تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[وصمة في جبين التاريخ العربي]

ـ[بوحمد]ــــــــ[14 - 02 - 2003, 07:30 م]ـ

أخي الفاضل أبو سارة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً اود أن أشكرك على الاعراب الذي تفضلت به علي لبيت المتنبي في منتدى النحو والصرف فجزاك الله خيراً.

ثانياً إسمح لي ان أعلق على كلام الظاهري الذي اوردته فأقول:

عندما يخاطب العاشق حبيبته قائلاً: أنتِ أجمل من القمر وأجمل النساء جميعاً ... فهل تراه صادق؟

أنا أقول نعم. فمن وجهة نظره هي كذلك مع انه بالتأكيد لم يرى جميع النساء! ولكنها ملكت عليه عقله وقلبه فصار لا يرى في الدنيا سواها، وقس على ذلك ما شئت. فالشاعر لا يعشق الجمال مجسداً في المرأة فقط ولكن كل فكرة تتقمصه يصبح عاشقاً لها وتصبح حبيبته. فالمتنبي على سبيل المثال وجد الكرم والجود والشجاعة والإقدام مجسدة بشخص سيف الدولة- ولاسيما انه اختبر معادن غيره من الأمراء - فكان عاشقاً لشخصية سيف الدولة لما تمثله بأعماق هذا الشاعر من صفات سامية وعليه فقد بالغ وغالى في وصفه لترقى إلى الصورة التي رسمها له. وأنا لا أتصور الشعر يحسن بدون مبالغة من الشاعر و إلا لصار كلاماً عادياً لا سحر فيه (والمبالغة التي اعنيها لا تعني الكذب انما تضخيم الوصف ليصل الى مدارك المتلقي).

ثم انظر الى شعر الخنساء في رثاء أخويها صخر ومعاوية، فسترى أنها أنزلتهما منازل الملوك. وإذا ما استعرنا قلب الخنساء وعينيها ونظرتا إليهما لقلنا مثل ما قالت وربما أكثر.

أما المقارنة بين الصحابة رضوان الله عليهم وبين من مدحهم الشعراء فهذه مقارنة ظالمة. فلا أحد ينكر فضل هؤلاء العظماء ولم أسمع بشاعر قال أنت اتقى من أبي بكر أو أعدل من عمر أو أشد حياءً من عثمان أو أشجع من علي. إنما الطبيعة البشرية تفرض على الإنسان إذا ما وجد في شخصية من ينجده أو يساعده أو يكرمه عندما تقفل جميع السبل في وجهة يرى فيه مثل ما رأى أبو الطيب بسيف الدولة أو أكثر.

وعليه فأنا أرى في شعر المدح لون راق يعكس لنا ما بداخل الشاعر من عواطف ولا عيب فيه. ولكن من الظلم ان أغفل انه لكل قاعدة استثناء. ولكن بالتأكيد أن المتنبي ليس ممن يشملهم الاستثناء. كيف وهو القائل:

إذا نلت منك الود فالمال هين*****وكل الذي فوق التراب ترابُ

وأنا لاأنزه المتنبي فما هو الا بشر ولكن اقول كما قال هو:

فإن يكن الفعل الذي ساءَ واحداً ***** فافعاله اللآي سررن ألوفُ

ويكفينا من شعره "الحكمة" لتشفع له. والله أعلم،

أما مسألة أن أعذب الشعر أكذبه فهذه العبارة لا أجد لها في نفسي قبول بل أنا أقول أعذب الشعر أصدقه. فعلى سبيل المثال أجد شعر أبي نواس راق للغاية من الناحية الفنية - وإن كان فاسد المضمون- ولكني أجد أعذب ما قاله هي الابيات الاربعة التي ناجى بها ربه عندما حضرته الوفاة وهذا لا يكون الا لكونها صادقة وكون ناظمها صادق:

يا ربُّ إن عَظُمت ذنوبي كثرةً

فلقد عَلِمتُ بأن عفوكَ أعظمُ

إن كان لايرجوكَ إلا مُحسنٌ

فبمن يلوذ ويستجيرُ المجرمُ

أدعوكَ كما أمرتَ تضرُعاً

فإذا رددتَ يدي فَمنْ ذا يرحمُ

مالي إليكَ وسيلة إلا الرجا

وجميل عفوك ثم أني مُسلِمُ

والشئ بالشئ يُذكر فأن الحجاج عندما حضرته الوفاة قال:

"اللهم إنهم يقولون انك لن ترحم الحجاج" ثم أسلم الروح

ويقال ان الخليفة الراشد الخامس غبط الحجاج على تلك الكلمات. ولقد حفظونا في المدارس خطبة الحجاج الشهيرة ومع ذلك فأنا لا أرى فيها أي عذوبة إذا ما قارنتها بهذه الكلمات التي ناجى بها ربه.

فوالله ان الصدق ما دخل شئ إلا زانه.

أخوك بوحمد،،

ـ[أبو سارة]ــــــــ[18 - 02 - 2003, 10:42 م]ـ

أشكرك أخي الكريم على مداخلتك التي تنم عن أريحيتك

ولقد لمست باطن أدبك في ظاهر كلماتك، وبارك الله فيك

احترم وجهة نظرك فيما قلت 0

وبالنسبة لتعليقتك على كلام الظاهري،فقد قلتُ -وأنا عندما قرأت هذا الموضوع استمتعت به لما يحمله قلم كاتبه من ابداع لا بما يحمله الموضوع من معنى-

فأنا أفرق بين قلمه وموضوعه0

اما رأيك حول مقولة أصدق الشعر أكذبه، فاعتقد انه مقارب لمعنى كلامك في قولك - وأنا لا أتصور الشعر يحسن بدون مبالغة من الشاعر و إلا لصار كلاماً عادياً لا سحر فيه -

ألا توافقني على ذلك؟؟

والحقيقة ان الظاهري يمتلك قلما نادر الوجود في هذا الزمان رغم شطحاته التي يقذفها في كتاباته، مثل قوله/

قال ابو عبد الرحمن: وعندنا أدعياء الأدب وهم بحمد الله كثيرون ينتقدون ويقتبسون عن غير فهم ولابصيرة!

فقلت والحسرة تملأ قلبي: ياليت أدموند ولسن من أبناء جلدتنا يتكلم بلغتنا فيفسر لنا رموز أدبنا الحديث كما أنعم الله على أبناء أمته بذلك!

إن الأديب الغربي فيلسوف كثير الثقافة قبل أن يكون أديبا وأنا لا أعرف فيلسوفا سعوديا واحدا؟

قطعا إن الناقد المفسر ليس منكم أيها الشيوخ فحسبكم أن تكونوا على وعي بمفهومات قدامة وابن رشيق وحازم وابن الاثير وابن حجة!

إذن ياترى من يسد هذه الثغرة في تعليمنا أدب لغة نجهلها وفلسفة غربية لم يصل إالينا إلا أصداء من ترجمتها؟

إنهم الشباب، وهم قلة تغربوا في لندن وباريس وأمريكا، إن عليهم مسألأة المنهج النقدي التفسيري قبل أن ينسوا معلوماتهم وأجواءهم في جو راكد، أو قبل أن تقبرهم المناصب الوظيفية العالية0

وذلك بشرط أن يكونوا أدباء!

نقل حرفي من كتابه- العقل الأدبي ص489

وهو من المطالبين بالشعر الحداثي ويطالب بأن -نرحم مواهبنا من هجيرى الذاكرة برنين القوافي وقوالب البحور0 ويقول/ يحسب عامتهم أنه يبدع والواقع أنه إما ناثر باسم ناظم، وإما يسترجع عقلا اجتماعيا مشتركا0

أقول/ قد تكون كتابات الظاهري نقد للكلاسيكية والركود الفكري، ولكن لايمكن قبولها وهو يلمح الى نسف أركان ثابتة من الأدب العربي، ولا أبالغ حينما أقول أنني معجب بكتاباته الى حد الثمالة تماما كإعجابي بأفكار المعتزلة التي رسمتها أقلامهم رغم حذري من عقيدتهم!!

ولي وقفة مطولة حول بعض هذه الآراء ان شاء الله

وفي الختام، اشكرك أخي الكريم مرة أخرى على مداخلتك الكريمة

والسلام

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير