تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

** البَحْر في مَعَاجم اللغة **

ـ[الأزدي]ــــــــ[12 - 01 - 2005, 07:22 م]ـ

** البَحْر في مَعَاجم اللغة **

لـ أحمَد عبد القادر صَلاحية

إن هذا البحث عصارة لغوية، ودراسة تطبيقية مختصرة شديدة الاختصار لأطروحات ونظريات استنتجها بعض علماء اللغة العربية القدامى بسبرهم الدائم لها، وينحو إلى ضرب من الفلسفة اللغوية تتمثل في محاولة اكتناه ذاتي للجذر "بحر".

لقد تتبعت جذر المادة اللغوية "بحر" في ستة عشر معجماً لغوياً تراثياً (1)، ولم أقتصر على معجم بعينه أو معجمين، لعدة أسباب أولها: أني أردت تتبع معاني هذه المادة اللغوية تتبعاً تاريخياً، وثانيها: أني كلما فتحت معجماً جديداً وجدت معاني إضافية زائدة عن سابقه، وثالثها: أني لم أقتصر على المعاجم الموسوعية كاللسان والتاج وفيهما غناء عن سواهما لتأخرهما زمنياً، وأني أردت أن أستقي المادة اللغوية من منبعها الأصيل الصافي.

1 ـ معنى البحر:

إن للجذر "بحر" دلالات كثيرة مختلفة، غير أن ما يطلق عليه اسم البحر من الجذر ذي الدلالة المائية؛ أربعة:

أ ـ الماء الكثير العذب أو المِلْح (2).

ب ـ البحيرة الكبيرة.

ج ـ الأنهار أو الأنهار العظيمة.

د ـ البحر بدلالته الحالية.

ـ أما معنى "الماء الكثير العذب أو الملح"، فقد ذكر ابن دريد أن: "العرب تسمي الماء المِلْح والعذب بحراً إذا كثر" (3)، وذكر ابن سيده أن: "البحر الماء الكثير ملحاً كَان أو عذباً وقد غلب على الملح حتى قلَّ في العذب"، وأعاد هذا الكلام كل من (ابن منظور ـ الفيروز آبادي ـ الزبيدي).

ـ وأما معنى "البحيرة الكبيرة" فهو مستمد من قول الخليل: "إذا كان البحر صغيراً قيل له بحيرة وأما البحيرة في طبرية فإنها بحر عظيم وهو نحو من عشرة أميال في ستة أميال". وأجد صدى هذا الكلام عند الأزهري وابن منظور كليهما.

ـ وأما معنى الأنهار أو الأنهار العظيمة، فقد قال الأزهري: "قال: [أي الزجاج]: وكل نهر ذي ماء فهو بحر. قلت: كل نهرٍ لا ينقطع ماؤه مثل دجلة والنيل وما أشبههما من الأنهار العذبة الكبار فهي بحار وأما البحر الكبير الذي هو مغيض هذه الأنهار الكبار فلا يكون ماؤه إلا مِلْحاً أجاجاً ولا يكون ماؤه إلا راكداً وأما هذه الأنهار العذبة فماؤها جارٍ وسميت هذه الأنهار بحاراً لأنها مشقوقة في الأرض شقَّاً".

وقال الجوهري: "وكل نهر عظيم: بحر"، ومثله ذكر الزنجاني في تهذيبه.

وعمّم ابن فارس فقال: "والأنهار كلها بحار"، ونقل ابن منظور عن الأزهري وسواه ما قالوه.

ـ وأما معنى البحر بدلالته الحالية فهو الأغلب والأشهر، وهو المعنيّ بإطلاقه، فقد ذكره أحد أصحاب المعاجم كلهم إما بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ولكني ـ مع هذا ـ لا أجد له تعريفاً دقيقاً في معاجم اللغة فقد اكتفى كل من ابن دريد وابن فارس والحميري بالقول: "البحر: معروف"، أو أعثر على شذرات قليلة إذ اقتصر الفارابي على قوله: "البحر نقيض البر"، ومثله الجوهري فقد قال: "البحر خلاف البر"، وكذلك فرّق الأزهري بين النهر العظيم الذي يسمى بحراً والبحر ـ الفقرة السابقة ـ.

غير أن المهم حقاً هو ذلك الرأي المتفرّد الذي ينقله الزبيدي عن شيخه أن البحر هو الأرض التي فيها الماء أو محلّ الماء وليس هو الماء نفسه، يقول: "قال شيخنا: في قوله الماء الكثير، قيل: المراد بالبحر الماء الكثير كما للمصنّف، وقيل المراد الأرض التي فيها الماء ويدلّ له قول الجوهري: لعمقه واتساعه، وجزم في القاموس بأن كلام المصنف على حذف مضاف وأن المراد محل الماء، قال: بدليل ما سيأتي من أن البر ضد البحر، ولحديث: "هو الطهور ماؤه"، يعني والشيء لا يضاف إلى نفسه، قال شيخنا: ووصفه بالعمق، والاتساع قد يشهد لكل من الطرفين".

وأما سائر أصحاب المعاجم المدروسة هنا فلا أجد لديهم أي تعريف للبحر.

2 ـ سبب تسميته:

قد احتفل علماء العربية كثيراً بتبيين سبب وقوع الاسم على المسمى وقد حظي هذا المسطح المائي الذي يحيط باليابسة بتعليلات خمسة لتسميته بالبحر:

أولهما: السعة، يقول ابن فارس في المجمل: "سمّي بذلك لاتساعه"، (الحميري ـ الفيوّمي).

ثانيها: الانبساط، يقول الخليل: "سمي به لاستبحاره وهو انبساطه وسعته"، (الأزهري ـ ابن فارس في المقاييس ـ ابن منظور ـ الزبيدي).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير