تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كتاب العروض المنسوب لأبي بكر بن السراج]

ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[20 - 11 - 2009, 07:36 م]ـ

ظهر مؤخرا تحقيق جديد لكتاب العروض المنسوب لابن السراج (ت 316هـ) قام به د. طارق مختار المليجي ونشره في مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، عدد شوال 1430 هـ. وقد كان سبق تحقيق هذا الكتاب من قبل باحث آخر هو د. عبد الحسين الفتلي وظهر منشورا بمجلة كلية الاداب، جامعة بغداد عام 1972م.

لقد اعتمد المحققان على النسخة الوحيدة التي تحتفظ بأصلها مكتبة الخزانة العامة بالرباط، وهي النسخة التي قال عنها الفتلي: "إن الفهارس العربية لم تذكر نسخة أخرى لهذا الكتاب ". وكذلك قال المليجي: "ولم تذكر الفهارس التي بين يدي لهذا الكتاب نسخة أخرى في مكان آخر". هما إذن أمام نسخة وحيدة، ليست بخط المؤلف ولم يعرف ناسخها، ولم ترد لها مقدمة تشير إلى عنوان الكتاب واسم صاحبه غير ما ورد على ظهر الغلاف من قوله: "كتاب محمد بن السري السراج في العروض"، وهي عبارة تشير إلى موضوع الكتاب لا عنوانه. وكان عليهما إزاء ذلك أن يسلكا مسلك تحقيق النسخة الوحيدة، من البحث عن كتب نقلت عنه أو البحث الداخلي في النص للحصول على معلومات تفيد بصحة نسبة الكتاب إلى مؤلفه، وهذا ما قام به تقرييا المليجي. فقد أشار إلى قوله:"ومن العجب أيضا أنه ليس في الإيقاعات البتة جمع بين أربع نقرات ثقيل الأول وهو أكثر الطرائق عددا وهو ثلاث نقرات متتاليات ثم وقفة ثم تعود النقرات الثلاث بتلك الهيئة". وربط ورود هذا النص بما عرف عن السراج من انشغاله بالمنطق والموسيقى زمنا ما. غير أن هذا لا يكفي للتأكد من صحة نسبة الكتاب إلى المؤلف بأكثر من التقدير الظني. ومثله أيضا قول الفتلي: "إن أسلوب ابن السراج واضح فيها كل الوضوح" من غير أن يدلل بأمثلة وعبارات من كتاب "الأصول في النحو"، الذي سبق له أن حققه، ويقارنها بما جاء في هذا الكتاب. وقد كنت لاحظت تقارب عبارات من هذا الكتاب وتطابقها التام أحيانا مع عبارات للزجاج في كتابه العروض أثناء عملي على تحقيقه، ولذا اعتمدت عليه بوصفه نسخة ثانوية أعانتني على تحقيق الكتاب.

لقد صحح عمل المليجي بعض الهفوات التي وقع فيها الفتلي ولكن من غير أن يشير إليه، ولا إلى تحقيقه لكتاب الأصول في النحو عند ذكره لمؤلفات ابن السراج.

ومن تلك الهفوات التي وقع فيها الفتلي عن طريق السهو، قوله في زحاف الوافر: "فإذا اجتمع أن يكون معصوبا وأعضب صار معقولا" وهو خطأ، صححه المليجي بقوله "مفعولاً"، ولكن كان لزاما عليه أن يثبت النون فيها لا التنوين.

كما وردت هفوة أخرى للفتلي تمثلت في جعل ضرب الكامل الثاني (فَعْلن) وصحته (فَعِلاتن). وأخرى في ضرب الكامل الخامس (فعِلن) وصحته (فَعْلن).

لكن المحققين وقعا كلاهما في هفوة أخرى حين أبقيا على العبارة التالية في آخر مبحث الهزج: "وإن اجتمع فيه الخرم والكف سمي أخرب وصار أخرب"، وكان عليهما أن يتنبها إلى سياق الكلام قبلها لتصحيح خطأ الناسخ هنا في قوله أخرب والصجيج: (مفعولُ).

ثم إن المليجي، على قدر ما هو مغرم بالمبالغة في التشكيل الكامل للنص، بالغ في وضع العناوين التفصيلية لنص قصير في الأصل لا يحتمل كل هذا القدر من العناوين التي فتتت سياق الجمل وأخلت بفهم عباراته. من ذلك قوله في زحاف الرمل: "فإذا خبنته وكففته صارت فعلات، وسمي مشكولا، مثله في المديد". والعبارة الأخيرة هنا لا معنى لها إلا إذا اتصلت بكلام آخر بعدها وضعه تحت عنوان (الحذف) وهو: "فاعلن، أصله فاعلاتن، حذف منه (تن) ويقال له محذوف".

ثم إن المليجي يبدو لي أكثر إخلاصا للنص الذي يحققه من سلفه الفتلي. فمن ذلك ما رأيته من مسلك له إزاء عبارة تتحدث عن البيت الرابع من السريع وقد طمست بعض كلماتها. فقد أبقاها على حالها ذاك، ثم ذكر في الهامش ما يتفق معها في كتاب لابن القطاع وغيره، بينما تجاهل الفتلي هذه العبارة وحذفها من النص.

وأورد المحققان شاهد الخليل على البيت الأول من المنسرح، وهو:

إن ابن زيد لا زال مستعملا = بالخير يفشي في مصره العرفا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير