[رأي فيما يشتهر بالضرورات الشعرية لابن دريد]
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[20 - 03 - 2010, 10:43 ص]ـ
باب ما أجروه على الغلط فجاءوا به في أشعارهم
قال النابغة:
وكُلُّ صَمُوتٍ نَثْلَةٍ تُبَّعيّةٍ ... ونَسْجُ سُليمٍ كل قَضّاءَ ذائلِ
أراد سليمان. القَضّاء: الخشِنة التي لم تَمْرُن بعد؛ وذائل: ذات ذيل؛ ونَثْلة من قولهم: نَثَلَها عليه، إذا لبسها. وقال الآخر:
مِن نَسْج داودَ أبي سلاّم
أي أبي سليمان. وقال الحطيئة:
فيه الرِّماحُ وفيه كلُّ سابغةٍ ... جدلاءَ مُحْكَمَةٍ من صنْع سَلاّم
يريد سليمان. جُدلت حَلَقُها، أي فُتلت، والجَدْل: الفتل. والماذيّ: العسل الرقيق الصافي، ثم جعلوا الدُّروع ماذيَّة لصفائها.
ومما حرّفوا فيه الاسم عن جهته أيضاً قول دُريد بن الصِّمَّة:
إن تُنْسِنا الأيامُ والعصرُ تَعْلموا ... بني قاربٍ أنّا غضابٌ لمَعْبَدِ
أراد عبد الله، ويَدُلّك على ذلك قوله في هذه القصيدة:
تنادَوا فقالوا أَرْدَتِ الخيلُ فارساً ... فقلتُ أعبدُ الله ذَلِكُمُ الرَّدي
وقال الآخر:
وسائلةٍ بثعلبةَ بنِ سَيْرٍ ... وقد عَلِقَتْ بثعلبةَ العَلوقُ
أراد ثعلبة بن سيّار، العَلوق: المنيّة. قال أبو بكر: ثعلبة عِجْليّ، وهو صاحب قُبّة ذي قار.
وقال الآخر:
والشيخُ عثمانُ أبو عَفّانِ
يريد عثمان بن عفّان رضي اللّه تعالى عنه.
وقال الآخر:
فهل لكم فيها إليّ فإنني ... طَبيبُ بما أعْيا النِّطاسيَّ حِذْيَما
يريد ابن حِذْيَم.
وقال الآخر:
عشيّةَ فرَّ الحارثيّون بعدما ... هَوى بين أطراف الأسنّة هَوْبَرُ
يريد يزيد بن هَوْبَر.
وقال الآخر:
صَبَّحْنَ من كاظمةَ الحِصْنَ الخَرِبْ
يَحْمِلْنَ عبّاسَ بن عبد المُطَّلِبْ
يريد عبد الله بن عبّاس رضي اللّه عنهما.
وقال زهير:
فتُنْتَجْ لكم غِلمانَ أشْأمَ كلُّهم ... كأحمرِ عادٍ ثم تُرْضِعْ فتَفْطِمِ
وإنما أراد كأحمر ثمود.
وقال الآخر:
وشُعْبتا ميسٍ بَراها إسكافْ
فجعل النجّار إسكافَاً.
وقال الآخر:
ومِحْوَرٍ اخْلِصَ من ماء اليَلَبْ
فظنّ أن اليَلَب حديد، وإنما اليَلَب سُيور تُنسج فتُلبس في الحرب.
وقال الراجز:
كأنه سِبْط من الأسباطِ
فظنّ أن السِّبط رجل، وإنما السِّبط واحد الأسباط من بني يعقوب عليه السلام.
والزِّبْرِج: النقش، ثم سمّاه الراجز السحاب لاختلاف ألوانه فقال:
سَفْرَ الشمالِ الزِّبْرِجَ المُزَبْرَجا
وقال ابن أحمر يصف جارية غِرّة:
لم تَدْرِ ما نَسْجُ اليَرَنْدَج قبلَها ... ودِراسُ أعْوَصَ دارسٍ متخددِ
ظنّ أن اليَرَنْدَج يُنسج، وإنما هو جلد يُصبغ. وقال بعض أهل العلم: إن هذه المرأة لغِرّتها وقلّة تجاربها ظنّت أن اليَرَنْدَج منسوج، وإنما هو جلد. قال أبو بكر: قوله في البيت: دِراس، يريد مدارَسة؛ والأعَوْص: الذي قد أُعْوِصَ من الكلام، أي عُدل به عن جهته. وقال: هو دارس متخدِّد، أي خَلَقُ ليس هو على نظام.
وسمّوا هذا الفَرْش الذي يسمّى السُّوسِنْجَرْد: العَبْقريّ، وعَبْقَر: أرض يزعمون أنها من بلاد الجنّ، فلما لم يعرفوا كيف صفة تلك الثياب نسبوها إلى الجنّ.
وقال الآخر:
لو سَمِعَ الفيلُ بأرض سابِجا
لدقَّ عُنْقَ الفيل والدَّوارجا
السَّيابِجة: قوم من الهند يُستأجرون ليقاتلوا في السُّفن كالمُبَذْرِقة، فظنّ هذا أن كل أهل الهند سَيابِج.
وقال الآخر:
لمّا تخايلتِ الحُمولُ حَسِبْتُها ... دَوْماً بأيْلَةَ ناعماً مكموما
الدَّوم: شجر المُقْل؛ والمكموم لا يكون إلاّ النخل، فظن أن الدَّوم نخل.
وقال آخر يصف دُرَّة:
فجاء بها ما شئتَ من لَطَميّةٍ ... يدوم الفُراتُ فوقها ويَموجُ
فجعل الدُّرّة في الماء العذب، وإنما تكون في الماء المِلح. قوله: يدوم الفرات، أي يدوم الماء، أي يثبت، من قولهم: الماء الدائم.
وقال زهير يصف الضفادع:
يَخْرُجن من شَرَباتٍ ماؤها طَحِلٌ ... على الجذوع يَخَفْنَ الهَمِّ والغَرَقا
والضفادع لا يَخْفَن الغرق. قوله: الشَّرَبات: حُفَر تُحفر حول النخل يُصَبّ فيها الماء لتشرب، والطَّحِل: الذي فيه الطّحْلُب.
وقال آخر:
نَفُضُّ أُمَّ الهام والتَّرائكا
الترائك: بَيض النعام، فظنّ أن البَيض كلَّه تَرائك.
وقال الآخر:
بَرِيّة لم تأكل المرقَّقا
ولم تَذُقْ من البقول فُسْتُقا
فظنّ أن الفستق بقل.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[20 - 03 - 2010, 11:41 م]ـ
أتحدى أن يستطيع ابن دريد رحمه الله تعالى إحصاءَ ما يجري من الغلط على ألسنة الشعراء اليوم!!!
بارك الله فيك أستاذ فريد
ولا عدمنا علمك