ـ[ snsn] ــــــــ[04 Jul 2004, 12:24 م]ـ
السلام عليكم
جزاك الله خير ا على ذلك الموضوع الطيب
ـ[ابن العربي]ــــــــ[05 Jul 2004, 08:40 ص]ـ
(حكم من يأتي إلى قبر نبي أو صالح ويسأله ويستنجد به)
وأما من يأتي إلى قبر نبي أو صالح أو من يعتقد فيه أنه نبي أو رجل صالح وليس كذلك ويسأله ويستنجده فهذا على ثلاث درجات:
إحداها:
أن يسأله حاجته مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو مرض دوابه أو يقضي دينه أو ينتقم له من عدوه أو يعافي نفسه وأهله ودوابه ونحو ذلك مما لا يقدرعليه إلا الله عز وجل: فهذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل.
وإن قال أنا أسأله لكونه أقرب إلى الله مني ليشفع لي في هذه الأمور لأني أتوسل إلى الله به كما يتوسل إلى السلطان بخواصه وأعوانه فهذا من أفعال المشركين والنصارى فإنهم يزعمون أنهم يتخذون أحبارهم ورهبانهم شفعاء يستشفعون بهم في مطالبهم وكذلك أخبر الله عن المشركين أنهم قالوا:" ما تعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " وقال سبحانه وتعالى:" أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أو لو كانوا لا يملكون شيئاً ولا يعقلون قل لله الشفاعة جميعاً له ملك السموات والأرض ثم إليه ترجعون " وقال تعالى:" مالكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون " وقال تعالى:" من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه "
فبين الفرق بينه وبين خلقه فإن من عادة الناس أن يستشفعوا إلى الكبير من كبرائهم بمن يكرم عليه فيسأله ذلك الشفيع فيقضي حاجته: إما رغبة، وإما رهبة، وإما حياء وإما مودة وإما غير ذلك والله سبحانه لا يشفع عنده أحد حتى يأذن هو للشافع فلا يفعل إلا ما شاء وشفاعة الشافع من إذنه فالأمر كله له ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه:" لا يقولن أحدكم: اللهم اغفرلي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة فإن الله لا مكره له "
فبين أن الرب سبحانه يفعل ما يشاء لا يكرهه أحد على ما اختاره كما قد يكره الشافع المشفوع إليه وكما يكره السائل المسؤول إذا ألح عليه وآذاه بالمسئلة فالرغبة يجب أن تكون إليه كما قال تعالى:" فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب "
والرهبة تكون من الله كما قال تعالى:" وإياي فارهبون " وقال تعالى:" فلا تخشوا الناس واخشون "
وقد أمرنا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء وجعل ذلك من أسباب إجابة دعائنا.
وقال كثير من الضلال: هذا أقرب إلى الله مني وأنا بعيد من الله لا يمكنني أن أدعوه إلا بهذه الواسطة ونحو ذلك من أقوال المشركين فإن الله تعالى يقول:" وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان "
وقد روي: أن الصحابة قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم – ربنا قريب فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله هذه الآية. وفي الصحيح أنهم كانوا في سفر وكانوا يرفعون أصواتهم بالتكبير فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصماً ولا غائباً بل تدعون سميعاً قريباً إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته "
وقد أمر الله تعالى العباد كلهم بالصلاة له ومناجاته وأمر كلامنهم أن يقولوا: " إياك نعبد وإياك نستعين " وقد أخبر عن المشركين أنهم قالوا:" ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى "
ثم يقال لهذا المشرك: أنت إذا دعوت هذا فإن كنت تظن أنه أعلم بحالك وأقدر على عطاء سؤالك أو أرحم بك فهذا جهل وضلال وكفر وإن كنت تعلم أن الله أعلم وأقدر وأرحم فلم عدلت عن سؤاله إلى سؤال غيره؟ ألا تسمع إلى ما أخرجه البخاري وغيره عن جابر رضي الله عنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول إذا هم أحدكم بأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل اللهم إني استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه واقدرلي الخير حيث كان ثم ارضني به قال ويسمي حاجته "
أمر العبد أن يقول: استخيرك بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم.
وإن كنت تعلم أنه أقرب إلى الله منك وأعلى درجة عند الله منك فهذا حق لكن كلمة حق أريد بها باطل فإنه إذا كان أقرب منك وأعلى درجة منك فإنما معناه أن يثيبه ويعطيه أكثر مما يعطيك ليس معناه أنك إذا دعوته كان الله يقضي حاجتك أعظم مما يقضيها إذا دعوت أنت الله تعالى فإنك إن كنت مستحقاً للعقاب ورد الدعاء مثلاً لما فيه من العدوان فالنبي والصالح لا يعين على ما يكره الله ولا يسعى فيما يبغضه الله وإن لم يكن كذلك فالله أولى بالرحمة والقبول.
والله تعالى اعلم
له تابع إن شاء الله
¥