تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بحث في القافية]

ـ[درعمية وأفتخر]ــــــــ[03 - 04 - 2010, 09:51 م]ـ

[بحث في القافية]

بقلم: ذ. حمادي الموقت

"ولم يَقصرِ اللهُ العلمَ، والشعرَ، والبلاغةَ على زمنٍ دون زمن، ولا خصَّ بهاقوماً دون قومٍ. بل جعل ذلك مشترَكاً مقسوماً بين عباده في كل دهر، وجعل كل قديمٍحديثاً في عصره ". (ابن قتيبة: الشعر والشعراء)

أولا: في تعريف القافية

اختلف العروضيون وعلماء اللغة في تعريف القافية. فذهب بعضهم إلى القول:"إنها تبدأ من آخر حرف في البيت إلى أول ساكن قبله، مع الحركة الصائتة التي قبل هذا الساكن" وهذا مذهب الخليل بن أحمد الفراهيدي. أما تلميذه الأخفش فاعتبرها "آخر كلمة في البيت، وإنما قيل لها قافية لأَنها تقفو الكلام، قال: وفي قولهم قافية دليل على أَنها ليست بحرف لأَن القافية مؤنثة والحرف مذكر" ثم لو قيل لأحد: اكتب قوافي القصيدة، لكتب آخر كلمة من كل بيت. وهذا التعريف – أجده في مضمونه - يوافق ما تواضعت عليه اللغة في تحديدها لمعنى القافية إذ قالت: القافية هي ما يَقْفُ الشيء ويكون آخره. وقَفاه قَفْواً وقُفُوّاً واقْتَفاه وتَقَفَّاه: تَبِعَه. وذكر الليث أن: القَفْو مصدر قولك قَفا يَقْفُو قَفْواً وقُفُوّاً، وهو أَن يتبع الشيء. قال الله تعالى: ""ولا تَقْفُ ما ليس لك به عِلم""؛ قال الفراء: أَكثر القراء يجعلونها من قَفَوْت كما تقول لا تدع من دعوت، قال: وقرأَ بعضهم ولا تَقُفْ مثل ولا تَقُلْ، وقال الأَخفش في قوله تعالى: ""ولا تقف ما ليس لك به علم""؛ أَي لا تَتَّبِع ما لا تعلم، وقيل: ولا تقل سمعت ولم تسمع، ولا رأَيت ولم تر، ولا علمت ولم تعلم، إِن السمع والبصر والفؤاد كل أُولئك كان عنه مسؤولاً [1].

وبالعودة إلى التعريف الاصطلاحي للقافية نلفي أن قطرب قال عنها: "القافية هي الحرف الذي تبنى القصيدة عليه، وهو المسمى رَوِيّاً"؛ وقال ابن كيسان: "القافية كل شيء لزمت إِعادته في آخر البيت"، وقد لاذ هذا بنحو من قول الخليل لولا خلل فيه. أما الفراء فاعتبرها حرف الروي وحركته، لأنه الحرف الذي تٌنسب إليه القصيدة، لذلك يُقال: قصيدة نونية وقصيدة لامية ... وقال ابن جني: والذي يثبت عندي صحته من هذه الأَقوال هو قول الخليل. وعلى قول الخليل -إمام علم العروض- اجتمعت أمة اللغة في تحديد القافية. ومع ذلك يجوز توصيفها بالقول:"إنها وحدة صوتية مطردة اطرادا منظما في نهاية الأبيات، حتى لكأنها فواصل موسيقية متوقعة للقارئ. ولهذا يمكن اعتبارها ضابط الإيقاع في البيت الشعري وفي كل القصيدة".

ثانيا: حدود القافية

للقافية ثلاثة حدود؛ أو تتحقق في ثلاث تشكيلات. فقد تكون كلمة تامة أو جزءا من كلمة أو أكثر من كلمة. ولتبين هذه المعاني لزمنا الاستناد إلى بعض العناصر التطبيقية. لذلك ألتمس منك –أخي القارئ- في هذا المقام أن تتأمل معي قافية هذه الأبيات وهي مقطعة تقطيعا عروضيا:

قال عبد العزيز الفشتالي مفتخرا:

سموت فخر البدر دوني وانحطا === وأصبح قرص الشمس في أذني قُرْطاً

\\0\\\0\ 0\0\\0\ 0\0\ 0\0\\0\\\0\ 0\0\\0\\\0\ 0\0

وقال ابن زيدون مرشدا:

فلا فارق الدنيا سناءٌ مقدسٌ === بعيشك فيها أو ثناءٌ مُجَمّرُ

\\0\ 0\\0\ 0\0\\0\ 0\\0\\0\\0\\\0\ 0\0\\0\ 0\\0\\0

وقال أبو نواس متحسرا:

ما لي بدار خلت من أهلها شُغل === و لاشجاني لها شخص ولا طللُ

\0\ 0\\0\ 0\\0\ 0\0\\0\\\0\\0\\0\ 0\\0\ 0\0\\0\\\0

فقليل من التدبر في قوافي الأبيات أعلاه تلفي نوعا من الموسيقى التي أضفت على القصيدة جمالية خاصة، على اعتبار أن القافية هي "مقاطع صوتية" تختلف فيما بينها بالنظر إلى الحركات والسكنات التي تكونها وفق التحديد الذي حدد به الخليل القافية. وتبعا له فإن قافية البيت الأول ستكون هي: ""قرطا = قُرْطَنْ = \0\ 0"" معنى ذلك أنها أتت على شكل كلمة تامة. بينما البيت الثاني فقافيته تحققت في جزء من كلمةِ "مجمّر"، أي المقطع الصوتي ""جمّرُ = جمْمَرُو = \0\\0"". وإذا انتقلت معي إلى البيت الثالث وجدت القافية قد تجاوزت في هيأتها الكلمة الواحدة لتتشكل في أكثر من كلمة وهي التي يمثلها المقطع الصوتي:"" لا طللُ = لا طللُو = \0\\\0"".

ثالثا: حروف القافية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير