ـ[عام الفيل]ــــــــ[11 - 02 - 2009, 02:19 م]ـ
.
وفي طريقي إلى فصلي .. وعند باب التوعية وقفت أبحث عن حذائي .. وإذ بصوت الأستاذ ..
في أذني .. خالد .. خالد ..
عد واجلس في مكانك .. فالبرنامج لم ينته بعد .. أم أن برامجنا لم تعجبك.؟؟
كلا يا أستاذي .. هي رائعة جدا .. جدا .. جدا ..
إذن ارجع إلى مكانك هناك يا خالد ..
قلت وبصوت يرتديه الخوف والخجل ..
لقد أعلن المنبه من لحظات يا معلمي بانتهاء الفسحة ..
ولدينا دروس لا يمكن لنا أن نتغيب عنها .. !! والوكيل عصاته بيده لن يرحم أيدي المتأخرين .. !
الأستاذ: لا عليك فهذه حصة إضافية .. سمح لنا المدير بأن نجعلها برنامجا تخطيطيا وعصفا ذهنيا لرحلتنا القادمة .. فاجلس بارك الله فيك ..
ياااه .. كيف أتخلص منهم؟ كيف احتال عليهم؟ أريد الخروج .. أريد الهروب .. أريد أن أجد هواء لأستنشقه .. وساحة لفكري لأعيد المشاهد التي رأيتها وأتأملها .. أريد أن أخلو بنفسي ولنفسي فقط .. أريد أن أبكي لوحدي .. نعم لوحدي من غير أن يراني أحدا منهم .. دموعي واقفة على بوابة جفوني .. تنتظر مني تصريح لها بالهبوط ..
سببها .. كلمات الموت العالقة في ذهني .. التي ما زال صداها يتردد في جوفي ..
عُد إلي مكانك يا خالد على عجل ولا تعطّل أعمالنا بوقوفك هنا ..
عدت إلى مكاني بخطواتي التي تقدمت بها ..
الطلاب لم يقم أحدا منهم من مكانه إلا أنا .. يبدو أنهم يعلمون أن هناك حصة لتخطيطهم وعصفهم ورحلتهم ..
جلست في مكاني .. وبدأ الأستاذ فهد يعرض أوراقه ويقسمها بين طلابه ..
حماس .. تفاعل .. نقاشات .. أفكار .. أراء .. تعليقات .. تعقيبات .. قمة عربية مصغرة .. لكنها فعّالة .. !! ومنتجة .. !
أحرجني أكثر من مرة زميلي أيمن ..
فعندما يختلف القوم فيما بينهم على فكرة أو برنامجا .. تعلو أصواتهم لتهتز نوافذ الغرفة.؟ وتتحرك أخشابها .. !!
فيختلفون اختلافا شديدا .. ويعتركون عراكا قويا .. تناطح جامد .. قريبة من معارك فتح (وأنتم بكرامة) وحماس .. !! مع الفارق بينهما ..
كلها أفكار لا تدري ما الذي تقبله .. ولا تعلم ما الذي ترفضه ..
أفكار كثيرة .. واقتراحات جميلة .. وأراء سديدة .. وكل واحد منهم يريد أن يثبت أن فكرته هي الأولى ..
يتفقون .. ولا يطيل الاتفاق حتى يعود الخلاف متسللا إليهم بثوبه الأسود ..
يتسائل الأستاذ: فهد بصوت عال وما الحل مع هذه الخلافات.؟؟
.. فجأة يقفز صديقنا الشقي أيمن ويؤشر عليّ .. بأصبعه الأعوج .. !
هل ترضوا بخالد حكما بيننا ..
يرد الأستاذ فهد بصوت عالي ويقول نعم الرجل خالد .. !!
نفسي أقطّع إصبع الملقوف أيمن إربا إربا .. أو أكسره .. ! أو أطحنه .. !
ترتجف عظامي عندما أجد الأنظار تحيط بي من كل جانب .. يكاد يسقط رأسي أرضا لولا أني أعيد توازنه قليلا .. !!
وأرتجف أكثر عندما أجدهم ينتظرون مني جوابا .. تطويق أمني ..
يسكن الكون .. ويصمت الدهر .. وينصت الزمان .. الأعين كلها حولي .. تبصر لشفتيّ الجميلتان .. يترقبوا نطقي .. ينتظروا رأيي .. !
فلا تسألني أيها القارئ عن التأتأة .. أو (البدليات) .. !! حرف يسبق حرف وكأني هندي قدم إلى المملكة منذ ساعات .. أقدم التاء على الهاء ..
أجلس ساعة أفكر في ترتيب جملة واحدة حتى يفهمها القوم .. أسناني تتضارب تكاد تهيم بالسقوط ..
كأني في سكرات الموت التي تحدث عنها الخطيب .. ارتبط اللسان .. وتشابكت الحروف .. اختلط الأمر .. فلا اسم ولا فعل أعرف .. !!
أين الجملة الاسمية من الجملة الفعلية؟ لا أعلم .. !
الوجه مليء بالعرق ..
يرأف عليّ من رأى حالتي ..
الأستاذ فهد: تكلم يا خالد ..
نعم يا أستاذي .. افعلوا ما يحلو يا أستاذي ..
ولكن يا خالد رأيك يهمنا ..
لا تجاملني يا أستاذي فلا أعرف شيئا .. ولا أفقه أمركم هذا .. ولست رفيقا لكم في هذه الرحلة فلا داعي لرأيي ..
الأستاذ فهد: ماذا؟ لست رفيقا لنا .. !! ويحك يا خالد .. بصوت مليء بالتعجب والدهشة .. ! بل أنت يا خالد من أوائل الطلاب المشاركين في هذه الرحلة وسوف أعطيك ورقة لولي أمرك حتى يأذن لك ويسمح لك بالخروج والتنزه معنا .. !!
فرحت كثيرا ..
وحزنت كثيرا في نفس الوقت ..
لا أدري .. لكن هو شعور جمع بين الفرحة الشديدة .. والحزن الشديد ..
يا أستاذ فهد يسعدني أن أكون معكم .. وسأحاول أن أرافقكم .. وأصاحبكم ..
ونحن كذلك يسعدنا يا خالد .. خذ هذه الورقة وأعطها والديك وأحضرها معك غدا حتى تحجز لك معنا مكان .. فستكون الرحلة جميلة جدا بوجودك معنا ..
وعاد الملقوف أيمن و (نقز) وفي رواية (فزّ) وقال: يا أستاذ فهد لا عليك من خالد أنا سأحضره رغما عن أنفه فدعه عليّ ولا تخش .. فسيكون أول المشاركين .. هو وقطته طبعا .. !! ضحك جميع الطلاب .. !! وضحكت معهم .. !
وكم أتمنى أن يأذن لنا أستاذنا فهد بالخروج لأفعل بأيمن الأفاعيل وأفرّغ غضبي في تكسير عظامه .. وتمزيق وجهه ..
أحرجني كثيرا ذلك الأحمق ..
وفجأة ومن غير مقدمات .. يقطع حديثي مع نفسي صوت مزمجر .. !
باب الغرفة (التوعية الإسلامية) المقفل يدفعه رجل بشدة وبقوة .. جعل كل نشاطه وقوته في هذا الباب الحديدي .. ! يضربه ضربا شديدا .. !
يكاد ينزعه من مكانه .. !! ويكاد يجعله قسمين .. ! لا ثالث لهما ..
وكعادة الملقوف أيمن قفز (ونطّ) ليفتح الباب على عجل ..
فمن هو هذا الرجل؟
ولم قام بهذه الطريقة المخيفة.؟
هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة ...
فترقبوا ..
¥