تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويرى (عبد الله كنون) أن الشعر المغربي ضعيف، وضعفه آت من عدة عوامل منها قلة الحصيلة اللغوية عند الشعراء، ومنها عدم التمكن من قواعد الشعر، يقول: \' ولقد وجدت ذات مرة في قصيدة لأحد الشعراء الذين منحوا الجائزة الأولى تفعيلة زائدة في بيت من أبيات القصيدة. ومن الغريب أن هذه الزيادة المباركة مما يدل على أنه كما يكون النقاد يكون الشعراء\' [3].

ولهذا السبب استحسن ديوان (لمحات الأمل) للشاعر عبد القادر المقدم، واعتبره \' خاليا من عيوب الوزن والقافية التي قلما يخلو منها شعر ينشر في هذه الناحية من نواحي المغرب \' [4].

وكثيرا ما ينبه النقاد الشعراء إلى سقوط بعض الأبيات، واختلال أوزانها، ما داموا قد قيدوا أنفسهم بالأوزان العربية، ويدعونهم إلى إعادة النظر في الأبيات المكسورة. ومن نماذج ذلك قول محمد الحلوي [5]:

وَيَشُبُّونَها جحيما على البا غي لِيُلقى مِنْ قَبْضَتِه الزِّمَاما

يَتَرَجَّون كُلما مَرَّ عامٌ لانتصاراتِهِم على الحق عامَا

وَأرِي القَوْمَ كيف تفترسُ الغيدُ ويَخْشى المُستأسدون الرئامَا

أرسلي النظرة الحنون شواظا يتنزى ويزدري الأعجاما

لهفي للأيدي النواعِم كانَتْ تنْسجُ البُرد أو توشِّي اللثاما

لهفي للأيدي النواعم تُدمِيها قيودُ المُسْتَعمِرين انْتِقاما

ويعلق (ملاحظ)؛ وهو الاسم الذي وقع به (علي الصقلي) مقاله؛ قائلا: \' وقصيدة (صرخة الجزائر) للحلوي لم تسلم – في نظري– من خلل الوزن، وأظنني في غنى عن تنبيه الشاعر إلى مواطن الكسر في الأبيات\' [6].

ويضطر الشاعر للدفاع عن نفسه، أو للبحث عن مبررات لأخطائه العروضية المشار إليها من لدن الناقد، فيؤكد أن \' سائر الأبيات جارية على تفاعيل الخفيف، وليس فيها إلا زحاف الخبن والطي، وهما مما يتأكد فيه \' [7]. ويستثني من الأبيات الستة السابقة البيت الأول الذي يقول فيه:

ويشبونها جحيما على البا غي ليلقي من قبضتيه الزماما

فيقول معلقا: \' وهو بيت مظلوم ذهب ضحية قلم التحرير أو المصفف، أسقطت نقطتا الياء من (قبضتيه)، وقرأها الملاحظ بالإفراد، فتعثر بها لسانه، وقضى على البيت بالاختلال \' [8].

ولا يقبل (علي الصقلي) مبررات الشاعر فيؤكد على الخلل في الأبيات المذكورة، يقول: \' وبقطع النظر عن البيت الذي أدرج في عداد الأبيات المكسورة نتيجة غلط مطبعي فإن بقية الأبيات الأخرى؛ وعدتها خمسة؛ متصدعة بشكل لا يقبل أي جدال \' [9].

ويأخذ الناقد مثالا البيت الثاني الذي يقول فيه الشاعر:

أرسلي النظرة الحنون شواظا يتنزى ويزدري الاعجاما [10]

فيلحظ أن هذه الياء في (أرسلي) لا يستقيم الوزن إلا بحذفها، وحذفها – كما يقول – \'لا يجوز قطعا طالما أن الخطاب لمؤنثة \' [11].

* وقد لا يصحح الناقد البيت، أو يبين موضع الخلل، وإنما يكتفي بالإشارة إليه في ثنايا كلامه، أو في هامش من هوامش كتاباته، ومثال ذلك تعليق (محمد بن العباس القباج) على بيت يقول فيه عبد الله القباج:

عَليْهِ وَعَلى آلِهِ أزْكى صَلاة تُضيءُ بِها وُجوهَ مسامِرينَا

فيقول القباج الناقد: \' وقع له اختلال في الشطر الأول من البيت تركناه كما هو \' [12].

ونصادف في بعض الأحيان استدراكات على بعض الأشعار المكسورة، ولكن ليس لأن أصحابها هم مرتكبو هذه الأخطاء، بل لأن كثيرا من النقاد ينقلون أشعارهم خطأ، فلا يعرف من المخطئ؟ أهو الشاعر أم الناقد؟ وهنا يأتي دور الناقد الموضوعي الذي يتتبع الهنات، ويصحح الأخطاء العروضية التي لم يكن للشعراء فيها ذنب.

ومن أمثلة ذلك ما نقرأه للناقد (محمد الداودي) الذي يستدرك على الناقد محمد الآمري المصمودي؛ وهو يعرض للشاعر عبد الملك البلغيثي أبياتا من قصيدة عنوانها (أرجيكم بني وطني)، فيجد في روايته (أي الناقد) خللا في الوزن، لا يشك في براءة الشاعر منه. أما الأبيات كما أوردها (المصمودي) فهي:

وَطيّارٌ يَطيرُ بنا لِنرقَى مَع الغَيْرِ

وَغَوّاصٌ يَغوصُ بِنا عَلى قطع الدّرِّ

وهل كصانع الشعب من قاض على الفَقْرِ

وقد صحح (محمد الداودي) الأبيات بما يلي:

وطيار يطير بنا لكي نرقى مع الغير

وغواص يغوص بنا على قطع من الدر

وهلَّ كصانع للشعب من قاض على الفقر [13]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير