تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جسدي فيه شروخٌ مستديرهْ

(ينظرفي وجهه):

وعلى الجبهة صدعٌ

(يلتفت إلى الشاعر):

مافعلتَ اليوم بي؟

الشاعر:

ليس في المرآة عيبٌ

فتمعنْ

المخرج (يهز رأسه):

رب وهمٍ كان خيرا

(يستدرك):

إنما أعرفهُ

(يشير إلى خياله في المرآة):

مرّ بي هذا الجسدْ

(ينظر إلى الشاعر وعلى وجهه ابتسامة مجنونة):

ماعلينا .. فلنواصل

(يعود إلى حالته السابقة):

ولي القدرة أن أفتح صدريْ

الشاعر (ساخرا):

يا عجيب .. !!

(بينه وبين نفسه):

قد بدأنا

المخرج:

وأرى قلبي بجوف المعِدَهْ

الشاعر (يضع يده على خده في شرود):

كل شيءٍ جائزٌ

كل شيءٍ قد تغيَّرْ

ربما ينبت في رجلك رأسٌ

فتخيلْ

(بشرود):

أيَّ نوعٍ من حذاءٍ تلبسهْ؟

(ينظر في المخرج):

لا .. هنا مشكلة أخرى وأعقدْ

كيف تبصرْ؟

(يحك رأسه ويتابع):

ثم لو كنا حفاةً

أيّ رأسٍ ينفلقْ؟

أيّ خدٍ يتصعرْ؟

(يرفع الشاعر رأسه مروعا من ضرب المخرج على الطاولة)

المخرج:

أتَلَمَّسْ

الشاعر (بحنق):

أي شيء تتلمسْ؟

شدّ ما روعتني

المخرج (وكأنه لا يسمعه):

في شراييني اليبوسهْ

الشاعر (يضع يده على خده بشيء من الحزن):

ليلة يابسة فيها رطوبهْ

المخرج:

قلت أمضي

إن في المسرح أفعى

أستقي منها الذي يوما فقدت

قلتُ أمضي

(يسكت قليلا وينظر في الشاعر يتفحصه بدقة):

إنما أنت الذي لا أفهمك

غامضٌ في كل شيْ

لستَ تدري

الشاعر (مبتسما):

ربما أو ..

(يهز رأسه):

.. أعتقدْ

(يحدث نفسه):

جاء دوري

ويله مني إذا يوما صدقت

(يتجه ببصره إلى المخرج):

في يدي ألف يراعٍ وكراع

المخرج (ضاحكا):

قلتُ أهلاً

الشاعر:

فبذي أكتب يومي

وبذي أكسرُ أضلاعي ..

.. وأختطُّ حروفاً للهجاءْ

كلما ضيعتُ يوماً قلمي،

أتناسى ظلمةً في داخلي، (يشير إلى صدره):

هاهنا،

قلمٌ .. اثنانِ .. عشرونَ .. مئهْ

بعضها يكتب شيئاً،

بعضها يشعل شيئاً

بعضها يشكو من الفقر ومن داء الكساحْ

بعضها يكتب إن شئتُ وإن شاء أبى

(يهز يده في وجه المخرج):

وكثيرا ما يكون الحبر أسودْ

و تكون الصفحة البيضاءُ سوداءَ

واني لست أدري ما كتبتْ

المخرج:

أي فرق بيننا؟

(ينظر الشاعر إلى أقلام المخرج المتعددة في ألوانها، الأنيقة في الشكل ويحمل قلما منها)

الشاعر:

زاهي الألوان يا من لوَّنَهْ غرّك الشكل ومن قد زيَّنهْ

(يرمي به في اتجاه المقاعد الخالية):

إن أقلامي دماء مستضيئهْ في حمى الروح قلوبٌ تتوحدْ

فهي لا تنضبُ ... لا

وبموتي تتجددْ

المخرج:

قمتَ تهذي

الشاعر:

لِمَ لا

(في كآبة):

إنما يزعجني هزْجُ الذبابْ

فوق سن الريشّةِِ

كلما أبعدته عاد اليها

وأُغيِّرْ

ريشةً من بعد ريشهْ

وأراهُ عند غيري

باسطاً فيهم ذراعا

يكتب الوصفة من شق جناحهْ

المخرج:

قف بنا

يا جنون العظمه

أنت من شِق ذُبابٍ قد تغار

ما الذي يبقى لقومٍ يعقلون؟

الشاعر:

أنت لم تفهمْ ..

.. وفرقٌ بعد ما بيني وبينك

أنت مني

غير أني لستُ منك

المخرج (قائما):

أنتَ .. أنتْ

أنا .. أنتْ

يا إلهي

عاده مسُّ الجنون

(ينزل من المسرح ويلتفت إلى الشاعر):

في غدٍ

عندما تصحو من النوبةِ

.. ألقاك على مقهى المدينه

الشاعر:

ربما أصحو

.. ولا يصحو فؤادكْ

المخرج (بضجر):

ربما ..

(يختفي المخرج ويبقى الشاعر فوق خشبة المسرح)

ستار

الفصل الأول

المنظر الثاني

(مجموعة من الممثلين يتناثرون في داخل المسرح وتجمعهم طاولة مستديرة أسفل المنصة ويعلو صوتهم الصاخب نوع من الإعياء وحديثهم عن عملهم خارج إطار التمثيل)

مظفر (وقد بدا عليه الإعياء والتثاؤب بين لحظة وأخرى):

أفٍّ لها تلك الوظيفهْ

داست شبابي

واستباحت شيبتي

معين (ينظر إليه بنصف عين وهو يحتسي قهوته):

أعجوزاً في الثلاثين أرى؟

ويح نفسي

مظفر (متهكما):

ليتني كنت أباك

منيب (ببلاهه):

ما بهِ؟

مظفر:

أكل السبعين لم يترك لحيٍ حشفهْ

معين (بانزعاج):

أعوذ بالله العظيمْ

من كل حاسد رجيمْ

مظفر (يضع يده على كتفه):

هوِّنْ عليكْ

معين:

أدري ولكنْ .. ربما

(ينظر إلى لقمان):

نبّهتَ عيناً نائمه

(مظفر ضاحكا):

الفقر في بعض القلوبْ

نارٌ غضوبْ

منيب (يهمس في أذن مظفر):

أيُّ شيءٍ حَشَفَهْ؟

(ينظر إليه مظفر بسخرية):

ما تكون الحشفه؟

(منيب بنوع من البلاهه):

أيْ هنا .. هذا الذي أقصدُهُ

مظفر (يحك رأسه):

إسأل المخرج عنها

فهو يخفي كل شيء

(يبتعد عنه منيب بنوع من الغرابة):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير