تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله (14): (وهذا الذي نصره – أي ابن جرير – هو قول الجمهور وهو الظاهر من الآية) اهـ. أي أن أصحاب هذا الرأي ذهبوا إلى أن المراد من الصلاة موضع الصلاة أي: لا تقربوا المسجد وأنتم جنب إلا مجتازين فيه للخروج منه وهو قول ابن مسعود وسعيد بن المسيب والضحاك والحسن وعكرمة والنخعي والزهري (15)، ومن السنة استدلوا بحديثي عائشة وأم سلمة المتقدمين وبينت أنهما حديث واحد اضطربت فيهما جسرة بنت دِجاجة فروته مرة عن عائشة ومرة عن أم سلمة كما بينا، وهو ضعيف (16) والحديث الثاني: عن أبي سعيد الخدري مرفوعا" يا علي لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك" (17) وهو حديث متروك. وذهب المجيزون إلى أن المعنى في قوله تعالى ") إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ ": إلا أن تكونوا مسافرين ولا تجدون الماء فتيمموا للصلاة وهو قول علي وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد (18). ومن جملة من قال بذلك ابن حزم حيث قال (19) (وكذلك الجنب لأنه لم يأت نهي عن شيء من ذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" المؤمن لا ينجس" (20) وقد كان أهل الصفة يبيتون في المسجد وهم جماعة كثيرة ولا شك أن فيهم من يحتلم فما نهوا قط عن ذلك) اهـ. قلت ومثله وفد ثقيف في حديث (21) أوس بن حذيفة المتقدم عند أبي داود والإمام أحمد، وفيه: "قال كان كل ليلة يأتينا بعد العشاء يحدثنا" ولا شك أن فيهم من يحتلم، ولم يثبت أن النبي كان يسألهم عن ذلك ويستفصل، وهذا عام لا استثاء فيه. هذا وإن الإمام أحمد والشافعي (22) فرقوا بين المكث والاجتياز، فأجازوا العبور وهو قول ابن مسعود وابن عباس. وأجاز داود الظاهري والمزني صاحب الشافعي المكث مطلقا. واشترط أحمد الوضوء لمن أراد المكث.

ب. إثبات صحة القياس وهذا على افتراض رجحان الرأي الأول القائل بمنع المسلم الجنب من دخول المسجد: قالوا: إن علة القياس هي النجاسة، أي أنهم يقيسون الكافر على المسلم الجنب لجامع النجاسة، قلت هذا قياس معلول لعدم انضباط العلة، فالنجاسة ليست علةًّ في الجنب لحديث أبي هريرة (23): أنه لقيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وهو جنب، فانسلَّ فذهب فاغتسل. فتفقده النبي صلى الله عليه وسلم. فلما جاءه قال: "أين كنت" يا أبا هريرة قال: يا رسول الله! لقيتني وأنا جنب، فكرهت أن أجالسك حتى أغتسل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" سبحان الله! إن المؤمن لا ينجس". فكيف نقيس الكافر على الجنب والعلة في الأصل غير ثابثة!. وهناك شيء لابد أن ننتبه إليه هو أن إثبات عدم الطهارة لا يستلزم إثبات النجاسة، قال الله سبحانه" فاعتزلوا النساء في المحيض، ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فاتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين (24) " فأثبت الله عدم الطهارة للحائض في هذه الآية من غير إثبات للنجاسة، وجاء في صحيح مسلم (25) عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناوليني الخمرة من المسجد، فقلت إني حائض، فقال: إن حيضتك ليست في يدك". وكذلك حديث أبي هريرة المتقدم، فأُثبِتت عدم الطهارة الموجَبَة لقراءة القرآن والصلاة والطواف وما تجب الطهارة له، بل الرجل يحدث حدثا أصغر فلا يكون طاهرا ولم يقل أحد أنه نجس وهذا محل إجماع.

4. خلاصة المسألة

لقد لاحظت أيها القارئ الكريم أن دخول الكافر سائر المساجد جائز على الراجح من أقوال العلماء وهو قول الجمهور، بل حتى الذين ذهبوا إلى منعهم من دخول المساجد منعوهم من الدخول المطلق لا من مطلق الدخول أي من الدخول الذي لا فائدة منه كأكل وشرب، واجتياز، وعبث، أو قُل لغير حاجة دعوية أو مصلحة شرعية، وأجازوا لضرورة عمل، الشيء الذي يفيد أن دخولهم رجاء إسلامهم أو لتحقيق مصلحة للمسلمين جائز من باب أولى. ناهيك عن أن أدلتهم لا تقوم مقام أدلة المجيزين فضلا عن أن تقدم عليها.

فتاوى العلماء:

فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية (26):

سئل رحمه الله عن دخول النصراني أو اليهودي في المسجد بإذن المسلم أو بغير إذنه أو يتخذه طريقا. فهل يجوز؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير