3. ماكان نفسيا: وهي إعاشة الأبناء في مشاكل قديمة عانى منها الآباء في بلدانهم كمعاناة الفقر، والاضطهاد تحت الاحتلال كما في فلسطين المحتلة، أوالحروب الأهلية كما في الصومال. فيتحول الأبناء إلى أداة لتفريغ الأحقاد، فبالتالى إلى وسيلة عدوانية للانتقام من الغير، فيدفع الغير فواتير لا يعلم فيمَ يدفعها وعلامَ يدفعها.
4. ما كان اجتماعيا: وهي العفوية الأخلاقية والسلوكية التي جيء بها من البلدان عند الكثيرين، لا لفقرٍ وشحٍ في النظام الأخلاقي في الإسلام، ولكن لعدم التحلي به حتى صار عقلا جمعيا مألوفا مأنوسا مرتوبا، فما زال جزءا من ثقافتنا، وعضوا من مخروطنا السلوكي، لا يقبل النقض ولا التحول ولا حتى النقاش، بل صار المتحلي بالأخلاق مغاليا متكلفا غير مقتدى به، بل منكرا عليه. فما كان من هذه الضحية إلا أنها اصطدمت بنقيض سلوكي غربي منظم وواع، فقابلته بالنكران والعدوان.
وأما الخلل الذي من جانب المجتمع الغربي ساسَتِهم ومفكريهم على وجه خاص، الذي يتعلق بمشاكل المغتربين - وهذا مع تفاوت نسبي بين البلدان الغربية - هو في الغالب عدم الاقتراب من المغتربين بشكل صادق وهادف، وعدم محاولة التعرف على دينهم وثقافاتهم وعاداتهم، فيخطؤون في معظم الأحيان في تشخيص وتوصيف الخلل بشكل واضح وجلي ومعقول وعادل.
فلم يكلفوا أنفسهم عناء البحث والاستطلاع وهذا يرجع إلى أسبابٍ منها:
• استعلاء أصحاب القرار الغربي - في كثير من البلدان - بأفكارهم ونِتاج حضاراتهم على الموروث الثقافي الذي جاءت به هذه الأقليات إلى بلادهم، وذلك لعدم صلوحيتها من وجهة نظرهم لكي تُؤخذ بعين الاعتبار، لأنها لو كانت تنفع لنفعت أصحابها في بلادهم ولحلت أزمات بلدانهم الاقتصادية والاجتماعية قبل غيرها.
• دعوى عدم الاحتياج إلى هذه الثقافات، والاستغناء عنها لتوفّر البدائل الكثيرة والمتنوعة المستقاة من حضاراتهم وممارساتهم.
• مطالبة الآخرين أي المغتربين بالتكيّف والتأقلم مع طرائق وطبائع عيش الغربيين، بدعوى أن المغتربين هم المحتاجون للاستفادة من رفاهية الغرب وسلوانه.
• فرض أنماط حياة لا تتواءم ولا تتوافق وعقليات معظم المغتربين، لاختلاف المواريث الثقافية والمخازين العاداتية.
فكانت النتيجة هي اصطدامهم بالواقع في المدارس والجامعات والمؤسسات الاجتماعية والتربوية، فواجهتهم عقبات هائلة عسيرة التعبيد، وحواجز عالية صعبة الاجتياز، الشيء الذي يحتم عليهم وبكل إلحاح النزول عن أحلامهم وأوهامهم واستعمال الموضوعية والواقعية في التعامل مع هذه المشاكل، وذلك عن طريق:
• إشراك المغتربين في اتخاذ القرارات الإجرائية المتعلقة بتنظيم وإدارة أحوال المغتربين.
• إرسال لجان اِخصائية في علوم الاجتماع والتربية إلى بلداننا الإسلامية ومحاولة التعرف عن قرب على الأوضاع الثقافية والاجتماعية والاقتصادية عوضا من التعميمات في الحكم على الأشياء.
• استشارة أرباب الفكر من المغتربين قبل الإقدام على أي مشروع إدماجي.
• استفادة الدول الغربية بعضها من بعض فتستفيد الدول قليلة الخبرة في مجال التعامل مع الأقليات من الدول التي قطعت أشواطا عديدة فاكتسبت الخبرة والتجربة كفرنسا وبلجيكا وبريطانيا، حتى لا تقع الأولى في نفس الأخطاء فتُتعب نفسها وتُتعب المغتربين.
• تكثيف الدورات التثقيفية للمشتغلين من الغربيين بالعمل السياسي والتربوي والاجتماعي عن تاريخ البلدان المهاجَرِ منها، وحضاراتها.
• الانفتاح على أفكار وأطاريح المغتربين التي قد تفيدهم وبكل يقين، في حل كثير من مشاكلهم وخصوصا الاجتماعية منها والانسانية.
• تشجيع المبادرات والمشاريع التي يتقدم بها المشتغلون في المجال الإرشاد التربوي من المسلمين، وذلك لتحسين وتسهيل العملية التربوية على الجميع.
¥