تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[حارس المحطة " مشهد رمزي "]

ـ[الطائر المهاجر]ــــــــ[04 - 07 - 2008, 04:17 م]ـ

ارتجافي لا يعني خوفي بقدر ما يعني عجزي عن إحكام إغلاق نوافذي ...

وقد أكونُ صامتاً متوشحاً بُردة الإنتظار على أريكة عتيقة ..

لكن حتماً ينهشُ القلقُ بعضَ أطرافي فتنشب بُرادات أظفاري بين أسناني دون أن أشعر، وأنا أنتظر الآتي من جوف الظلام ..

كل شيء في هذا الليل المظلمِ يُنذر بعاصفةٍ رمليةٍ جديدةٍ قد تُغير معالم المدينة في صباح الغد ...

هذا إن أتى الغد!

وقد تبدو الأرصفةُ معها مسرحاً وقفت عليه الخيبةُ آخر الليلِ تراقص الرمل البارد ...

حتى إذا ثمُلا قُبيل انبلاج النور؛ توسدا شوارعَ مدينةٍ حالمةٍ خلت من ساكنيها أو كادت، فلم تُبقِ مظاهر لحياة مخلوق في هذه المدينة الميتة غيرَ بيتٍ قديم على حافة سكة الحديد تسُفُّ الرياحُ آخرَ ذراتِ رملٍ أصفرٍ يابسٍ فتركمه على عتبته لتحوله إلى ضريح مهجور .. كأضرحة ثمود، وتكتم وسط سفيفها أنّاتيَ البائسة ..

اتكأت على ذراع الأمل - رفيق عمري الوحيد- أختلس النظر من وراء الزجاج عله قد اقترب!!

فلم أر سوى شجيرات يابسة تُدحرجها الريح ..

ولم أسمع سوى صفيرها المزعج ...

سمعي المرهف خانني؛ فلم أتفطن لاقتراب وصول القطار السريع حتى مر من أمامي ..

لعل سرعته هذه المرة زادت بازدياد الريح أو لعل سائقه لم يبصر المحطة!!

لم يعد في الوقت متسع لأشد الحبل المتدلي قرب النافذة لتدوي صافرات الإنذار

وتقف المركبات ..

أو لعل القطار لم يحمل إلينا رُكاباً إلى هذه المدينة المظلمة، فلم ينو ِ الوقوف ..

كانت هذه هي عادته على أية حال!

شبح إنسان متوسط القامة قادماً من الغرب بدأ يقترب من زجاج نافذتي بكل عزم ..

قبعته السوداء كانت تخفي أدق معالمه عن الريح ..

وقد تلثم بطرف وشاحه فأخفى منخريه بعناية ..

اقترب مني وقد دفن الترابُ نصفه الذي باتجاه الريح .. حتى إذا التصق بالنافذة مسحها بقفازه الأسود وطرقها بانزعاج وهو لا يكاد يراني!!

فتحت النافذة بيد، وأمسكت بالأخرى حبلَ أجراس الإنذار تحسباً لأي طارئ ....

أزاح بيديه عن رأسه قلنسوة فضفاضة منسوجة مع ردائه الكبير كانت تعتلي قبعته ...

لا أذكر أنني سمعته يحييني ..

لكنني أذكر جيداً أنه أخرج من تحت ردائه منديلاً أبيضاً منسوجاً من حرير نُقش عليه بعناية حرفين لم أستبن معالمهما وهو في يده والظلام حالك.

سألني بصوتٍ عال ٍهل أنا حارس المحطة!!؟

لم أفهم سؤاله في بادئ الأمر ..

أو لعلي من فرط قلقي كنت أظنه يسألني عن القطار، فأشرت له بيدي أنه مر من هنا سريعاً باتجاه المجهول ..

ولم يمهلني كثيراً حتى أتبين ملامحه فقد مضى بنفس الاتجاه وراء القطار!!!

ولم يمهلني صقيع العجز هو الآخر، فقد جمد بقية أطرافي وأنا أقرأ الحرفين المطرزين وسط المنديل بعناية وقد كتب عليه:

ط. م

ـ[أم أسامة]ــــــــ[04 - 07 - 2008, 04:36 م]ـ

كلمة إبداع قليلة في حق ما خطت يمينك أيها الطائر المهاجر ......

ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[04 - 07 - 2008, 04:52 م]ـ

بارك الله فيك

ـ[الطائر المهاجر]ــــــــ[04 - 07 - 2008, 11:33 م]ـ

كلمة إبداع قليلة في حق ما خطت يمينك أيها الطائر المهاجر ......

الإبداع -أيتها السيدة- هو في امتلاكنا لسان فكر ذوّاق

هو أميز للطعم من ذاك الذي بين صدغينا ...

من دونه لا طعم لأي مائدة على سفرة الفصيح.

أشكر السيدة تلطفها بالقراءة ..

وأشكرها أن كانت أول المتذوقين.

ـ[الطائر المهاجر]ــــــــ[04 - 07 - 2008, 11:37 م]ـ

بارك الله فيك

أيتها المبحرة ..

وفيك الله يبارك ومن علمك ينفعنا.

طوبى لكِ.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير