أستخلص من كلامك أن الأولى توحيد الدول الإسلامية، وإن كانت عربية فأفضل لأن عامل اللغة يساعد. لكن ماذا عن الأقليات الدينية الأخرى غير الإسلام الغالب؟ هم الآن يعتبرون هذا احتلالا أو ضد حقوق الإنسان مثلا توحيد دول إسلامية فيها غير مسلمين كثر: ويقولون بوجوب إعطاء الإنسان الحرية يفعل ما يشاء فعند السماح للمساجد في دول نصرانية وعدم السماح بكنائس في دول إسلامية مثلا يقولون هذا غير عدل. وهذا هو سبب ثورات الكثير من العلمانيين على الإسلام ويقولون نحن لا نفهم روح الإسلام التسامحية. الكلام سيطول عذرا.
ما معنى كلمة أمّة؟ فلقد استخدمتها في الإشارة لمصر والجزائر مثلا باعتبارهما أمتين! فهل هي كذلك؟ أم هل الأمّة الواحدة هي من تتبع دينا واحدا؟ نقول الرسول عليه الصلاة والسلام بعث لأمّته ولكل نبي أمّة فما هي أمّة الرسول الكريم؟ هل هم "كل" من بعث إليهم؟ هذا يعني أن العالم الآن كله أمّة واحدة لأن الرسول بعث لمن هم في زمنه ومن جاء بعده إلى قيام الساعة! أم أن هناك أمّة بحرينية وأمّة سعودية وأمّة يمنية وأمّة تونسية وأمّة أردنية إلخ؟ هذا كما نعرفه لم ينتج إلا من قيام هذه الدول في العصر الحديث. في الماضي كانوا يقولون أمّة العرب إذن هناك أمّة عربية حقا. لكن ماذا عن الأمّة الإسلامية؟ أم أن كلمة الأمّة مطاطة تشمل أي جماعة بشرية؟ لا أدري لماذا أشعر بغرابة العبارة عند قولنا أمّة حسب الدولة، وأفضّل من يجمعهم عامل اللغة عليها.
لقد ذكرت المذهب الفارسي ولا أدري هل يصح قولنا مذهبا "حسب قومية" دولة ما؟ فهل هناك مذهب ألماني وفرنسي ... أم أن المذهب يقال حسب الدين لا القومية. وإيران بها قوميات كثيرة الفارسية أكبرها وبعضها يريد الانفصال كعرب الأحواز.
ومن ذلك كانوا يقولون في الأخبار والإعلام الغربي أثناء حرب البوسنة: "الصرب والكروات والمسلمون" مع إن الكلمتين الأوليين تعبّران عن قومية والثالثة تعبّر عن دين، فكان المفروض أن يقولوا "الصرب والكروات والبوشناق". ولم يتم تعديل هذا القول في الإعلام إلا بعد فترة.
بل ما زال الناس يعتبرون اليهود قومية! كيف وهم ما زالوا يقولون مثلا عن تعداد سكان دولة كذا: 60% بلغار، 20% ألمان، 10% روس، 4% يهود، 3% صرب 0.6% مجريون إلخ فاليهود يعتبرونها قومية مع إن اليهودي ممكن أن يكون عربيا أو بلغاريا أو أمريكيا أو من أية قومية (كما أن المسلم من أي قومية والنصراني إلخ. كذاك). هل من سبب منطقي؟
أنا أستعمل كلمة القومية باعتبارها "جنسية" أو "تابعية" كما يقال في عبارات الدول ولا أظن هناك خلاف في ذلك. أنا صحيح أحمل الجنسية البحرينية لكن هل هذا يعني أن وطني فقط هذه الجزر التي لا تزيد عن 50 كيلومترا طولا في 20 كيلومترا عرضا؟! أوطن بهذا الصغر؟! هل من حقي ألا أشعر بالغربة لو كنت في قطر أو سورية أو ليبيا أو المغرب أو اليمن أو جيبوتي؟! رغم عدم اقتناعي بكون جيبوتي والصومال عربية إلا أن هذا هو "الوطن" الذي رسموا لنا خريطته وجعلوه يدخل قلبنا ... كما أنني لا أرى ضررا فهما – والقمر – إسلامية أصلا ولكن ما المانع من انضمام دول إسلامية أخرى إلى "الجامعة المفرقة" بدلا من دولة رائدة في مجالها وإن اختلفت لغة ودينا كفنزويلا التي هي الآن عضو مراقب بالجامعة والسبب غزة! حتى إنني قد قررت التفنزل يوما!
بالمناسبة أنا بحريني لكنني أتبع سنة الرسول الكريم وخلفائه والصحب والآل. أشعر أن الإنسان ملزم بتوضيح ذلك أينما ذهب كي يعرف من أي مذهب هو. أما لو كنا دولة واحدة خليجية أو عربية أو غير ذلك لارتحت أكثر. فوطني عندها سيكون أكبر وأرتاح من عملية التوضيح أو الشك. في زيارة لإحدى الدول اضطر صديق أن يخبر زواره الكثر أنني من الإمارات بدلا من البحرين لنفس السبب!
تقول حب مصر أو حب الجزائر هو من الفطرة. لكن ما هي مصر؟ هل هي بحدودها الحالية أم حدودها التاريخية؟ ماذا يقول الذي في السلوم أو وادي حلفا؟ هل عنده فرق بين مصر وليبيا أو مصر والسودان؟ أين نقف عند الحدود وهل الحدود السياسية هي التي تجعلنا نحب هذا الوطن فقط؟!
هذه التساؤلات تعيش معي وربما الفصيح ليس مكانا لمناقشتها ولكن أجد في كلامك متنفّسا كبيرا.
كما أنني كتبت مرة عن اسم للمنطقة العربية لكن بدون رد في الاسم المناسب للمنطقة العربية الاسم المناسب للمنطقة العربية - شَبَكةُ الفَصِيحِ لِعُلُومِ اللُّغةِ العَرَبِيّةِ ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=50639&highlight=%C7%E1%C7%D3%E3+%C7%E1%E3%E4%C7%D3%C8+%E1%E1%E3%E4%D8%DE%C9+%C7%E1%DA%D1%C8%ED%C9).
لكم أتمنى المزيد من هذا الموضوع إن لم يكن هناك حرج.