ـ "الرَخَمَةُ: طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة يقال له ألأنُوق. والجمع رَخَمٌ. وهو
للجنس. قال الأعشى: يا رَخَماً قاظَ على مطلوبِ
ـ والرَخْمَةُ أيضا قريب من الرحمة، يقال: وقعت عليه رَخَمَتُهُ، أي محبته ولينه.
أبو زيد: رَخِمَهُ رَخْمةً، ورَحِمَهُ رحمةً، وهما سواء. قال الشاعر:
كأنها أمُّ ساجي الطرفِ أخْدَرَها ** مستودعٌ خَمَرَ الوَعساءِ مَرْخومُ
قال الأصمعي: أُلقيت عليه رَخْمَةُ أمّه، أي حُبُّها وإلفُها، وأنشد لأبي النجم:
مُدللٌ يشتمنا ونَرْخَمُهْ ** أطيبُ شيءٍ نَسْمُهُ ومَلْثَمُهْ ... "
أما الرازي فأهمل المعنى الثاني (أي الرخمة بمعنى الرحمة) واقتصر على المعنى الأول مختصرا، كما يلي:
ـ" الرَّخْمَةُ: طائر أبقع يشبه النسر في الخلقة، وجمعه (رَخَم) وهو للجنس."
624 ـ حذف المعلومات الموسوعية:
إن أحد الفروق بين الموسوعة والمعجم هو اشتمال الموسوعة على أسماء الأعلام من أشخاص، وأماكن جغرافية ـ مثل البلدان والجبال والأنهار والوديان ـ، وأعياد، ووقائع حربية، وأعمال فنية وأدبية وغيرها مما يُطلق عليه عادة بالمعلومات الموسوعية. أما المعجم اللغوي فإنه يخلو من تلك المعلومات الموسوعية. (14)
وقد دأب أصحاب المعاجم التراثية على إدخال المعلومات الموسوعية فيها جريا على ما سَنّه الخليل في معجمه الرائد، كتاب العين. ويطلق اللغويون المعاصرون على هذا النوع من المعاجم اسم المعاجم الموسوعية. ولكن المعجم اللغوي البحت لا يشتمل على أية معلومات موسوعية. فمكان المعلومات الموسوعية الصحيح هو في المعلمة أو الموسوعة أو دائرة المعارف، وليس في المعجم اللغوي. وهذا ما فعله مجمع اللغة العربية بالقاهرة حينما أصدر المعجم الوسيط خاليا من أسماء الأعلام.
وكان الرازي من أوائل اللغويين العرب الذين تنبهوا إلى هذا الفرق الأساسي بين المعجم والموسوعة (أو بين المعجم اللغوي والمعجم الموسوعي) وأفاد منه في اختصار الصحاح. ولم ينتبه إلى هذه الحقيقة الهامة المعجمي الشهير مجد الدين الفيروزبادي (ت 817 هـ) الذي عاش بعد الرازي بحوالي قرن ونصف قرن من الزمان. فمعجمه (القاموس المحيط) الذائع الصيت هو،في حقيقة الأمر، خلاصة معجمه المسمى (اللامع المُعلم العُجاب الجامع بين المُحكم والعُباب) الذي كان يتألف من ستين سفرا. ولكن الفيروزبادي حذف في عملية الاختصار معظم الشواهد وأبقى على أسماء الأعلام. وليته اقتدى بالرازي وفعل العكس.
ومن الأمثلة على المعلومات الموسوعية التي أوردها الجوهري في الصحاح وأغفلها الرازي في مختار الصحاح ما يلي:
ـ "جُعْفيٌّ: أبو قبيلة من اليمن، وهو جعفي بن سعد العشيرة بن مَذحج. والنسبة إليه كذلك. قال لبيد:
قبائل جعفيٌّ بن سعد كأنما سقى جمعهم ماءَ الزعاف منيمُ
وقوله منيم، أي مهلك، جعل الموت نوما. ويقال: هذا كقولهم ثأر منيم.
ومنهم عبيد الله بن الحر الجعفي، وجابر الجعفي. "
ـ "جُحْفة: موضع بين مكة والمدينة، وهي ميقات أهل الشأم، وكان اسمها مَهيَعة، فأجحف السيلُ بأهلها، فسميت جُحفة. "
625 ـ اختصار الشواهد:
والنوع الآخر من المعلومات التي عمد الرازي إلى اختصارها هو الشواهد. ونعني بالشاهد نصا قصيرا، حقيقيا أو موضوعا، يرد فيه اللفظ المراد تعريفه. وقد استخدم المعجميون العرب الشواهدَ لأغراض متعددة أهمها:
1ـ إثبات وجود الكلمة في اللغة العربية، بدليل ورودها في بيت شعري أو مثل سائر أو قول مأثور أو نحوه.
2ـ توضيح معنى الكلمة، لأن السياق يساعد على تحديد معنى اللفظ الوارد فيه.
3ـ مساعدة القارئ على الوقوف على سلوك اللفظ النحوي عندما يستعل في نص حيّ.
إضافة إلى أن الشاهد المقتبس من القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو كبار الشعراء والأدباء يلقي أضواء كاشفة على الثقافة العربية ويثير اهتمام القارئ.
ولكن المعجميين العرب أكثروا من الشواهد أو استطردوا فيها بحيث اضطروا في أحيان كثيرة إلى شرح معنى الشاهد كله أو بعضه، لأن الشاهد أصعب من اللفظ المطلوب فهمه. ومن الأمثلة على ذلك ما مرّ علينا في الفقرة 624 حين اضطر الجوهري إلى شرح الشاهد الذي أورده من شعر لبيد.
وقد تعامل الرازي مع شواهد الصحاح بطرائق أربع:
أولا، الإبقاء على الشاهد القصير المفيد. مثلا، في مادة (س م ع):
¥