[الإسلام - الاستسلام]
ـ[_الساجد_]ــــــــ[10 - 12 - 2009, 11:44 م]ـ
ما الفرق صرفاً بين الإسلام والاستسلام؟
لأن هناك من يقول: إن تعريف الإسلام بأنه الاستسلام لله تعريف خاطيء لغةً ..
جزاكم الله خيراً ..
ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[10 - 12 - 2009, 11:52 م]ـ
ما الفرق صرفاً بين الإسلام والاستسلام؟
لأن هناك من يقول: إن تعريف الإسلام بأنه الاستسلام لله تعريف خاطيء لغةً ..
جزاكم الله خيراً ..
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:
الإجابة:
الإسلام والإستسلام
لقد شاع في الأدبيات الاسلامية تعريف الإسلام بأنه الاستسلام والانقياد التام لله عز وجل.وهذا التعريف إنما هو من باب ذكر مآل الأمر وليس تعريفا له، ولكن هكذا جرت العادة في التراث، وترتب على هذه العادة ضياع حقيقة معرفة الأمر، وانتشار ماسمي مفهوم الترادف بين الناس خطأ وهو إمكانية وجود عدة كلمات مختلفة لفظا متفقة بالمعنى، أي متطابقة في الدلالة رغم اختلافها في المبنى، ومن المعلوم أن أي اختلاف أو زيادة في المبنى يؤدي إلى اختلاف في المعنى ضرورة.
فماذا تعني كل منهما، وما الفرق بينهما؟
الإسلام:
إن كلمة الإسلام من أسْلَمَ التي تدل على قيام فعل من الإنسان نفسه نتيجة محاكمة عقلية يصل بواسطتها إلى وجوب عملية الإسلام لما ظهر له من أحقية فيقوم بهذا الفعل طوعاً. قال تعالى: [وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكَرها وإليه يرجعون] آل عمران 83 ويظهر الإسلام في الواقع بصورتين متداخلتين أحدهما (وهي الأصل والأكبر): علم الإنسان بأنه يعيش ضمن نظام واحد كلي متماسك ومنسجم مع بعضه لا يتبدل أو يتغير فيُسلم له كَرْهاً لعجزه عن مخالفته. أما الصورة الثانية:الصورة الثانية: فهي العلم بأن رب الخلق قد أنزل للإنسان كجنس نظاماً منسجماً ومتكاملاً مع النظام الأول (الكوني) ينظم به علاقة الإنسان بالحياة الدنيا والكون وعلاقتهم ببعضهم بعضاً، وعلاقته بما قبل الحياة الدنيا وبعد الحياة الدنيا.
أي عرض جواب الأسئلة الفطرية الثلاثة: [كيف، لماذا، أين] حيث يصير الجواب عنها هو القاعدة الفكرية التي ينبغي أن يعتمد الإنسان عليها في بناء نظام حياته، وطلب من الإنسان أن يقوم بعملية الإسلام لهذا النظام الرباني طوعاً يضيفه إلى عملية إسلامه الأول كَرْهاً ليصير مسلماً ظاهراً وباطناً، عقلاً وسلوكاً. ويتحرك في عمارة الأرض على الصعيد الإنساني والبيئي (آفاق وأنفس) حركة منسجمة ومتناغمة مع النظام الكلي للوجود فيكتمل الإسلام في نفس هذا الإنسان بصورتيه الطوعية (النظام الإنساني) والكرهية (النظام الكوني) ويحقق بذلك مهمة عمارة الأرض والخلافة فيها ويعيش باطمئنان واستقرار نفسي واجتماعي ويصير من المسبحين بحمد الخالق طوعاً وكرهاً.
قال تعالى: [قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم] الحجرات 14 أدرك الأعراب أحدية الخالق وأدركوا أن الوجود يسير بنظام واحد كلي منسجم وهم جزء منه قهراً فأسلموا لذلك كَرْهاً، ولكن لم يضيفوا إلى إسلامهم هذا عملية الإسلام الطوعي لما أنزل الله عز وجل، فلذلك نفى الله عنهم عملية دخول الإيمان (الإسلام الطوعي) إلى قلوبهم، وأمر النبي أن يُظْهِرَ خداعهم وكذبهم [قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا] أي اعترفنا بصورة الإسلام الكوني كَرْهاً لانتفاء مقدرتنا على الخروج عليه, فأسلمنا له. قال تعالى:
[الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله] .... التوبة 97
فالإسلام الطوعي هو الأفكار التي تدخل إلى قلب الإنسان قناعة وصدقاً ويحولها إلى مفاهيم يكيف سلوكه بحسبها عندئذ يصير مؤمنا. أما إذا بقيت أفكاراً مجردة كمعلومات لا واقع لها أبداً في حياة هذا الإنسان فلا يحل حلالاً ولا يحرم حراماً ولا يفعل واجباً يصير مثل الأعراب تماماً [قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا] لم يدخلوا إلى دائرة الإسلام الطوعي، وإنما بقوا في دائرة الإسلام الكَرْهي!.
فالإيمان (الإسلام الطوعي) هو انقياد وعمل وليس مجرد التصديق بالأفكار.
قال تعالى: [فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك .... ] محمد 19
¥