[لماذا يا سماء؟!؟ قصة من وحي الواقع]
ـ[القلم الإسلامي]ــــــــ[23 - 10 - 2002, 11:46 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
((لماذا يا سماء؟!؟))
قصة من وحي حادثة حقيقية حدثت لي شخصياً، واسم الفتاة حقيقيّ كذلك؛؛؛
`·.¸¸.· ·._.· ~*~ ·._.·· ·.¸¸.·`
* وكانت سماء .. سماءً لروحي!، وكانت سماء .. نجومَ فؤادي!، و كانت سماء .. بدورَ ظلامي!
(سماء) فتاة اسمها جميل كرَسْمِها .. كانت صديقتي، بل أختي! أجل .. تعاهدنا على ذلك؛ فتحاببنا في الله، وتآخينا بالله، وسرنا من أجل الله. لم تكن سماء كباقي فتيات مدرستي، كانت ملاكاً في صورة بشر! و كنت كلما رأيتُها هتفتُ: سبحانك ربي! كيف جمعت ملاكاً مع كل هؤلاء الشياطين؟!؛ فهي متميّزة في كل شيء .. لم أكن أحتاج لوقتٍ للبحث عنها؛ فطَيْفُها يتضوّع نوراً .. وملابسها البيضاء - خمارها المصريّ الطويل الأبيض .. نقابها الأبيض الذي لا يُظهر إلاّ جزءاً صغيراً من عينيها المُتَّقِدتَين إيماناً .. حتى لكَأني ألمح إشعاع الصفاء فيهما! كفوفها البيضاء - تجعلها كعروس بين جموعٍ من المُعَزّين! لكنها عروس تُزفّ إلى قبرها في كفنها! هكذا كانت تصرفاتها تقول؛ فهي زاهدة في كل الدنيا وما عليها هكذا كانت؛ كل شيء فيها أبيض، حتى قلبها! ألم أقل لكم بأنها (كانت) ملاكاً!؟
كنّا في كل صباح نتلاقي ونحن في طريقنا إلى الصفوف، نتصافح في أثناء ترديدنا للسلام، ولكن ... لله درّها سماء! حتى مصافحتها لم تكن كباقي الفتيات!؛ كانت تشدّ على يدي في أثناء أدائها لذلك، فأحسّ بأنني أتزوّد من نهر إيمانها المتدفّق و بأنها لمسات أمٍ حانية، فلا أشبع من المصافحة .. ولا أتركها حتى تتركها هي .. أتركها وقد تزوَّدْتُ بطاقة كافية لإكمال مشواري اليومي الأرضي! فقد كانت تنقلني من حيوانية الأرض إلى ملائكية السماء! نعم .. كانت مصافحة منها كفيلة بأن تمنحني كل ذلك .. بل نظرة واحدة فقط تكفي!. يا للملاك الطاهر! هذه هي سماء، ومتى يجود الزمان بمثلها؟!
و مع نهاية السنة الدراسة، وبداية العام الجديد .. لم أعد أراها! هالَني الأمر بدايةً، لكني مع مشاغل الحياة و انغماسي في مُعْتَرَك الدراسة نسيت السؤال عنها، لعلّها تأخرت فالسنة ما زالت في بدايتها .. قد تكون في ظرف طارئ يمنعها مؤقتاً من المجيء .. أو .. أو .. هكذا كنت أضع فروضاً، و لم يخطر ببالي قطّ أنها قد تكون موجودة! لأني كنت متأكدة من أنها لو جاءت لرأيتها فوراً! وكيف لا أرى الملاك الوحيد هنا!؟؟ لكن .. لم أفكّر في احتمال تمرّد الملاك وتلطّخه في الوحل وانمساخِه إلى شيطان! لم أكن أتخيّل - مجرّد تخيّل - بأنّ كل هذا الإيمان والنور قد يتوارى يوماً .. لكني كنت ساذجة إلى أقصى حد حينما فكّرت بذلك!!؛
ففي يوم كنت واقفة وحدي مستندة إلى العمود ذاته الذي كنا نستند عليه أنا وهي .. أتذكّر أيامنا الخوالي وأحاديثها و صوتها الناعم البريء الخارج من عمق روحها النادرة الوجود .. صوتها الذي كان ينساب على نفسي رقراقاً نديّاً فيشعل فيها جذوة الإيمان كلما أوشكت على أن تخبو، ويشعل فيها الأمل من جديد! .. كنا نتحدث هنا دوماً .. بل نتلفّظ بالدُرَر! نتحدث عن أمور كثيرة؛؛ الدعوة و آخر نشاطاتنا فيها، المحاضرات المقرّرة، الفعاليات الدينية المطلوب منا تنظيمها، الأشرطة التي لابدّ من توفيرها .. إلخ من هذه الأحاديث .. وما ألذّها من أحاديث!.
كنت سارحة في كل هذا .... ثم .. سيطر عليّ هاجس غريب، وحلم بعث في حنايا روحي - اليائسة - النشوة من جديد؛ ماذا لو جاءت الآن سماء لتجدني في نفس المكان أنتظرها؟! ياااااااه .. كم أحتاج إليكِ يا سماء! لمَ لمْ تأتي؟! أَنَسيتِ عهدنا؟! أنسيتِ ما كان بيننا؟! أبهذه السهولة تتركين أختكِ؟! ثم حرّكتُ رأسي لمنع استمرار هذه الأفكار .. فمستحيل أن تفعل سماء ذلك .. إن لها عذرها بالتأكيد، و قد تعاهدنا على أن تعذر كل منا الأخرى في حال غيابها .. ولن أخلف وعدي يا سماء! لن أخلفه .. و إن تأخّرتِ وطال الزمان!.
أَنْهَيتُ سرحاني في هذه الأمور و تجوّلي في هذه المتاهات، .. وهَممتُ بالعودة إلى صفي .. لولا أن يداً عابرة مرّت على كتفي! .. نظرت إلى يساري - حيث صاحبة هذه اليد - فهتَفَت الفتاة: أهلاً، و ولّت مسرعة!.
كانت فتاة سافرة ترتدي قميصاً ذا نصف أكمام .. ، لكن .. ما شأني بها و ما شأنها بي؟! سألت نفسي في محاولة للتذكّر وقد بدأت تغيب في ردهات الممرّ أمامي و صدا صوت ضحكاتها حينما مرّت من أمام الأستاذ ما زال يتردّد خافتاً في أذني .. ؛
من هذه؟!
كنت أسأل مستثيرة ذاكرتي حاثّةً إياها على التذكر، .. فأجابتي وليتها لم تُجِب!: إنها واحدة لا غيرها .. سماء!!!!!!!!!!!
لم أستطع أن أصدّق! بل إنني لم أُرِدْ أن أصدّق! كنت على استعداد بأن أكذّب نفسي وعيني وعقلي وكل الدنيا على أن أصدّق ما أرى!. سماء؟؟؟!؟!؟؟!؟!؟ سماء .. ذلك الملاك السابح في ملكوت الله دوماً؟! سماء .. أختي و حبيبتي في الله؟!؟! سماء .. التي تعاهدنا - أنا وهي - على أن نعيش ونموت ونعمل للإسلام و من أجل الإسلام؟!؟!؟!؟!
كانت هذه الأسئلة تدور وتعصف بجسدي كله كعاصفة لا ترحم، فأجد كلّ ذرة من كياني تهتف باستنكار صارخة: لا .. لا .. مستحيل!
وحين خفّت حدّة الذهول، وهدأت ثورة الأمواج المتلاطمة على جدران رأسي - الذي لم يَعُد يحتمل! -لَمْلَمْتُ شتاتَ أَسايَ الدامي شاهقةً .. و أخذت أتمتم و أدعو الله بصدق كما لم أدعهُ من قبل!: اللهم يا مقلّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك. اللهم يا مقلّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك. اللهم يا مقلّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك.
`·.¸¸. ··._.· ~*~ ·._.·· `·.¸¸.·`
تحياتي: صاحبة القلم الإسلامي،،،
¥