التسكين في غير الرويّ
ـ[الباز]ــــــــ[15 - 10 - 2009, 11:09 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
وقفت على هذا البيت في ديوان ديك الجن:
خيارُ لَوْنٍ قَدْ أَتى=أَبيضْ تَرى مِنهُ العَجَبْ
نلاحظ أن الوزن لا يستقيم إلا بتسكين الضاد في كلمة أبيض ..
فما رأي أساتذتنا الكرام؟؟
هل هو تصحيف كما رجّح محقق الديوان؟؟
أم أن هناك من الأقدمين مَنْ جاء بمثل هذا؟؟
(مما يفتح الباب أمام ضرورة شعرية لا نعرفها -مع أني لم أستسغها-)
وشكرا ..
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 01:29 ص]ـ
حذف الإعراب، ضرورة شعرية، ولكنها ليست حسنة ..
ويمثلون لها بقول امرئ القيس:
فاليومَ أشربْ غير مستحقِبٍ=إثْماً من اللهِ ولا واغِلِ
ويُنسب إلى أبي نُخيلة قوله:
إذا اعْوَجَجْنَ قلتُ صاحِبْ قَوِّمِ
بالدَّوِّ أمثالَ السفينِ العُوَّمِ
وإن كان لهذين المثالين روايتين أخريين تخرجانهما عن هذه الضرورة.
وربما كان هنالك أمثلة أخرى لا تحضرني
دمتَ بودٍّ أخي الباز
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[16 - 10 - 2009, 03:32 ص]ـ
الشاهد الرابع والثلاثون بعد الستمائة
وهو من شواهد س: السريع
فاليوم أشرب غير
مستحقبٍ ... إثماً من الله ولا واغل
على أنه يقدر في الضرورة رفع الحرف الصحيح، كما في أشرب فإن الباء حرفٌ صحيح، وقد حذف الضمة منه للضرورة.
قال سيبويه: وقد يسكن بعضهم في الشعر ويشم، وذلك قول امرىء القيس:
فاليوم أشرب غير
مستحقبٍ ... .......... البيت
قال الأعلم: الشاهد فيه تسكين الباء من قوله أشرب في حال الرفع والوصل.
وقال ابن جني في المحتسب: اعتراض أبي العباس المبرد هنا على الكتاب، إنما هو على العرب لا على صاحب الكتاب، لأنه حكاه كما سمعه، ولا يمكن في الوزن أيضاً غيره.
وقول أبي العباس: إنما الرواية: فاليوم فاشرب، فكأنه قال لسيبويه: كذبت على العرب، ولم تسمع ما حكيته عنهم. وإذا بلغ الأمر هذا الحد من السرف فقد سقطت كلفة القول معه.
وكذلك إنكاره عليه أيضاً قول الشاعر: السريع
وقد بدا هنك من المئزر
فقال: إنما الرواية:
وقد بدا ذاك من المئزر
وما أطيب العرس لولا النفقة. ولو كان إلى الناس تخير ما يحتمله الموضع لكان الرجل أقوم من الجماعة به، وأوصل إلى المراد منه.
ووقع في نسخ الكامل للمبرد:
فاليوم أسقى غير مستحقبٍ
فلا شاهد فيه على هذا. ورواه أبو زيد في نوادره كرواية المبرد: فاليوم فاشرب. قال أبو الحسن الأخفش فيما كتبه على نوادره: الرواية الجيدة فاليوم فاشرب، واليوم أسقى.
وأما رواية من روى فاليوم أشرب فلا يجوز عندنا إلا على ضرورة قبيحة، وإن كان جماعةٌ من رؤساء النحويين قد أجازوا.
وهو في هذا تابعٌ للمبرد.
وأورده ابن عصفور في كتاب الضرائر مع أبياتٍ مثله، وقال: ومن الضرورة حذف علامتي الإعراب: الضمة والكسرة، من الحرف الصحيح تخفيفاً، أجراءً للوصل مجرى الوقف، أو تشبيهاً للضمة بالضمة من عضد، وللكسرة بالكسرة من فخذ وإبل، نحو قول امرىء القيس في إحدى الروايتين:
فاليوم أشرب غير مستحقبٍ
إلى أن قال: وأنكر المبرد والزجاج التسكين في جميع ذلك، لما فيه من إذهاب حركة الإعراب، وهي لمعنًى، ورويا موضع فاليوم أشرب: فاليوم فاشرب. والصحيح أن ذلك جائزٌ سماعاً وقياساً.
أما القياس فإن النحويين اتفقوا على جواز ذهاب حركة الإعراب للإدغام، لا يخالف في ذلك أحدٌ منهم.
وقد قرأت القراء: " ما لك لا تأمنا " بالإدغام، وخط في المصحف بنون واحدة فلم ينكر ذلك أحدٌ من النحويين. فكما جاز ذهابها للإدغام، فكذلك ينبغي أن لا ينكر ذهابها للتخفيف.
وأما السماع فثبوت التخفيف في الأبيات التي تقدمت، وروايتهما بعض تلك الأبيات على خلاف التخفيف لا يقدح في رواية غيرهما.
وأيضاً فإن ابن محارب قرأ: " وبعولتهن أحق بردهن " بإسكان التاء. وكذلك قرأ الحسن: " وما يعدهم الشيطان ". بإسكان الدال. وقرأ أيضاً مسلمة ومحارب: " وإذ يعدكم " بإسكان الدال.
وكأن الذي حسن مجيء هذا التخفيف في حال السعة شدة اتصال الضمير بما قبل من حيث كان غير مستقل بنفسه، فصار التخفيف لذلك كأنه قد وقع في كلمة واحدة. والتخفيف الواقع في الكلمة نحو: عضد في عضد سائغٌ في حال السعة، لأنه لغةٌ لقبائل ربيعة، بخلاف ما شبه به من المفصل، فإنه لا يجوز إلا في الشعر.
فإن كانت الضمة والكسرة اللتان في آخر الكلمة علامتي بناء، اتفق النحويون على جواز حذفهما في الشعر تخفيفاً. انتهى ما أردنا منه.
وما نقله عن الزجاج مذكورٌ في تفسيره عند قوله تعالى: " فتوبوا إلى بارئكم " من سورة البقرة، قال: والاختيار ما روي عن أبي عمرو أنه قرأ: إلى بارئكم بإسكان الهمزة.
وهذا رواه سيبويه باختلاس الكسر، وأحسب أن الرواية الصحيحة ما روى سيبويه فإنه أضبط لما روي عن أبي عمرو.
والإعراب أشبه بالرواية عن أبي عمرو، ولأن حذف الكسر في مثل هذا وحذف الضم إنما يأتي باضطرارٍ من الشعر. وأنشد سيبويه وزعم أنه مما يجوز في الشعر خاصة: الرجز
إذا اعوججن قلت صاحب قوم
بإسكان الباء وأنشد أيضاً:
فاليوم أشرب غير مستحقبٍ
فالكلام الصحيح أن يقول: يا صاحب أقبل، أو يا صاحب أقبل، ولا وجه للإسكان. وكذلك: اليوم أشرب يا هذا.
وروى غير سيبويه هذه الأبيات على الإستقامة، وما ينبغي أن يجوز في الكلام والشعر.
رووا هذا البيت على ضربين:
فاليوم أسقى غير مستحقبٍ
ورووا: إذا اعوججن قلت صاح قومِ ولم يكن سيبويه ليروي إلا ما سمع، إلا أن الذي سمعه هؤلاء هو الثابت في اللغة. وقد ذكر سيبويه أن القياس غير الذي روي.
والبيت في قصيدة لامرىء القيس ....
خزانة الأدب
وللدكتور عبد الخالق عضيمة فصل بعنوان (تسكين المعرب من الأفعال والأسماء في القراءات السبعية) في كتابه (دراسات لأسلوب القرآن الكريم)
¥