ولكن أحب أن أفيدك بأن المهتمين في الشعر ونقده هما اثنان لا ثالث لهما:
إما أن يكون يفهم بالموسيقى ولا يتعمق بأسرار الخليل كالعياشي , الذي ذم الخليل , بل شتم عمله , وهذا جهل بعمل الخليل.
وإما أن يكون عروضياً لا يعرف شيئاً عن الموسيقي , علماً أن العروض يحتاج ناقده إلى عروضي وموسيقي متعمق وموسيقي متعمق , وغير ذلك لا بد من وجود اختلاف في وجهات النظر ,
إن العياشي إن كان موسيقياً محترفاً فهو يركز على (الاهتضام) فيجعل من التفعيلة السباعية سداسية المقاطع , وأنا أقول بإمكان الموسيقى أن يفعل ذلك , وقلت لك بإن العروض يرفض ذلك , علماً أن العياشي يؤمن بالكمية , حتى ولو كانت التفعيلة السباعية قد عملها سداسية فيعني ذلك أن جميع التفاعيل عند الاهتضام ستكون سداسية ,ألم يقل في كتابه (((وهكذا تصبح كل التفاعيل متساوية ويكون اهتضام فاعلاتن جعلها متساوية مع فعِلاتن وفعْلاتن فلا زحاف))،هذا الاهتضام جعله يسخط التفعيلة لكي يتخلص من الزحاف , وهذا ما لا يفعله العروضيون , لأجل أن يتعادل الشطران بالكم والزمن , ثم إن العياشي لا يؤمن بالتفاعيل بالرغم من استعماله لها , لا يؤمن بها بل يريد أن يخترع نظاماً جديداً لسير الإٌيقاع بالاعتماد على الشعر نفسه , وهذا أمر جيد لو استطاع إلى ذلك سبيلا , ألم تعلم بأن الأحذ وهو عبارة عن مقطعين فقط من مقاطع تفعيلة الكامل لا تكون في الكامل إلا رباعية الوزن , ولكن كيف يكون ذلك وهي لا تزيد على مقطعين؟؟
نعم إن الموسيقى تسطيع أن تمد زمن الصوت بمقدار التفعيلة السباعية , ليتعادل الوزن. وماذا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك؟
نأتي الآن إلى الأسئلة لنجيب عليها:
(((" فبالنبر يستقيم الوزن وتتعادل الأزمنة بالكم المقطعي والزمني". وقد سبقته آراء لك مشابهة تجعل التساوي الكمي أساسا لصحة الوزن كما النبر " ويذهب هذا المذهب في صحة الوزن دون تطرق للنبر الأستاذ محمد العياشي.)))
وجوابي على هذا أقول:
إن زمن النبر سيبقى خارج نطاق العروضي , إلى أن يحين وقت إنشاد البيت فقط فتحسب كميته , وقد ذكرت هذا في المناقشات السابقة.
ثم تقول:
(((وهنا لي سؤال، لو كان الكم وحده هو الحكم فلماذا يكون خبن مستفعلن الأولى في البسيط مستساغا، وخبنها في مستفعلن الثانية ثقيلا، ولماذا يكون طي مستفعلن ثقيلا))
وجوابي , لا يوجد زحاف مليح وزحاف سيء , فالزحاف هو النقص في كم التفعيلة ويجب تعويض هذا النقص بأي طريقة كانت , لكن المقطع الأول في البيت الشعري , فلم يتأثر المنشد من زحافه , أو حتى في زيادة سبب له (الخزم) أو نقص حركة الوتد (الخرم) لأن المنشد يخدعنا بالصوت الأول ويصحح عمله دون إحساس منا , أما الطي وباقي الزحافات في الحشو , فأراها ناقصة الوزن.
وتقول:
(((وهذا يجر سؤالا آخر. وأنا أحرص على البعد عن الحوار في النبر لعدم لمسي له كواقع في سياق الشعر. ولكن من منظورك الذاتي للنبر أسأل
كيف يكون في فعْلن الخببية نبر ولا وتد في الخبب. والنبر إنما هو على السبب السابق للوتد.))
النبر الخببي يا أستاذ خشان نبر متوسط ليس له تأثير البتة على الوزن , لأن فيه التكافؤ , الزمني والمقطعي , ويتميز النبر هنا بالصوت فقط مع زيادة ولو حركة لنميز صوت السبب الأول عن صوت السبب الثاني.
وتقول:
(((كنت أحسب أنك ترى السبب السابق للوتد مكانا للنبر لصفة ذاتية فيه وليس لعدم صلاحية الوتد.
1 - إن الوتد لا يعتريه تغيير إلا في أول البيت وآخره بينما السبب يعتريه الزحاف في كل موقع عدا آخر البيت، فهو أشد تغيرا من الوتد.
2 - إذا صح التماس النبر على السبب لعدم أهلية الوتد فلماذا انصرف النبر إلى السبب السابق للوتد وليس إلى السبب اللاحق له.
3 - وسؤال ينبثق من السؤال السابق, هب أني أحسست أن السبب اللاحق للوتد هو محل النبر ورحت أصف إحساسي مقتبسا نفس ما تفضلت به أنت مستبدلا بكلمة (قبل) في عبارة (قبل الوتد) كلمة (بعد) ومحوّرا بقية السياق على هذا الأساس ثم قمنا بعرض الطرحين على حكم ليفاضل بينهما فما هو معياره البين الموضوعي للحكم؟)))
الجواب:
أخي خشان
نأخذ التفعيلة السباعية , فلا يوجد لها إلا سببين ووتد. وقلت أكثر من مرة بأن الوتد هو أساس التفعيلة رغم وجود كثرة العلل التي تصيبه , وإن الوتد يحمل نبراً متوسطاً ظاهراً , وبإمكان المنشد الاعتماد على هذا النبر إن شاء , ويجعله النبر الأساسي لكل تفعيلة , ولكن هذا العمل لقي رفضاً تاماً من قبل العروضيين أنفسهم , لآنه سيقع النبر على (عووو) من فعووو , وهذا ما نادى به فايل , ويبقى البحث عن النبر الأساس , ولا بد أن يقع على أحد السببين (السبب الأول الذي يمكن أن يكون سبباً ثقيلاً في الكامل والوافر وغيرهما , والنبر لا يقع على سبب ثقيل لتعذر ذلك لفظياً , ونقول في هذه الحالة , لم يبق إلا السبب الثاني المجاور للوتد لنرشحه ليكون حاملاً للنبر القوي , حتى وإن أصابه الزحاف ,
أشكرك أستاذ خشان , وتحياتي وربي يعطيك الصحة والعافية