ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 06:16 م]ـ
وفي مكان آخر من اللسان:
وأَما قول الشاعر الهُذَلي:
أَبِيتُ على مَعارِيَ واضِحَاتٍ ** بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
فإنما نَصَبَ الياءَ لأنه أَجْراها مُجْرى الحَرْفِ الصحيح في ضَرُورةِ الشِّعْرِ، ولم يُنَوّن لأنه لا يَنْصرِف، ولو قال مَعارٍ لم ينكَسر البيتُ ولكنه فرَّ من الزحاف. قال ابن سيده: والمَعَارِي الفُرُش، وقيل: إنَّ الشاعر عَناها، وقيل: عَنى أَجْزاءَ جِسْمِها واخْتار مَعَارِيَ على مَعَارٍ لأنه آثَرَ إتْمامَ الوَزْنِ، ولو قال معارٍ لمَا كُسر الوزن لأنه إنما كان يصير من مُفاعَلَتُن إلى مَفاعِيلن، وهو العَصْب؛ ومثله قول الفرزدق:
فلَوْ كانَ عبدُ اللهِ مَولىً هَجَوْتُه** ولكِنَّ عبدَ اللهِ مَولى مَوَالِياَ
قال ابن بري: هو للمُتَنَخّل الهذلي.
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[20 - 05 - 2010, 06:22 م]ـ
وفي خزانة الأدب للبغدادي
الشاهد الثالث والثلاثون بعد الستمائة
الرجز
كأن أيديهن بالقاع القرق
أيدي جوارٍ يتعاطين الورق
على أن تسكين الياء من أيديهن ضرورة، والقياس فتحها.
قال ابن جني في المحتسب عند قراءة الحسن: "أو يعفو الذي". ساكنة اللام: وسكون الواو من المضارع في موضع النصب قليل، وسكون الياء فيه أكثر. وأصل السكون في هذا إنما هو للألف لأنها لا تحرك أبداً، ثم شبهت الياء بالألف لقربها منها، فجاء عنهم مجيئاً كالمستمر، نحو قوله: الرجز
كأن أيديهن بالموماة
أيدي جوارٍ بتن ناعمات
وقال الآخر: البسيط
يا دار هندٍ عفت إلا أثافيها
وكان أبو العباس المبرد يذهب إلى أن إسكان هذه الياء في موضع النصب من أحسن الضرورات، وذلك لأن الألف ساكنةٌ في الأحوال كلها، فكذلك جعلت هذه، ثم شبهت الواو في ذلك بالياء،
قال الأخطل: الطويل
إذا شئت أن تلهو ببعض حديثها**رفعن وأنزلن القطين المولدا
وقال الآخر: الطويل
أبى الله أن أسمو بأمٍّ ولا أب
فعلى ذاك ينبغي أن تحمل قراءة الحسن: "أو يعفو الذي"
فقال ابن مجاهد: وهذا إنما يكون في الوقف. فأما في الوصل فلا يكون. وقد ذكرنا ما فيه. وعلى كل حال فالفتح أعرف.
وقال ابن الشجري في أماليه: قال المبرد: هذا من أحسن الضرورات لأنهم ألحقوا حالة بحالتين، يعني أنهم جعلوا المنصوب كالمجرور والمرفوع، مع أن السكون أخف الحركات. ولذلك اعترضوا على إسكان الياء في ذوات الياء من المركبات نحو معديكرب، وقالي قلا.
والبيتان من الرجز نسبهما ابن رشيق في العمدة إلى رؤبة بن العجاج، ولم أرهما في ديوانه.
وضمير أيديهن للإبل. والقاع هو المكان المستوي. والقرق، بفتح القاف الأولى وكسر الراء: الأملس. وجوار، بفتح الجيم: جمع جارية.
ويتعاطين، أي: يناول بعضهن بعضاً. والورق: الدراهم. وفي التنزيل: "فابعثوا أحدكم بورقكم هذه". كذا في أمالي ابن الشجري.
وقال الشريف المرتضى رحمه الله تعالى في أماليه: القرق: الخشن الذي فيه الحصى. وشبه حذف مناسمهن له بحذف جوارٍ يلعبن بدراهم. وخص الجواري لأنهن أخف يداً من النساء.
وقال آخرون: القرق هنا المستوى من الأرض الواسع. وإنما خص بالوصف لأن أيدي الإبل، إذا أسرعت في المستوي، فهو أحمد لها، وإذا أبطأت في غيره، فهو أجهد لها.
تتمة
أورد الشارح المحقق بعد هذا الشعر المثل المشهور: "أعط القوس باريها" وقال: قد يقدر نصب الياء في السعة أيضاً. وذكر المثل، فإن باريها مفعول أعط، وهو ساكن الياء. وهو في هذا تابعٌ للزمخشري في المفصل. قال الميداني في أمثاله: أي استعن على عملك بأهل المعرفة والحذق فيه.
وينشد: البسيط
يا باريَ القوس بَرْياً لست تحسنها لا تفسِدَنْها وأعطِ القوس باريها
قال شارح أبياته ابن المستوفي: قرأته على شيخنا أبي الحرم مكي بن ريان في الأمثال لأبي الفضل أحمد بن محمد الميداني: أعط القوس باريها بفتح، وكان في الأصل: ليس يحسنه فأصلحه وجعله برياً لست تحسنها وهو كذلك في نسخ كتاب الميداني.
ولعل الزمخشري إنما أراد بالمثل آخر هذا البيت المذكور، فأورده على ما قاله الشاعر، لا على ما ورد من المثل في النثر، فإنه ليس بمحل ضرورة.
ويروى:
يا باري القوس برياً ليس يصلحه لا تظلم القوس واعط القوس باريها
والأول أصح. ويجوز أن يسكن ياء باريها، وإن كان مثلاً برأسه، على ما تقدم تعليله.
والمشهور تسكين يائه.
وقد أورده الزمخشري في أمثاله، وقال: قيل إن الرواية عن العرب: باريها بسكون الياء لا غير. يضرب في وجوب تفويض الأمر إلى من يحسنه ويتمهر فيه. انتهى.
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[21 - 05 - 2010, 01:00 م]ـ
جزاك الله خيرا أستاذنا الفاضل، لقد قطعت قول كل خطيب،،،
وجزاك الله خيرا، أخي الكريم. ما نحن إلا عيال عليكم وتلاميذ لكم.
ـ[شاعر الصحراء]ــــــــ[21 - 05 - 2010, 01:05 م]ـ
أحسن الله اليك أخي د عمر وزادك علما ..
ـ[عطوان عويضة]ــــــــ[21 - 05 - 2010, 01:48 م]ـ
جزى الله أستاذناأبا عبد القيوم على ما نثره بين أيدينا من علم أفدنا منه فوائد جمة ..
.
بل هذا من تواضعكم، وكريم شمالكم، وطيب أخلاقكم. فأنتم أستاذنا وإطراؤكم شهادة نفخر بها.
بارك الله فيكم ونفع بكم وجزاكم خيرا.
¥