في شمال العراق.
وفي الجنوب يكاد الطابع الفارسي يقضي على ملامح الوطن الباهتة، في النفوذ المذهبي، في انتصار جديد للدين، ولو مذهبيا، على الوطن، وفي النفوذ السياسي والعسكري بل واللساني، في انتصار آخر للقومية الفارسية على الوطن العراقي المفكك، فالدولة الفارسية توظف المذهب توظيفا سياسيا انتصارا للقومية الفارسية من القومية العربية على خلفية معركة الفتح الأولى التي لا تزال تجتر أحقادها إلى الآن فلم تع إلى اليوم أن الفتح كان إسلاميا لا عربيا!.
ولو كان الأمر نصرة للمذهب لسلم من اضطهاد الدولة الفارسية عرب الأحواز فهم على نفس المذهب، بل لسلم منه عرب العراق من أبناء المذهب، مع أن بعضهم، أشد تعصبا من الفرس، ولكنه مع ذلك لم يسلم من اضطهاد القوى الفارسية المتنفذة في العراق، لأن الصراع: صراع قوميات يستتر بستار الدين الجذاب في استغلال واضح لما تقدم من فطرة التدين التي يسهل حشد الناس خلف رايتها سواء أكانت راية حق أم باطل.
فلم يشفع للوطن العراقي جمعه لتلك القوميات والمذاهب تحت رايته بل هم الساعون الآن إلى تفكيكه باسم الفيدرالية في خطوة أولى نحو الانفصال الكلي.
وفي البحرين: تعاني الدولة من نفس الثنائية التي تولد بسببها قلاقل معروفة ثبت ضلوع الدولة الفارسية والمقاومة اللبنانية وهي على نفس المذهب ولا تخفي ذلك بل تفخر به وتعلنه في اعتزاز، ثبت تورطهما في تدبير تلك القلاقل وذلك انتصار جديد للدين على الوطن.
وكذلك الحال في الكويت: لا سيما في ثمانينيات القرن الماضي ومحاولة اغتيال أمير البلاد آنذاك خير شاهد على ذلك، فهزم الوطن أمام الدين والمذهب تحديدا.
وفي المملكة: تعاني البلاد من ذات الثنائية لا سيما في المنطقة الشرقية لتمركز الكتلة الرئيسية من أبناء المذهب فيها لقربها من الدولة الفارسية التي تفرض عليها نوعا من الوصاية الروحية، فضلا عما وقع في ثمانينيات القرن الماضي من تفجيرات في الحرم ثبت تورط بعض أبناء المذهب فيها تحت إشراف الدولة الفارسية مع أنهم مواطنون!.
وفي اليمن حاليا: المواطنون اليمنيون في الشمال يتحالفون مع القوى الخارجية وهي قوى مذهبية تمدهم، كما تواترت الأنباء بالسلاح وبالخبراء العسكريين الذين يشرفون على تدريب العناصر القتالية لإثارة تلك الحرب المحلية في ضربة جديدة يوجهها المذهب للوطن.
وفي السودان الشقيق: الجنوب النصراني يقدم الدين على الوطن الجامع في الحرب وفي السلام فنبرة تأييد الانفصال في الاستفتاء القادم تعلو شيئا فشيئا هناك، وكذلك الحال في الغرب وأحد زعماء الحركات المسلحة هناك وهو يعيش في باريس يجاهر صراحة بولائه لكيان يهود اللقيط في فلسطين، فيقدم الولاء لليهود على الولاء للوطن!.
وفي لبنان: وهو النموذج الأبرز: لا صوت يعلو فوق صوت الطائفة!، وهي دينية: مذهبية في الجنوب لا تخجل بل تفخر كما تقدم بأنها ذراع الدولة الفارسية في لبنان مع أن لديها من المراجع المحلية ما يمكنها من كسب الولاء به دون أن تعرض سلامة الوطن للخطر، ولكنها للمصالح المشتركة التي تغلف بالدين تقدم الولاء لقوة خارجية على الولاء للوطن، وفرنسا بحكم كونها معقلا رئيسا من معاقل الكاثوليكية تدعم نصارى لبنان باستمرار لكون أغلبهم كاثوليكا فولاؤهم أيضا خارجي، ولا عزاء للوطن.
في البلقان: جمع الوطن الواحد ثلاث قوميات غلب عليها الافتراق الديني: مسلمون ونصارى، والافتراق المذهبي: أرثوذكس وكاثوليك، فلم يقو الوطن على إطفاء نار الحرب الدينية بل لم يقو حتى على إطفاء نار الحرب المذهبية بين الصرب والكروات.
والشاهد أن الوطن مقدم دوما في الشعارات لا سيما شعارات العلمانيين دعاة الدولة المدنية وعند التحقيق يقدم الولاء الديني فهو دستور فعلي حاكم وإن كان معنويا غير مسطور كدساتير الدول العلمانية.
¥