قلت ُ:على أني أستثقل تخريج رفع محال اسما لليس وأرى نصبها خبر مقدما لليس متمثلا بقول المتنبي:
وليس جميلا عرضُهُ فيصونه وليس جميلا أن يكون جميلا
قلتم: الخبر هنا المصدر المؤول من أن وما بعدها .. ليس محال إعدام الأحقاد.
أقول: أما في بيت المتنبي فالمصدر المؤول من أن يكون هو اسم ليس، أي ليس جميلا كونُه جميلا، والقضية منوطة بالاستحسان لا الوجوب، إذ كما تعلم فإن تقديم الخبر جائز هنا، ومن حجج النحاة الذين يستحسنون تقديم الخبر إذا كان نكرة أو أقل قوة في التعريف من الاسم أن الأعرف ينبغي أن يجعل الاسم وغير الأعرف الخبر، لنقرأ في تفسير اللباب:
ليْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
قرأ الجُمْهُور برفع «البِرُّ» وحمزة، وحفصٌ عن عاصم بنصبه، فقراءةُ الجُمْهُور على أنَّه اسمُ «لَيْسَ» و «أَنْ تُولُّوا» خبرها في تأويل مصدّرٍ، أي: ليس البِرُّ تَوْلِيَتكُمْ، ورجِّحت هذه القراءةُ مِنْ حيث إنَّه ولي الفعل مرفوعه قَبْل منصوبه، وأَمَّا قراءة حمزة وحَفْصٍ ف «البرَّ» الخبرُ مقدَّمٌ، و «أَنْ تُوَلُّوا» اسمُها في تأويل مصدرٍ، ورجِّحت هذه القراءة بأنَّ المصدر المؤَوَّل أعرفُ من المحلَّى بالألف واللام؛ لأنَّهُ يشبه الضَّمير، من حيث إِنَّهُ لا يوصَفُ؛ ولا يوصف به، والأعْرَفُ ينبغي أنْ يُجْعَل الاسْمَ وغيْر الأعْرَفِ الخَبَرِ؛ وتقديمُ خَبَر «لَيْسَ» على اسمها قليلٌ؛ حتى زَعَم منْعَهُ جماعةٌ [منْهم ابنُ دَرَسْتَوَيْهِ، قال: لأنَّها تشبه «مَا» المجازيَّة ولأَنَّها حرفٌ على قول جماعةٍ، لكنه] محجوج بهذه القراءة المتواترة، وبقول الشاعر [الطويل]
910 - سَلِي إِنْ جَهِلْتِ النَّاسَ عَنَّا وَعَنْهُمْ ... فَلَيْسَ سَوَاءً عَاِلمٌ وَجَهُولُ
وقال آخر: [الطويل]
911 - أَلَيْسَ عَظِيماً أَنْ تُلِمُ مُلِمَّةٌ ... وَلَيْسَ عَلَيْنَا فِي الخُطُوبِ مُعَوَّلُ
القضية أنني استثقلتُ وقع الرفع هنا خاصة أنك وقفت بعد النداء مسكنا المنادى وهذا الوقف يفضي إلى احتمال أقوى وهو جعل اسم ليس مضمرا فيها، واستثقالي ليس لِزامًا أن يُستَحْسَن، ويؤنس استثقالي قول من يرى المصدر المؤول أقوى تعريفا فخصه باسمية ليس على المحلى بأل وهو معرفة، فما بالك بالنكرة اليست عند هذا القائل أحق بخبرية ليس من المصدر المؤول الذي هو عنده أحق باسمية ليس من المحلى بأل.
اطلعتُ على تعديلكم ليس محالا إلى ليس المحال فاستقام الوزن، وقلَّ استثقالي للرفع الذي من أسبابه تسكين الوقف على المنادى قبل مجيء الخبر.
هي فرصة كي تخضع مسائل الجواز في النحو إلى الاستحسان دلالة وإيقاعا
ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[13 - 10 - 2008, 08:42 م]ـ
قلتم: ليسَ محالٌ يا بشرْ أن تعدم الأحقاد
قلت ُ:على أني أستثقل تخريج رفع محال اسما لليس وأرى نصبها خبر مقدما لليس متمثلا بقول المتنبي:
وليس جميلا عرضُهُ فيصونه وليس جميلا أن يكون جميلا
قلتم: الخبر هنا المصدر المؤول من أن وما بعدها .. ليس محال إعدام الأحقاد.
أقول: أما في بيت المتنبي فالمصدر المؤول من أن يكون هو اسم ليس، أي ليس جميلا كونُه جميلا، والقضية منوطة بالاستحسان لا الوجوب، إذ كما تعلم فإن تقديم الخبر جائز هنا، ومن حجج النحاة الذين يستحسنون تقديم الخبر إذا كان نكرة أو أقل قوة في التعريف من الاسم أن الأعرف ينبغي أن يجعل الاسم وغير الأعرف الخبر، لنقرأ في تفسير اللباب:
القضية أنني استثقلتُ وقع الرفع هنا خاصة أنك وقفت بعد النداء مسكنا المنادى وهذا الوقف يفضي إلى احتمال أقوى وهو جعل اسم ليس مضمرا فيها، واستثقالي ليس لِزامًا أن يُستَحْسَن، ويؤنس استثقالي قول من يرى المصدر المؤول أقوى تعريفا فخصه باسمية ليس على المحلى بأل وهو معرفة، فما بالك بالنكرة اليست عند هذا القائل أحق بخبرية ليس من المصدر المؤول الذي هو عنده أحق باسمية ليس من المحلى بأل.
اطلعتُ على تعديلكم ليس محالا إلى ليس المحال فاستقام الوزن، وقلَّ استثقالي للرفع الذي من أسبابه تسكين الوقف على المنادى قبل مجيء الخبر.
هي فرصة كي تخضع مسائل الجواز في النحو إلى الاستحسان دلالة وإيقاعا
فلتكن هذه مساحة للبوح المفيد
لا حرمناك
مودتي