[بردة البوصيري!]
ـ[الجهني]ــــــــ[18 - 09 - 2002, 02:16 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
إليكم هذا الموضوع المنقول حول قصيدة البوصيري 0
يقول محمد سيد كيلاني عن البردة -: ولم يكتف بعض المسلمين بما اخترعوا من قصص حول البردة، بل وضعوا لقراءتها شروطاً لم يوضع مثلها لقراءة القرآن، منها: التوضؤ، واستقبال القبلة، والدقة في تصحيح ألفاظها وإعرابها، وأن يكون القارئ عالماً بمعانيها، إلى غير ذلك. ولا شك في أن هذا كله من اختراع الصوفية الذين أرادوا احتكار قراءتها للناس، وقد ظهرت منهم فئة عرفت بقراء البردة، كانت تُستدعى في الجنائز والأفراح، نظير أجر معين (5).
التعريف:
محمد بن سعيد البوصيري نسبة إلى بلدته أبو صير بين الفيوم وبني سويف بمصر، ولد سنة 608هـ، واشتغل بالتصوُّف، وعمل كاتباً مع قلة معرفته بصناعة الكتابة، ويظهر من ترجمته وأشعاره أن الناظم لم يكن عالماً فقيهاً، كما لم يكن عابداً صالحاً؛ حيث كان ممقوتاً عند أهل زمانه لإطلاق لسانه في الناس بكل قبيح، كما أنه كثير السؤال للناس، ولذا كان يقف مع ذوي السلطان مؤيداً لهم سواء كانوا على الحق أم على الباطل.
توفي البوصيري سنة 695هـ 0
1 - يقول البوصيري:
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورة من لولاه لم تُخرج الدنيا من العدم
ولا يخفى ما في عَجُز هذا البيت من الغلو الشنيع في حق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث زعم البوصيري أن هذه الدنيا لم توجد إلا لأجله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال - سبحانه: ((ومَا خَلَقْتُ الجِنَّ والإنسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ)) [الذاريات:56]،
وربما عوّل أولئك الصوفية على الخبر الموضوع: لولاك لما خلقت الأفلاك (10).
2 -
فاق النبيين في خَلق وفي خُلُق ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلهم من رسول الله ملتمس غرفاً من البحر أو رشفاً من الديم
أي أن جميع الأنبياء السابقين قد نالوا والتمسوا من خاتم الأنبياء والرسل محمد -صلى الله عليه وسلم-، فالسابق استفاد من اللاحق! فتأمل ذلك وقارن بينه وبين مقالات زنادقة الصوفية كالحلاج القائل: إن للنبي نوراً أزلياً قديماً كان قبل أنه يوجد العالم، ومنه استمد كل علم وعرفان؛ حيث أمدّ الأنبياء السابقين عليه .. وكذا مقالة ابن عربي الطائي أن كل نبي من لدن آدم إلى آخر نبي يأخذ من مشكاة خاتم النبيين (11).
3 -
دع ما ادعته النصارى في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
يقول الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب - رحمهم الله - منتقداً هذا البيت: ومن المعلوم أن أنواع الغلو كثيرة، والشرك بحر لا ساحل له، ولا ينحصر في قول النصارى؛ لأن الأمم أشركوا قبلهم بعبادة الأوثان وأهل الجاهلية كذلك، وليس فيهم من قال في إلهه ما قالت النصارى في المسيح - غالباً -: إنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، بل كلهم معترفون أن آلهتهم ملك لله، لكن عبدوها معه لاعتقادهم أنها تشفع لهم أو تنفعهم فيحتج الجهلة المفتونون بهذه الأبيات على أن قوله في منظومته: دع ما ادعته النصارى في نبيهم مَخْلَصٌ من الغلو بهذا البيت، وهو قد فتح ببيته هذا باب الغلو والشرك لاعتقاده بجهله أن الغلو مقصور على هذه الأقوال الثلاثة (12).
لقد وقع البوصيري وأمثاله من الغلاة في لبس ومغالطة لمعنى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تُطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله (13)، فزعموا أن الإطراء المنهي عنه في هذا الحديث هو الإطراء المماثل لإطراء النصارى ابن مريم وما عدا ذلك فهو سائغ مقبول، مع أن آخر الحديث يردّ قولهم؛ فإن قوله - عليه الصلاة والسلام -: إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله تقرير للوسطية تجاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو عبد لا يُعبد، ورسول لا يُكذب، والمبالغة في مدحه تؤول إلى ما وقع فيه النصارى من الغلو في عيسى - عليه السلام -، وبهذا يُعلم أن حرف الكاف في قوله -صلى الله عليه وسلم-: كما أطرت هي كاف التعليل، أي كما بالغت النصارى (14).
¥