بِنَهلةٍ من غدير الخمر والعسلِ
لعل إلمامةً بالجزع ثانيةٌ
يدِبُّ منها نسيمُ البُرْءِ في عللي
لا أكرهُ الطعنة النجلاء قد شفِعت
برشقةٍ من نبال الأعين النُّجلِ
ولا أهاب الصفاح البيض تُسعدني
باللمح من خلل الأستار والكللِ
حبُّ السلامةِ يثني هم صاحبهِ
عن المعالي ويغري المرء بالكسلِ
فإن جنحتَ إليه فاتخذ نفقاً
في الأرض أو سلماً في الجوِّ فاعتزلِ
ودع غمار العُلا للمقدمين على
ركوبها واقتنعْ منهن بالبللِ
يرضى الذليلُ بخفض العيشِ مسكنهُ
والعِزُّ عند رسيم الأينق الذّلُلِ
فادرأ بها في نحور البيد جافِلةً
معارضات مثاني اللُّجم بالجدلِ
إن العلا حدثتني وهي صادقةٌ
فيما تُحدثُ أن العز في النقلِ
لو أن في شرف المأوى بلوغَ منىً
لم تبرح الشمسُ يوماً دارة الحملِ
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمعاً
والحظُ عني بالجهالِ في شُغلِ
لعله إن بدا فضلي ونَقْصهمُ
لِعينه نام عنهم أو تنبه لي
أعللُ النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فُسحة الأمل
لم أرتضِ العيشَ والأيام مقبلةٌ
فكيف أرضى وقد ولت على عجلِ
غالى بنفسي عِرْفاني بقينتها
فصنتها عن رخيص القدْرِ مبتذَلِ
وعادة السيف أن يزهى بجوهرهِ
وليس يعملُ إلا في يديْ بطلِ
ماكنتُ أوثرُ أن يمتد بي زمني
حتى أرى دولة الأوغاد والسفلِ
تقدمتني أناسٌ كان شوطُهمُ
وراءَ خطوي لو أمشي على مهلِ
هذاء جزاء امرىءٍ أقرانهُ درجوا
من قبلهِ فتمنى فسحةَ الأجَلِ
فإن علاني من دوني فلا عَجبٌ
لي أسوةٌ بانحطاط الشمسِ عن زُحلِ
فاصبر لها غير محتالٍ ولا ضَجِرِ
في حادث الدهر ما يُغني عن الحِيلِ
أعدى عدوك من وثِقتْ به
فحاذر الناس واصحبهم على دخلِ
فإنما رُجل الدنيا وواحدها
من لايعولُ في الدنيا على رجلِ
وحُسن ظنك بالأيام معجزَةٌ
فَظنَّ شراً وكن منها على وجَلِ
غاض الوفاءُ وفاض الغدر وانفرجت
مسافة الخُلفِ بين القوْل والعملِ
وشان صدقكَ عند الناس كذبهم
وهلْ يُطابق مِعْوجٌ بمعتدلِ
إن كان ينجع شيءٌ في ثباتهمُ
على العهود فسبق السيف للعذلِ
يا وراداً سُؤر عيش كلُّه كدرٌ
أنفقت صفوك في أيامك الأول
فيم اقتحامك لجَّ البحر تركبهُ
وأنت تكفيك منهُ مصة الوشلِ
مُلكُ القناعةِ لا يُخشى عليه ولا
يُحتاجُ فيه إلى الأنصار والخَولِ
ترجو البقاء بدارٍ لاثبات بها
فهل سمعت بظلٍ غير منتقلِ
ويا خبيراً على الإسرار مطلعاً
اصمتْ ففي الصمت منجاةٌ من الزلل
قد رشحوك لأمرٍ إن فطٍنتَ له
فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ
موقع ألق الشعر
جميع الحقوق محفوظة ©لـ سامي العوفي / 1420هـ