[آكلو لحوم البشر (د. العشماوي)]
ـ[حروف]ــــــــ[05 - 08 - 2002, 10:47 م]ـ
دفق قلم
آكلو لحوم البشر
بقلم: عبدالرحمن صالح العشماوي
صورة قاتمة لخلُقٍ غير نبيل، صورة سوداء تُثير في النفس السَّويّة الشعور بالنفور منها، والرغبة الصادقة في البعد عنها، وعن أصحابها.
صورة قبيحة تعرض لنا جثمانَ إنسانٍ «مَيْتٍ» فقد الروحَ فأصبح جيفةً منفِّرة، وبجواره أخوه ينهش بأسنانه الكالحة من تلك الجثةِ الهامدة، يأكل من لحمها الفاسد في أبشع منظرٍ يمكن أنْ تراه عين.
صورة قاتمةٌ بلا شك يشعر الإنسان ببشاعتها حينما يتخيَّلها، فكيف به إذا رآها رأْىَ العين.
صورةُ مَنْ يا ترى؟
إنها صورة المغتاب الذي يقع في أعراض إخوانه المسلمين، وينال منهم وهم غائبون، صورة المغتاب الذي يُحصي المَثالبَ والعيوب، ويرصدها رَصْدَ المتابع الذي لا يكلّ ولا يَمَلّ، حتى إذا جلس مجلساً أخذ يتفنَّن في سردها على الناس بكل ما يستطيعه من أساليب التزويق والتلفيق، ولربما شعرت نفسه المريضة بنشوة المنتصر حينما يرى أثر كلامه في نفوس الجالسين، ولا يرى من يردعُه من المستمعين، فيخرج من مجلسه ذاك وقد سُجِّل اسمه في سجلِّ «آكلي لحوم البشر» الذي يحتفظ به إبليس في خزانته الخاصّة لما له من أهمية كبيرة في تحقيق مآربه الشيطانية للإفساد والتخريب.
يا لها من صورة بشعة، لمجلسٍ بائسٍ يتفرَّقُ منه الجالسون عن مثل جيفةِ حمار عياذاً بالله.
هذه الصورة بملامحها القبيحة، وأَبعادها القاتمة تُعْرَضُ علينا عرضاً مؤثِّراً من خلال آية قرآنية كريمة {أّيٍحٌبٍَ أّحّدٍكٍمً أّن يّأًكٍلّ لّحًمّ أّخٌيهٌ مّيًتْا فّكّرٌهًتٍمٍوهٍ}.
سؤال واضح مباشر، فيه من معاني الاستنكار والتعجُّب، ولَفْتِ النظر، والتنفير، ما لا يخفى على صاحب العقل البصير.
هل يمكن أن يقبل إنسان عاقل هذه الصورة المشينة؟ وأيُّ صورةٍ يا ترى؟، إنها صورة إنسانٍ يأكل لحم إنسان، وهذا في حدَّ ذاته عمل شائن قبيح، فكيف إذا كان الإنسان المأكول جثة هامدة؟، و كيف إذا كانت هذه الجثة ذاتَ صلةٍ بالآكل فهي جُثَّةُ أخيه؟
وسواءٌ أكان المقصود بالأخ هنا الأخ المسلم، أم الأخ القريب، فإنّ الصورة كلَّها ذات قُبْحٍ وبشاعةٍ لا نظير لهما.
أرأيتهم أيُّها الأحبة كيف يكون التعبير القرآني قوةً وبلاغةً ودقةً وتأثيراً؟.
أتدرون ما الغيبة؟
سؤال يحرك النفوس، ويثير الأذهان، يعقبه جواب واضح في تحديد المعنى:
«ذِكْرُ أَحدِكم أَخَاه بما يكره».
من السائل هنا ومن المجيب؟ إنه الصادق المصدوق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
إشارة:
أدعوكم ونفسي بعرضِ مجالسنا الكثيرة على ساحة التأمُّل، فهل تظنون أيُّها الأحبة أننا سنخرج من الدائرة السوداءِ، دائرةِ «آكلي لحوم البشر»؟ أرجو ذلك.
asalashmawi***********
:::::::::::::::::::::
جريدة الجزيرة / زاوية دفق قلم لـ (د. العشماوي) ...
: p :p :p
ـ[هتون]ــــــــ[07 - 08 - 2002, 04:27 ص]ـ
وصف مقزز بالفعل، وكلام مقنع ..
بورك فيك ياحروف لاختيارك الرائع ..
ـ[حروف]ــــــــ[21 - 08 - 2002, 12:15 م]ـ
شكراً لك على التعقيب ...
وأتمنى أن نأخذ العبرة ...
شكراً لك ..
تحياتي ...