تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[{إن كيدهن عظيم} - قصة قصيرة]

ـ[ياسر البهيجان]ــــــــ[22 - 05 - 2008, 10:46 م]ـ

شآب عشريني , من شباب تلك القرية النائية , جمع بين عدت خصال فهو طالب جامعي

في أحد الأقسام الشرعية , و يتحلى بالأخلاق الحميدة , وعندما تراه في الوهلة الأولى تستشف

طهارة قلبه وبياضه من نظراته , فهو شخص ملازم لصلاة الجماعة , و كما يقال ذو شعرة

محبوبة عند سكان القرية , فتارة يسلم على هذا , وتارة يبتسم في وجه ذاك , وبينما هو ذاهب

لأداء صلاة العشاء , فإذ بجارة له كانت واقفة عند باب منزلها , فشاء الله أن تقع عينها في

عينه نظرة بريئة , قُدر لها أن تحدث فحدثت , وذهب في أمان الله ورعايته وأدى الصلاة مع

جماعة المسجد , وبينما هو عائد إلى منزله , أحس بتباريح تلك النظرة وأثرها في قلبه ,

فكلما تذكر تلك اللحظة , خفق قلبه بسرعة لم يسبق لها مثيل , ولكنها عندما تلوح له , يحاول

أن يتناساها ويكثر من الاستغفار حرصاً منه على عدم تتبع خطوات الشيطان , وكآن ذلك الوقع

مشابها في قلب الفتاة , فوجدت فيه سمات فارس الأحلام التي طالما حلمت به , فأصبحت

تتقلب على سريرها يمنة ويسرة , و القلب يلح على العقل ويكرر سؤالا جوهرياً (كيف

أستطيع أن أظهر له رغبتي ببناء علاقة معه؟ هل سوف يقبل بسهولة؟) انقطع حبل تلك

الأفكار بطرقات باب غرفتها وإذ بأمها تنثر عليها الطلبات والأوامر كما هي عادتها

فعلمت الفتاة موعد مرور الشاب الوسيم أما بيتها , وهو كالعادة بعد كل أذان , فهو يسير ماش

يا على قدميه , ليجني بكل خطوة حسنة ويُحط عنه بكل خطوة سيئة.

- في اليوم التالي وبعد أن أعلن المؤذن دخول وقت صلاة العشاء , وإذ بالشاب يتوضأ مسرعا

وبينما هو في طريقه إلى المسجد , إذ بتلك الفتاة قد وقفت عند عتبت الباب وقد وضعت شيء

من الزينة على عينيها , وقامت بإفراغ زجاجة من أرقى العطورات التي في حوزتها , وحاولت

إزالة الشك , بمناداتها للسائق وكأنَّ خروجها كان من أجل ذلك , ولم يلبث ذلك الشاب إلى أن

أنصرف بصره لها دون سابق إنذار أو إخبار , لتقع عينه في عينها للمرة الثانية , فأردفت هذه

النظرة تلك النظرة , فالأولى له وأما الثانية فكانت عليه , وبدأت فرائصه تتراعد مع أن

الطقس ان حاراً , ثم واصل مسيره نحو المسجد وهو يردد:

أغضّ طرفي إن بدت لي جارتي ***** حتى يواري جارتي مأواها

أما الفتاة فسبحت في بحر أوهامها , وأطلقت العنان لمخيلتها , فترى نفسها و معشوقها

في روضة خضراء , لا ينغص صفو ذلك اللقاء أحد , فتتعالى الضحكات والهمسات و الغمزات

دون معاتب أو لائم , وكأنها تسقيه من يدها ويسقيها من يده ألذ المشروبات حتى وأن كان ما

بداخل تلك الكؤوس علقما مر المذاق فأنشدت:

هذا الوجود وذاك الأنس والطرب ورنة العود والمزمار ينتحبُ

ورشقةُ الوردِ بالأسحار ترمقني ونفحةُ الطيبِ بالأنفاس تصطخبُ

وفرحةُ القلبِ باللقيا إذا اصطبغتْ ببهجة الروضِ يوم المزنِ تحتلبُ

شوق المحبين في نفسي قد اجتمعت فيه الأحاسيس في جنبي يضطرب

وإذ بالأم المتسلطة على الموعد تقرع باب , وتصرخ بأعلى صوتها (لماذا لم تطبخي وتكنسي وتنظفي الملابس و .. و .. الخ).

دقت الساعة 2 ليلاً , الشاب لا يزال مستلقي على سريره , أخذ يفكر بما جرى في اليومين

الماضيين , وتراوده أسئلة كثيرة , هل يُعقل أن يصادف مروري خروجها يومين متتاليين!

هل هي محض صدفة أم ... ! لالالا استغفر الله استغفر الله إن بعض الظن إثم.

- إذا سوف أقطع الشك باليقين , فإن لاقيتها غداً وفي نفس الموعد فإن فالأمر شك وغرابة!

- الفتاة هي الأخرى تتنهد على فراشها , آه يا ترى هل فهم مقصدي ذلك الشاب , وهل نظرته

لي كانت نظرة إعجاب أم ازدراء , هل أخرج غداً؟ ولكن ماذا سوف يقول عني أن رآني للمرة

الثالثة على التوالي وفي نفس الموعد! , إن الأمر أتبع فكري آه ما أطول هذه الأيام وأقساها.!

وإني لأهوى النوم في غير حينه لعل لقاءً في المنام يكون

تحدثني الأحلام أني أراكمُ فيا ليت أحلام المنامِ يقين

- أذن المؤذن في اليوم الثلاث (حي على الصلاة ... حي على الفلاح) , فسار الشاب ماشيا إلى

المسجد , متباطئ الخُطى وينتظر لحظة يُكشف بها الستار ويعرف حقيقة ما غمُض عليه طيلة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير