[شوقي ضيف .. الحارس الأمين للغتنا الجميلة]
ـ[أبو حسن الشامي]ــــــــ[16 - 03 - 2005, 12:25 م]ـ
في مساء الخميس الحادي عشر من مارس 2005 أسدل الستار على الفصل الأخير من حياة الأديب والناقد الدكتور شوقي ضيف عن عمر ناهز الـ 90 عاماً قضاها عاكفاً في محراب العلم والفكر، مخلفاً وراءه زهاء الـ 50 كتابا في صنوف الأدب باتت مرجعاً بل ومصدراً أصيلاً لكل قارئ ومتخصص وباحث عن الحقيقة في تاريخ الأدب العربي على مر عصوره.
وفي صمت وقور رحل أحد جهابذة النقد العربي وهو الذي ملأ الدنيا بموسوعاته الأدبية، في فنون الأدب العربي، شعرا ونثرا، والتي تتلمذ عليها باحثون ربما كانوا أوفر شهرة من أستاذهم الجليل، تلك الموسوعات والمؤلفات التي تعتد بحق محاولة جدية تسعى لإعادة قراءة الأدب العربي وفق رؤية جديدة تبدأ بالشعر والأدب الجاهلي نهاية بدراسته النقدية المتميزة عن "أعلام الأدب في العصر الحديث، مع شوقي والعقاد مروراً بعصر ابن مضاء القرطبي في دراسته حول تجديد النحو العربي.
المولد والنشأة
ولد أحمد شوقي عبد السلام ضيف يوم 13 يناير عام 1910 بمحافظة دمياط (شمال مصر)، وفي السادسة من عمره التحق بالمدرسة الأولية، وأصيب بالرمد فأجرى له أحد أطباء القرية عملية فاشلة كاد أن يفقد معها عينه اليسرى وفي التاسعة من عمره تركت أسرته القرية وانتقلت إلى مدينة دمياط ثم دخل الكتاب الملحق بجامع البحر وفي أقل من عام حفظ القرآن الكريم كله وأجاد تلاوته وتجويده حيث شهد له شيخه بالعبقرية وتنبأ بتفوقه ثم التحق بالمعهد الديني بدمياط وأبهرته كتابات العقاد ومحمد حسين هيكل وطه حسين.
وفي معهد الزقازيق الديني أكمل د. شوقي تعليمه الأزهري وسط غربة لم يعتدها من قبل وما لبث أن واجه غربة أشد وطأة حين اتجه للقاهرة "حي الحنفي بعابدين" لينتظم مع طلاب "التجهيزية" ثم عرف نظام التعليم الحر بالأزهر والذي يتبع لمن يريد التعلم دون ارتباط على أن يجتاز امتحان العالمية وهو امتحان شفهي صعب يختار موضوعه الأزهري في الفقه أو التفسير أو الشريعة أو غيرها من العلوم فامتحن واجتازه بتفوق.
وقبل نهاية العام الدراسي علم أن كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول –القاهرة الآن- ستفتح أبواب قسم اللغة العربية لقبول بعض خريجي التجهيزية وحملة الثانوية الأزهرية لاستكمال دراستهم بها فسعى د. شوقي للالتحاق بالقسم العربي وحين استقر في الجامعة وتشبع بأفكار أساتذته قرر أن يسير على خطاهم في قراءة دراسات النقد الغربي حتى تتسع خبرته الأدبية ويلم بجميع التيارات النقدية العالمية حتى جاء يوم تخرجه في مايو 1935 ليقف أمام طه حسين ـ عميد الكلية في حينها ـ في امتحان عسير نجح فيه بامتياز.
ولم تقف أحلام الشاب عند هذا الحد بل نال درجتي الماجستير والدكتوراه بتفوق حتى تم تعيينه كمدرس بقسم اللغة العربية وظلت تربطه بتلاميذه وأساتذته علاقات وطيدة.
وفي مارس 1964 وجهت للعقاد انتقادات عنيفة أثر وفاته فقرر د. شوقي تكريس جهده للدفاع عنه فقام بتأليف "العقاد" مثلما دافع من قبل عن محمود سامي البارودي وأحمد شوقي الذي خاض من أجلهما معارك فكرية ساخنة كانت صفحات الجرائد والكتب شاهداً حياً عليها حتى سافر معاراً إلى جامعة الأردن وتوفي والده في مصر وقتها فعاد مجدداً إلى القاهرة ووصلته دعوة من الأكاديمية السويدية باسم ستة من أعضاء "جائزة نوبل" يطلبون منه ترشيح اسم مبدع عربي لنيلها لعام 1969 فأرسل تقريراً للجائزة حول من يرشحه للفوز بها ولكنها لم تستجب لترشيحه ثم طلبت منه لسنوات طوال نفس الطلب ولكن دون جدوى. والغريب أن نفس الحدث تكرر ولكن بصورة مختلفة حين طلبت الأكاديمية السويدية في العام الماضي من أعضاء مجمع اللغة العربية أن يرشحوا اسماً لنيل جائزة نوبل مما أثار جدلاً كبيراً بين مؤيد ومعارض لترشيح د. ضيف إلى أن قرروا -بالأغلبية- ترشيحه .. ولكن دون جدوى!
ويعد ضيف من أبرز تلاميذ الدكتور طه حسين، غير أنه لم يتجه نفس توجهه في قضايا ومعاركه الأدبية المعروفة، وفي نفس العام التحق بمجمع الخالدين الذي أصبح أمينه العام في سنة 1988 ونائباً لرئيسه عام 1992 ثم رئيساً له منذ عام 1996 وحتى رحيله.
أبرز إسهاماته الأدبية
¥