[الفصيح بلازا.]
ـ[د. خالد الشبل]ــــــــ[01 - 03 - 2005, 10:08 م]ـ
أعزائي الزملاء الكرام:
قد تتسلل بعضُ الكلمات الأعجمية إلى المجتمع العربي لتحتلَّ مكانًا لم تتوقعه، وثمة كلماتٌ تمر على العين هنا وهناك، لا تحمل الهُوية العربية. وقد تأملت في كلمة (بلازا) فوجدتها تتربع على عرش الأبنيات الضخمة، والأسواق العملاقة، والفنادق الفاخرة، وتقترن بالكلمات العربية الفصيحة، من مثل: النخيل بلازا، والوفاء بلازا، والشاطئ بلازا، وحياة بلازا، والسفير بلازا، وجدة بلازا، والخليج بلازا، والمقرن بلازا، وابن خلدون بلازا، و .... ، ولو حفي الناس الآن بأساطين العربية، لرأيت: سيبويه بلازا، والمُبرِّد بلازا، وثعلب بلازا، وابن مالك بلازا، وهلم جرًا.
ومن الغريب أن هناك وقفًا اسمُه: وقْف البِرّ بلازا! مع أن هذه الكلمة مدلولها هو السوق المفتوح، أو الميدان.
ومثل هذه الكلمات لها سلطانٌ قوي على لسان المجتمع، ولا سيما الجيل الجديد، مما يندى له جبين المشفقين على العربية.
فهل عقمت اللغة من أن تأتي بالبديل الفصيح لهذه المفردة؟ وهل رضيت أقسام الرخصة في البلديات بأن تكون هذه الكلمة مبجلة إلى هذه الدرجة، وهي أعجمية؟
أسعد بمداخلاتكم.
لكم تحياتي.
ـ[البصري]ــــــــ[02 - 03 - 2005, 09:01 م]ـ
شكر الله لك ـ مشرفنا العزيز ـ غيرتك على لغة القرآن.
أخي العزيز، إن لغة وسعت كتاب الله، ولم تعجز عن الوفاء بمقاصد الشرع، التي هي أعز المقاصد، واستطاعت حمل قول ثقيل ألقاه الله على نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لن تعجز، ولم تكن في يوم ما عاجزة عن الوفاء لأهلها بما يريدون التعبير عنه ... لكن فئة بل فئات من أهلها المتحدثين بها، بلوا بمركب نقص في نفوسهم، حتى خيل لبعضهم أن لا تطور ولا حضارة إلا بقسر اللسان وإيلام الآذان وإيذاء الأعين بهذه الكلمات، التي يظن أحدهم أنه بقدر ما يحمل منها ويعبر ويكتب، فهو إلى الحضارة أقرب ..
وليت الأمر وقف عند من لا هم لهم إلا التجارة وتحصيل الربح ممن هم من العوام وأشباههم، لكان هينًا وما هو بهين،، لكنه تجاوز إلى الطبقة المثقفة من أهل التربية والتعليم، ومن يحملون قدرًا عاليًا من العلوم الطبيعية، والكتاب ورجال الإعلام والصحفيين .... وهلم جرًّا ...
ويبدو أن هؤلاء ما عرفوا أي شيء هي اللغة العربية؟ وما هو قدرها؟ وما قدسيتها؟ وإلا لما سمح أحدهم لنفسه أن يعكر صفاءها ويخلط العذب منها بالأجاج من سواها، ويرص إلى اللؤلؤ والذهب الخالص حجارة وترابًا، بل حفالة أو قل حثالة مما درج على ألسنة العجم ...
ولا أرى نفسي بحاجة إلى إيراد أبيات حافظ إبراهيم ـ رحمه الله ـ (رجعت لنفسي) فكلنا نحفظها، وهي أشهر من علم على رأسه نار ...
لكنه ضعف الدين في القلوب، لا بد أن يتبعه ضعف الاعتزاز بكل ما يمت له بصلة ... وإذا استطعنا أن نعيد إلى القلوب مكانة دينها وكتاب ربها، فلنثق أن مكانة اللغة ستعود تلقائيًا إلى القمة .. نسأل الله أن يحيي قلوبًا ميتة، وأن يعافي أخرى مريضة، إنه على كل شيء قدير.