[محمد الدرة (مسرحية شعرية مأساوية)]
ـ[أحمد الحربي]ــــــــ[30 - 10 - 2002, 03:06 ص]ـ
الأخوة الكرام .. كنت قد كتبت هذه المسرحية بعد الحدث مباشرة ولم أنشرها إن لم تخني ذاكرتي التي يبست
محمد جمال الدرة
مسرحية شعرية مأساوية
==========
الله أكبر ..
الله أكبر ..
السلام عليكم ورحمة الله .. السلام عليكم ورحمة الله ..
- ها هم المصلون قد أدوا فريضة صلاة العصر، وحمدوا الله على نعمه وآلائه .. وكلٌ مضى لحاجته، وعاد جمال الدرة إلى منزله.
- الأب أبو محمد جمال الدرة في منزله يستعد للخروج مصطحباً معه بعض الأوراق
أبو محمد: يا أم محمد ..
أم محمد: نعم لبيك أبا محمد ..
أم محمد: أراك متأهباً للخروج!؟
أبو محمد: نعم هو كما ترين ..
أم محمد: وإلى أين أنت ذاهب؟
أبو محمد: لدي بعض المهام وسوف أنجزها وأعود سريعاً إن شاء الله.
أم محمد: في أمان الله ..
أبو محمد: أتريدين شيئاً أحضره معي؟
أم محمد: لا .. نريد سلامتك
- هنا سمع الطفل محمد ما دار بين والديه وأسرع نحو أبيه وتعلق بملابسه.
الطفل: أبي أريد أن أذهب معك ..
الأب: لا يا بني .. ابق مع والدتك وسوف أعود قريباً إن شاء الله.
الطفل: أرجوك يا أبي أريد أن أتنزه بالذهاب معك ..
الأب: لا .. لا .. اجلس هنا واسمع الكلام ..
الطفل يبكي ويجري خلف والده ويلح عليه أن يصطحبه معه
- رق الأب لابنه وقال: حسناً .. لا بأس .. هيا يا محمد البس جديداً والحقني ..
- خرجا والأم تودعهم
الأم: في أمان الله .. تعودان سالمين غانمين إن شاء الله .. رافقتكما السلامة .. أنا في انتظاركما ..
- لوّحت بيدها تودعهما .. والطفل يرد الوداع لأمه ويلوّح بيديه الصغيرتين ..
- أغلقت أم محمد الباب، وانطلقت إلى النافذة تنظر إليهما، ورأت طفلها الصغير محمد يمشي أمام والده ويقفز فرحاً هنا وهناك.
- مكثت الأم على النافذة ترقبهما حتى غابا عن أنظارها. وأغلقت النافذة وعندئذٍ ..
تمتمت بصوت منخفض: يا ألله .. شئ يخالجني .. لا أدري ما هو؟، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
- مكثت برهة بجانب النافذة وأخذت في سرحان عميق .. أفكار وتخيلات و .. و ..
- سقطت دمعة من عينها .. وثانية .. وثالثة.
- رفعت يدها تمسح دمعها بأصابعها النحيلة
- حاولت أن تنشغل عن التفكير بأعمال المنزل ولكن بين فترة وأخرى تحس بشئ يضايقها وتتعوذ بالله من الشيطان الرجيم وتدعو وتستغفر.
-----
- في الطريق:
- الأب جمال الدرة يحكي لطفله محمد قصة جميلة، والطفل في انفعال مع أحداث القصة وفجأة وهما يتجاوبان أحداث القصة ..
- أصوات وصراخ .. هذا يمشي .. والآخر يجري .. وثالث ينبطح .. وجموع وجموع و .. و .. وأصوات مدوية .. إنها طلقات الرصاص الرهيبة.
- وجد الأب وطفله نفسيهما في جوف المعمعة وفي وسط المعركة وجرى بينهما الحوار التالي:
الطفل:
أُنْظُرْ أبي هذا الرَّصاصُ أتَانَا=في رَاحَتَيْه من الرَّدَى أَلْوانا
قلبي الصغير يَمُوجُ في خَفَقَانِه=والدَّمْعُ يَجْري حَارِقاً بُرْكانا
الأب:
مَهْلاً بُنَيَّ تَعَالَ في دُرَّاعَتِي=فَلَهيبُ نِيرانِ الرَّصَاصِ غَشَانا
يَهْوي ويهوي طالباً رَيْحَانتي=يا ربِّ سلِّمْ فالعَدُوُّ رَمَانا
- الأب يلتفت يميناً وشمالاً يبحث عن مهرب:
هذا جِدارٌ نَحْتَمي من خَلْفِهِ=فَتَعَال خَلْفي رُبَّمَا يَرْعانا
ودعاؤُنا لله من أَعْماقِنا=فالله خَيْرٌ حافظاً وأَمَانا
- الطفل وقد ازداد خوفه وزادت رجفات قلبه يناجي أباه بصوت متقطع وهما خلف الحاجز القصير:
أبَتَاهُ خُذْنِي في رِحَابِك إنَّني=لا أسْتطيعُ السِّرَّ والإعلانا
شَفَتَاي تَرْجُفُ يا أبي وحَرَارةٌ=في الجَوْفِ تُغْلي أَدْمُعَاً وجَنَانا
- الأب في حيرة وذهول يهدأ من روع ابنه تارة وينظر نحو الرصاص تارة أخرى
أَبُنَيَّ إنَّا سوف نبقى بُرْهَةً=وتعودُ بعد ذَهَابِهمْ جَذْلانا
وتَرَاكَ أُمُّكَ وامِقَاً فَيَرُوقها=مَرْآك حتَّى لا تَحُلَّ مكانا
- وانهال الرصاص بغزارة وأصابت إحداها ركبة الطفل وحينئذٍ تسارع الحوار بين الأب الحزين والطفل المفجوع:
الطفل:
آهٍ أبي .. آهٍ أبي .. فَرَصَاصَةٌ=في رُكْبَتِي وأَرَى دَمِي يَتَدانى
- الأب يصرخ بشدة:
أَبُنَيَّ كُنْ خَلْفي فَدَيْتُك مُهْجَتي=أَبُنَيَّ هذا الغَدْرُ لن يَتَوَانى
¥