تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[قلم الخاطر]ــــــــ[14 - 12 - 2008, 10:21 م]ـ

قصيدة رثاء زوجة

ناجيتُ قبركِ

في ذِمَّةِ اللهِ ما ألقَى وما أَجِدُ =أهذهِ صَخرةٌ أم هذهِ كَبِدُ

قدْ يقتلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا =عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا

تَجري على رَسْلِها الدنيا ويَتْبَعُها =رأْيٌ بتعليلِ مَجْراها ومُعْتَقَدُ

أَعْيَا الفلاسفةَ الأحرارَ جَهْلُهمُ =ماذا يُخَبِّي لهم في دَفَّتَيْهِ غَدُ

طالَ التَّمَحُّلُ واعتاصتْ حُلولُهمُ =ولا تَزالُ على ما كانتِ العُقَدُ

ليتَ الحياةَ وليتَ الموتَ مَرْحَمَة ٌ =فلا الشبابُ ابنُ عشرينٍ ولا لَبدُ

ولا الفتاةُ بريعانِ الصِّبا قُصِفَتْ =ولا العجوزُ على الكَفَّيْنِ تَعْتَمِدُ

وليتَ أنَّ النسورَ اسْتُنْزِفَتْ نَصَفَاً =أعمارُهُنَّ ولم يُخْصَصْ بها أحدُ

حُيِّيتِ (أمَّ فُرَاتٍ) إنَّ والدةًً =بمثلِ ما انجبتْ تُكْنى بما تَلِدُ

تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِهَا =بُدَّاً, وإنْ قامَ سَدّاً بيننا اللَّحدُ

بالرُوحِ رُدَّي عليها إنّها صِلَةٌ =بينَ المحِبينَ ماذا ينفعُ الجَسدُ

عَزَّتْ دموعيَ لو لمْ تبعثي شَجناً =رَجعتُ منهُ لحرَّ الدمعِ أَبْتَرِدُ

خلعتُ ثوبَ اصطبارٍ كانَ يستُرُني =وبانَ كَذِبُ ادَّعائي أنني جَلِدُ

بَكَيْتُ حتى بكا مَنْ ليسَ يعرفُني =ونُحْتُ حتىَّ حكاني طائرٌ غَرِدُ

كما تَفجَّر عيناً ثرةًً حَجَرُ =قاسٍ تفجَّرَ دمعاً قلبيَ الصَّلِدُ

إنَّا إلى اللهِ! قولٌ يَستريحُ بهِ =ويَستوي فيهِ مَن دانوا ومَن جَحَدُوا

مُدي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ يَدُ =لا بُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نَتَّحِدُ

كُنَّا كشِقَّيْنِ وافى واحِدا ً قَدَرٌ =وأمرُ ثانيهما مِن أمرهِ صَدَدُ

ناجيتُ قَبْرَكِ أستوحي غياهِبَهُ =عنْ حالِ ضَيْفٍ عليه مُعْجَلاً يَفِدُ

وردَّدَتْ قَفْرَة ٌ في القلب ِ قاحِلة ٌ =صَدى الذي يَبتغي وِرْدَاً فلا يَجِدُ

ولفَّني شَبَحٌ ما كانَ أشبهَهُ =بِجَعْدِ شَعْرِكِ حولَ الوجهِ يَنْعَقِدُ

ألقيتُ رأسيَ في طَّياتِهِ فَزِعَاً =نَظِير صُنْعيَ إذ آسى وأُفْتَأدُ

أيّامَ إنْ ضاقَ صدري أستريحُ إلى =صَدْرٍ هو الدهرُ ما وفّى وما يَعِدُ

لا يُوحِشُ اللهُ رَبْعَاً تَنْزِلينَ بهِ =أظُنُّ قبرَكِ رَوْضَاً نورُهُ يَقِدُ

وأنَّ رَوْحَكِ رُوحٌ تأنَسِينَ بها =إذا تململَ مَيْتٌ رُوحُهُ نَكَدُ

كُنَّا كنَبْتَةِ رَيْحَانٍ تَخَطَّمَها =صِرٌّ فأوراقُها مَنْزُوعَة ٌ بَدَدُ

غَطَّى جناحاكِ أطفالي فكُنْتِ لَهُمْ =ثَغْرَاً إذا استيقظوا , عَيْنَاً إذا رَقَدوا

شَتَّى حقوقٍ لها ضاقَ الوفاءُ بها =فهل يكونُ وفاءً أنّني كَمِدُ

لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَسٌ =لهُ مَحلاً، ولا خُبْثٌ ولا حَسَدُ

ولم تَكُنْ ضرَّةً غَيْرَى لجارتِها =تُلوى لخيرٍ يُواتيها وتُضْطَهَدُ

ولا تَذِلُّ لِخَطْبٍ حُمَّ نازِلُهُ =ولا يُصَعِّرُ منها المالُ والوَلَدُ

قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لهمْ =واللهِ لو كانَ خيرٌ أبْطَأَتْ بُرُدُ

ضاقتْ مرابِعُ لُبنان بما رَحُبَتْ =عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُدُ

تلكَ التي رَقَصَتْ للعينِ بَهْجَتُها =أيامَ كُنّا وكانتْ عِيشَةٌ رَغَدُ

سوداءُ تَنْفُخُ عن ذكرى تُحَرِّقُني =حتَّى كأنّي على رَيْعَانِهَا حَرِدُ

واللهِ لم يَحْلُ لي مَغْدَىً ومُنْتَقَلٌ =لما نُعِيتِ ولا شخصٌ ولا بَلَدُ

أين المَفَرُّ وما فيها يُطَارِدُني =والذكرياتُ، طَرِيَّاً عُودُها، جُدُدُ

أألظلالُ التي كانَتْ تُفَيِّئُنَا =أمِ الهِضَابُ أمِ الماءُ الذي نَرِدُ

أمْ أنتِ ماثِلَة ٌ؟ مِن ثَمَّ مُطَّرَحٌ =لنا ومِنْ ثَمَّ مُرْتَاحٌ ومُتَّسَدُ

سُرْعَانَ ما حالَتِ الرؤيا وما اختلفتْ =رُؤَىً , ولا طالَ- إلا ساعة ً- أَمَدُ

مَرَرْتُ بالحَوْر ِ والأعراسُ تملأهُ =وعُدْتُ وهو كمَثْوَى الجانِّ ِ يَرْتَعِدُ

مُنَىً - وأتْعِسْ بها- أن لا يكونَ على =توديعِهَا وهي في تابوتِها رَصَدُ

لعلنِي قَارِئٌ في حُرِّ صَفْحَتِهَا =أيَّ العواطِفِ والأهواءِ تَحْتَشِدُ

وسَامِعٌ لَفْظَةً منها تُقَرِّظُني =أمْ أنَّهَا - ومعاذَ اللهِ - تَنْتَقِدُ

ولاقِطٌ نَظْرَةً عَجْلَى يكونُ بها =لي في الحَيَاةِ وما أَلْقَى بِهَا، سَنَدُ

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير