[من روائع دكتورنا (العشماوي)!!]
ـ[حروف]ــــــــ[26 - 07 - 2002, 10:27 م]ـ
رسالة الأقصى إلى الأمة المسلمة
أنا مَسْرَى نبيِّكم
شعر: عبدالرحمن صالح العشماوي
طَفَح الكيلُ يا بني الإسلامِ
واستقرَّ العدوُّ فَوْقَ حُطامي
وسرى الحزنُ والأسى في عروقي
وشكتْ مقلتي جفاءَ منامي
يُقْبِلُ الفجر ضاحكاً، وهو عندي
يتلظَّى بجذوةِ الآلامِ
كيف باللهِ، تُبصر العينُ فجراً
في دياجير ليلنا المترامي؟
كيف تحلو الحياةُ في نفسِ حُرّ
دارُه أصبحتْ مَقَرَّ اللِّئامِ؟
فَرَّ من داره فلم يَلْقَ إلاَّ
جُثَثَ الأبرياءِ تحت الرُّكامِ
قتلوا طفلَه الصغيرَ، وثَنَّوا
بفتاةٍ، وثلَّثوا بغلامِ
كيف يرضى فؤادُه، وهو يمشي
في دروبٍ مزروعةِ الأَلَغَامِ؟
كيف تغفو عينٌ ترى كلَّ يومٍ
وجهَ شارونَ كالحاً في الزَّحامِ؟!
يُرسل البسمةَ القبيحة سَهماً
يتلظَّى بشوقهِ للخصامِ
عاث في ساحتي الكريمةِ قَتلاً
وسقى الأبرياءَ كأسَ الحِمَامِ
كيف أرضى وساحتي في عذابٍ
وفلسطينُ كُلّها في ضِرَامِ؟!
كلَّ يومٍ أرى دماءَ قتيل
وأرى قَسوَةً وكسرَ عِظامِ
وأرى الباكياتِ حَولَ شظايا
مزَّقَت جسمَ فارسٍ مقدامِ
وأرى ألفَ منزلٍ هدَّموها
قاتلَ اللهُ قَسوَةَ الهدَّام
اسألوني عن الشَّباب، لماذا
واجهوا المعتدي بنَسفِ الحزامِ؟!
اسألوني ماذا تعاني حَمَاسٌ
وتعاني كتائبُ القسَّامِ؟
اسألوني، فالمعتدي مستبدٌّ
مظلمُ الصَّدرِ، مغرَمٌ بالصِّدامِ
بلغ الظلمُ مُنتَهاه، وضاعت
في دروبي مآثرُ الأَقدامِ
أنا مَسرَى نبيِّكم، لستُ أنسى
ليلةً لونُها بديعُ الظَّلامِ
يوم صلَّى محمَّدٌ في رحابي
بالنبيِّين، يا لَه من إمامِ
لم أزلْ أذكرُ البُراَقَ تَسَامى
يا بقلبي إشراقَ ذاكَ التَّسامي
حينها، صرتُ لا أرى غير نورٍ
يتجلَّى وراءَ نَدْفِ الغَمَامِ
أنا مسرى خير العبادِ، وعندي
شاهدُ الحقِّ يا بني الإسلامِ
أَسمِعوني لحنَ الجهادِ، فشوقي
في ترانيم لحنهِ، وهُيامي
ما قوانينُ عصرِنا؟، لا تَسَلْني
يا سؤالي، ولا تَلُمْ يا مَلامي
صاغها الأقوياءُ في جُنْحِ ليلٍ
جهل البَدْرُ فيه معنى التَّمامِ
سكبوا الخمرَ في الكؤوس، فلما
شربوها جَنَتْ على الأحلامِ
أنكروا الفجر ضاحكاً للروابي
مثلما ينكر الضُّحَى المُتعامي
للقوانين ضجَّةٌ في زماني
روَّجتْها وسائلُ الإعلامِ
يتلظَّى بها الضعيفُ، وفيها
يجدُ الأقوياءُ رَفعَ المَلامِ
رُسِمَتْ لوحةٌ من القُبْحُِ، فيها
بانَ وَجْهُ المغتابِ والنمَّام
وبدتْ صفحةٌ من الظلم، فيها
أثرٌ من تحامُلِ الأَقلامِ
يا قوانينَ عصرنا، ما رأينا
منكِ إلاَّ تطاوُلَ الأَقزامِ
ورأينا فيكِ انتهاكاً صريحاً
لحقوق الشيوخ والأَيتامِ
تتجلَّى فيكِ العدالةُ حِفْظَاً
لحقوقِ القسِّيسِ والحاخامِ
وتظلِّين رَمْزَ ظلمٍ وجورٍ
حين تبكي ليلى ويصرخ رامي
يا قوانينَ عصرنا، كيف تحمي
راجماتُ الشِّقاق صَرَْحَ الوئامِ
كيف يغدو مستنقعُ الماءِ نبعاً
يرتوي من مَعينِه كلُّ ظامي؟
كيف تُرجى مَوَدَّةٌ من حقودٍ
قلبُهُ مِجْمَرٌ لنار انتقامِ؟
يا قوانينَ عصرنا، يا غروراً
من عدوٍ أماطَ كلَّ لِثَامِ
يا غرورَ الإنسانِ، أَثْخَنْتَ عصري
بجراح الإعراضِ والإحجامِ
أين يغدو المستكبرون، لماذا
غَفلوا عن تقلُّبِ الأَيَّامِ؟!
كلُّ ما ردَّدوه وَهْمٌ، وإنَّا
قد كبرنا عن هذه الأوهامِ
...
يا بني أمتي سلامٌ عليكم
ليتَ شعري، أتسمعون سلامي؟!
ليت شعري، أما سمعتم نداءً
من وراءِ الشهورِ، والأَعوامِ؟!
لستُ أدري من أين أبدأ قولي
وبأيِّ اللُّغاتِ أُلقي كلامي
لغتي أصبحت من الحزن ثَكْلَى
والقوافي مجروحةُ الأَنغامِ
حَمْحَمَتْ خَيْلُنا الأَصائلُ تبكي
حالنا بين ذِلَّةٍ وانهزامِ
أسمعَتْنَا من الصَّهيلِ بكاءً
ناطقاً عن فؤاده المُسْتَهامِ
أشعلَتْ ركضَها، ولكنْ دَهاها
خوفُ فُرسانها من الإقدامِ
هالَها ما رأتْ من الذُّلِّ فينا
فبكتْ بُؤْسَ سَرْجها واللِّجام
أينَ منها المُبادِرونَ، إذا ما
قالت الحربُ ما تقولُ «حَذَامِ»؟؟
أنا مسرى نبيِّكم، فاعذروني
إنْ رأيتم مواجعي في احتدامِ
يا قلوبَ المليارِ، ما زلتُ أَخْشى
أنْ تموتَ الزهورُ في الأَكمامِ
أنْ يموت الإحساسُ فيكم وتحظَى
وَسْوَسَاتُ الشيطانِ بالإِعظامِ
إنَّ سَطْراً في دفتر الكونِ يُغْني
عن مئاتِ الأَبراجِ والأَهرامِ
يا بني أمتي، لكم خيرُ صرحٍ
شامخٍ بين زمزمٍ والمقامِ
ولكم مَنْبَعٌ نقيٌّ تجلَّى
بين طهَ والحِجرِ، والأَنعَامِ
صوتُ أمجادكم يُنادي، أَفيقوا
لا يَفُلُّ الحُسَامَ غيرُ الحُسامِ
إنْ خَفَضْتُم رؤوسكم للأعادي
فَتَحرَّوا مَشَارِطَ الحجَّامِ
في دروب العُلاَ صِعَابٌ، ولكنْ
يتخطَّى الصِّعابَ كلُّ عِصامي
ومن العار أن تكونَ هُمَاماً
وتراكَ الأحداثُ غَيْرَ هُمَامِ
أنا مَسْرَى نبيِّكم، والليالي
شاهداتٌ أنِّي عَظيمُ المقامِ
إن غَفَلْتم عنِّي فعندي سهامٌ
من دعائي، تُلْقَى وراءَ سهامِ
سوف أدعو إلى الشموخ وأَبْقى
فَوْقَ معنى الظنونِ والأَوهامِ
أثقَلتْ كاهلي القوانينُ ظُلماً
غيرَ أني أعَددْتُ صَبْرَ الكِرامِ
يا قوانينَ عصرنا، كيف نرجو
منكِ عَدْلاً، وأنتِ رَمْزُ الخِصامُ؟
نحن أهلُ السلامِ - واللهِ - لكنْ
لم نجد مَنْ يصون معنى السَّلامِ
اعذروني إذا قَسَوْتُ عليكم
فأمامي مَصارعُ الأَقوامِ
شَرُّ ما يصنَعُ العبادُ، نظامٌ
في قوانينهِ انتهاكُ النِّظامِ
أختكم: حروووف
: (: (: (
¥