك في إدراكي لأوزان الشعروليس عن خبرة تعود إلى دراسة اكاديمية رسمية، لذلك أرجو ان تعذرني إن لم اكن احسنتُ في طرح خواطري.
أرجو ان تظل لنا ذخرا وملجأ نأوي إليه كلما عنّت لنا أمور تتعلق بهذا العروض الذي نرجو الله ان لا نُحرمه وأن لانُحرم امثالك في العلم والتواضع.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[07 - 11 - 2006, 12:35 م]ـ
أخي الكريم
حياك الله
أنا لم أنفِ أي احتمال وإنما قلت: ((ولذلك فالاحتمالات التي أقول بها أنا، أو تقول بها أنت، أو يقول بها هو، واردة هنا، ولكنها رجم بالغيب)).
ولكننا أمام أمر واقع اليوم، يحتم علينا القول بالخلل في قصيدة مرقش، أو امرئ القيس أو عبيد بن الأبرص .... إلخ فلا يكون للمغرضين أي مبرر في التذرع بمثل هذه الأخطاء، والتي لا تُشكل من جسم الشعر العربي إلا بمقدار شعرة منه
ألقاك على خير
أنت ومن تحب أيها الفاضل
ـ[أبو-أحمد]ــــــــ[09 - 11 - 2006, 12:01 ص]ـ
أخي الفاضل د. مخلوف،
لم اقصد ان انتهز كلماتك عن مخلع البسيط بأنه ربما لم يكن قد استقر بعد عند كلامك عن امريء القيس، بل إنها عبارة صدرت مني وكأني اكلم نفسي، وليس بالضرورة انها دليل على ما اظنه، وكل ما في الأمر كان تساؤلات خطرت لي، وقد تفضلت بالإجابة عليها مشكورا.
حفظك الله ولا حرمنا من علمك وأدبك الجمّ.
¥