تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[بين الحجاج وغلام.]

ـ[عاشقة لغة الضاد]ــــــــ[14 - 11 - 2004, 12:23 ص]ـ

هذا حوار جرى بين الحجاج بن يوسف الثقفي وغلام يبلغ من العمر عشر سنوات. و هذا النص أعجبني فنقلته من إحدى المواقع لتعميم الفائدة.


كان الحجاج بن يوسف ذات يوم في الصيد فرأى تسعة كلاب إلى جانب صبي صغير السن عمره نحو عشر سنوات وله ذوائب.

فقال له الحجاج: ماذا تفعل هنا أيها الغلام؟

فرفع الصبي طرفه إليه وقال له: يا حامل الأخبار لقد نظرت إلىّ بعين الاحتقار وكلمتني بالافتخار وكلامك كلام جبار وعقلك عقل حمار.

فقال الحجاج له: أما عرفتني؟

فقال الغلام: عرفتك بسواد وجهك لأنك أتيت بالكلام قبل السلام.

فقال الحجاج ? ويلك أنا الحجاج بن يوسف.

فقال الغلام: لا قرب الله دارك ولا مزارك فما أكثر كلامك وأقل إكرامك.

فما أتم كلامه إلا والجيوش حلّقت عليه من كل جانب وكل واحد يقول السلام عليك يا أمير المؤمنين،

فقال الحجاج: احفظوا هذا الغلام فقد أوجعني بالكلام فأخذوا الغلام فرجع الحجاج إلى قصره فجلس في مجلسه والناس حوله جالسون ومن هيبته مطرقون وهو بينهم كالأسد ثم طلب إحضار الغلام فلما مثل بين يديه،ورأى الوزراء و أهل الدولة لم يخشى منهم

بل قال: السلام عليكم فلم يرد الحجاج السلام فرفع الغلام رأسه وأدار نظره فرأى بناء القصر عالياً ومزين بالنقوش والفسيفساء وهو في غاية الإبداع والإتقان.

فقال الغلام: أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين فاستوى الحجاج جالساً وكان متكئاً

فقالوا للغلام: يا قليل الأدب لماذا لم تسلم على أمير المؤمنين السلام اللائق ولماذا لم تتأدب في حضرته؟

فقال الغلام: يا براغيث الحمير منعني عن ذلك التعب في الطريق وطلوع الدرج أما السلام فعلى أمير المؤمنين وأصحابه، يعني السلام على علىّ بن أبى طالب وأصحابه

فقال الحجاج: يا غلام لقد حضرت في يوم تم فيه أجلك وخاب فيه أملك.

فقال الغلام: والله يا حجاج أن كان في أجلي تأخير لم يضرني من كلامك لا قليل ولا كثير.

فقال بعض الغلمان: لقد بلغت من جهلك يا خبيث أن تخاطب أمير المؤمنين كما تخاطب غلاماً مثلك يا قليل الآداب انظر من تخاطب وأجبه بأدب واحترام فهو أمير العراق والشام.

فقال الغلام: أما سمعتم قوله تعالى " كل نفس تجادل عن نفسها"

فقال الحجاج: فمن عنيت بكلامك أيها الغلام؟

قال: عنيت به على بن أبى طالب وأصحابه وأنت يا حجاج على من تسلم؟

فقال الحجاج: على عبدالملك بن مروان.

فقال الغلام: عبدالملك الفاجر ...

فقال الحجاج: ولم ذلك يا غلام؟

فقال: لأنه أخطأ خطيئة عظيمة مات بسببها خلق كثير فقال بعض الجلساء اقتله يا أمير المؤمنين فقد خالف الطاعة وفارق الجماعة وشتم عبدالملك بن مروان.

فقال الغلام: يا حجاج أصلح جلسائك فإنهم جاهلون فأشار الحجاج لجلسائه بالصمت.

ثم سأله الحجاج: هل تعرف أخي؟

فقال الغلام: أخوك فرعون حين جاءه موسى وهارون ليخلعوه عن عرشه فاستشار جلسائه.

فقال الحجاج: اضربوا عنقه.

فقال له الرقاشي: هبني إياه يا أمير المؤمنين أصلح الله شأنك.

فقال الحجاج: هو لك لا بارك الله فيه.

فقال الغلام: لا شكر للواهب ولا للمستوهب.

فقال الرقاشي:أنا أريد خلاصك من الموت فتخاطبني بهذا الكلام ثم التفت الرقاشي إلى الحجاج وقال له: افعل ما تريد يا أمير المؤمنين.

فقال الحجاج للغلام: من أي بلد أنت؟

فقال للغلام: من مصر.

فقال له الحجاج: من مدينة الفاسقين.

فقال الغلام: ولماذا أسميتها مدينة الفاسقين؟

قال الحجاج: لأن شرابها من ذهب ونسائها لعب ونيلها عجب وأهلها لا عجم ولا عرب.

فقال الغلام: لستُ منهم.

فقال الحجاج: من أي بلد إذن؟

قال الغلام: أنا من أهل خرسان.

فقال الحجاج: من شر مكان وأقل الأديان.

فقال الغلام: ولم ذلك يا حجاج؟

فقال: لأنهم عجم أعجام مثل البهائم والأغنام كلامهم ثقيل و غنيهم بخيل.

فقال الغلام: لستُ منهم.

فقال الحجاج: من أين أنت؟

قال: أنا من مدينة الشام.

قال الحجاج: أنت من أحسن البلدان وأغضب مكان وأغلظ أبدان.

قال الغلام: لستُ منهم.

قال الحجاج: فمن أين إذن؟

قال الغلام: من اليمن.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير