[من الأوزان المتصلة بالعروض العربي]
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[26 - 02 - 2010, 01:10 ص]ـ
غيرة لفيروز
http://www.youtube.com/watch?v=H1YYHS0n59g
سِمعِتِ الجيران بيقولوا ... يِمكِنِ يكون عَم يِضحَكِ علَيها
وعَينَكِ تشوف اللَيل بيطولو ... ما نِشفَتِ الدَمعة بِعينَيها
بَعدها بعُمر الهوى زغيرِة ... وقلبها بالحبّ طِفلِ زغير
مِش عارفِة في في الدِني غِيرة ... وحسِّت بِصِدرا شي وعَم بيطير
جَرَّبِِت تِغفى عَ دَمعاتها ... لا غِفيِت ولا عِرفتِ الأحلام
واتذكِّرت حَكيات رِفقاتها ... إنّو اللي بيحِبّ ما بينام
يا ريت فيها تِحِملَك وتروح ... عابلاد ما تقشع حدا فيها
وهونيك شو بدا إشيا تبوح ... وشو عندها حكايات تحكيها
بَدّا تقِلك هون خليني ... عايشي عالحب والألحان
وحدِّ قلبك هيك خبيني ... ويخبروا بنيّات هالجيران
يحمل هذا الشعر جميع صفات العروض الكمي؛ فهو من ناحية يعتمد على تتابع سلسلة من المقاطع القصيرة والطويلة في نسق يمكن تحديده على النحو التالي:
2 2 1 2
2 2 1 2
2 2
وهو نسق ثابت لا يخرج عنه الشاعر قيد أنملة.
حيث الرقم (2) يشير إلى مقطع طويل، والرقم (1) إلى مقطع قصير.
ويتخذ المقطع الطويل من الأصوات اللغوية الشكل (ص ح ص) أو الشكل (ص ح ح) حيث ص = حرف صامت، ح = حركة قصيرة، ح ح = حرف مد. غير أننا نلاحظ وقوع مقطع زائد الطول في نفس موقع المقطع الطويل كما في الأبيات التي تنتهي بالكلمات (زغير، بيطير، الأحلام، بينام، والألحان، هالجيران). ولايرتبط هذا المقطع بنهاية البيت دائما، وإنما يمكن أن نجده في مواضع أحرى كثيرة من البيت كما في قوله (الجيران) في البيت الأول مثلا. كما يلاحظ أن بعض الأصوات ليس لها وزن كمي على الإطلاق أو بمكنك اعتبار وزنها مساويا للصفر كما في حرف الواو من قوله (وعينك) في أول البيت الثاني، وهذا على خلاف حرف الواو في قوله (وعم) في الشطر الثاني من البيت الرابع ووزنها فيه مساوٍ لوزن مقطع قصير.
غير أننا نلاحظ أيضا أن المقطع الزائد الطول من النوع (ص ح ص ص) يمكن أن ينوب مناب مقطعين طويل فقصير كما في قوله: (يا ريت) في الشطر الأول من البيت السابع، وكذلك في المقطع من النوع (ص ح ح ص) في قوله (عابلاد).
لكن الملفت للنظر في الشطر الثاني من البيت التاسع أنه يبدأ بكلمة (عايشي)، وهذا الكلمة لا تساوي التفعيلة (2 2 1 2) مع أنها تقع تماما في موقعها، أيكون هذا المسلك الغريب منبئا عن أصل الكلمة في العربية الفصيحة وهو (عائشةٌ) بنطقها مع التنوين، وحينئذ يستقيم الميزان على العروض العربي.
ومع أن هذا الوزن يبدو ذا صلة ببحر السريع أو الكامل الأحذ المضمر، إلا أن مسلكه الذي لاحظناه في الأبيات العشرة السابقة، يقارب مسلك بحور أخرى تندرج مثله في حقل العروض الكمي كالشعر اليوناني واللاتيني القديمين أو الشعر الفارسي. فأما الشعر العربي، وهو لا شك كمي في أوزانه، إلا أن لعروضه خصائص متميزة عن غيره من الأعاريض الكمية أهمها قيامه على السبب والوتد وانتظام أوزانه في دوائر معينة، وحرية أسبابه في الزحاف وهذه الخصائص لا تتوفر في هذا الشعر الذي مثلنا له كما لا تتوفر في الشعر الفارسي الذي استعار العروضيون له أوزان الشعر العربي، وطبقوا عليه نظرية الخليل في وصف عروضه.
ـ[سليمان أبو ستة]ــــــــ[26 - 02 - 2010, 10:35 م]ـ
كان العرب والفرس حين جمعهم الله تحت راية دينية وسياسية واحدة مثالا يحتذى للتعاون الثقافي والفكري في مختلف أوجهه. ومن مظاهر هذا الاتفاق الذي وصل حد انصهار الثقافتين في بوتقة واحدة، أن الفرس اختاروا لدراسة عروضهم مصطلحات النظام الخليلي مع تبين عدم جدواها له بعد ذلك ومعرفة أحفادهم الإيرانيين إلى أنها لا تصلح أساسا إلا لوصف أوزان الشعرالعربي وحده. ويتفق العروضان العربي والفارسي في أنهما يعدان من زمرة الأعاريض الكمية، ولذلك فإن أوجه الاتفاق بين أوزانهما كبيرة جدا، ومع ذلك فإ ن أوجه الاختلاف لا ينكر أثرها على التمييز بين ما هو وزن فارسي أو وزن عربي. فالهزج الفارسي مثلا ليس هو الهزج العربي بكل جوازاته من زحاف وعلة، والرباعي الفارسي بصوره الأربعة والعشرين ليس هو الدوبيت العربي بقوالبه الثلاثة والأربعين، مع احتساب كلا التامات والمشطورات، التي استقرأها العروضي الفذ د.
¥