2 - الحب والتعلق بتراثنا المخطوط، ومعايشة، وتوثيق الصلة به على نطاق واسع قراءة ودراسة، وخبرة ودراية بأسراره ودقائقه وخصائصه، وأساليب تدوينه، ومناهج كتابته، وأنواع خطوطه.
3 - الخبرة والتمرس بتحقيق المخطوطات، والدراسة الواسعة بأصول تحقيقها، ومعرفة أصولها، وما كتبت به من خطوط متنوعة، مشرقية ومغربية، وفارسية .. ويستتبع ذلك التمرس بنهج النساخ ومصطلحات القدماء في الكتابة، مثل علامات التضبيب، واللحق، والإحالة .. ولابد من معرفة اصطلاحات القدماء في الضبط بالشكل، وعلامات إهمال الحروف غير المعجمية، وما يسمى بالتعقيبة.
4 - أن يكون المحقق على علم ودراية بموضوع الكتاب، فذلك أدعى إلى أن يكون العمل أكثر إتقاناً ودقة، مما لو تصدى له شخص آخر له جهة علمية أخرى.
5 - الأمانة العلمية التي تقتضي تحرير النص وتصحيحه، والاجتهاد في إخراجه على الصورة التي تمت به على يد مؤلفه دون أي تصرف، وفق أصول التحقيق المعتمدة عند شيوخ هذا العلم وأساطينه.
6 - الإلمام الواسع باللغة العربية وأساليبها ومفرداتها وسائر علومها؛ ما يذلل كثيراً من الصعاب التي قد تواجه المحقق في أساليب المخطوطة، ولغتها، حيث يجد من الحصيلة اللغوية ما يمكنه من تدقيق النظر، والوصول إلى الوجه الصحيح.
7 - التذرع بالصبر والأناة؛ لأن المحقق كثيراً ما تواجهه مشكلات وصعوبات قد تتطلب وقفات طويلة ومتأنية للوصول إلى علاجها الصحيح عن علم ويقين، وبعد طول بحث وتقص، بعيداً عن النظرة العجلى التي تأخذ بأقرب ما يتبادر إلى الذهن دون إعمال الفكر وتدقيق النظر وتقليب الأمر على جميع وجوهه المحتملة بغية الوصول إلى وجه الصواب.
8 - سعة الاطلاع على كتب التراث ومصادره في مختلف جوانب البحث والمعرفة، ومعرفة مناهج المؤلفين، وتوجهاتهم العلمية، وطرق لبحث في مصنفاتهم حول شتى العلوم مما يساعد المحقق على تحرير وتوثيق نصوص الكتاب الذي يعمل على تحقيقه.
الجوانب الفنية لتحقيق المخطوط:
يمكن أن نجمل تلك الجوانب -وبإيجاز شديد- في ثلاثة مراحل أساسية هي (13):
المرحلة الأولى:
تجميع نسخ المخطوطات، والمقارنة بينها وتحديد منازل النسخ.
ولكي نتوصل إلى معرفة النسخ المختلفة للكتاب الواحد ينبغي الرجوع إلى فهارس المكتبات والأعمال الببليوجرافية التي تحصي تراثنا المخطوط وتحدد أماكنه في مكتبات العالم مثل كتابي: تاريخ الأدب العربي: لكارل بروكلمان، وتاريخ التراث العربي: لفؤاد سيزكين. والكتابان يسجلان المخطوطات العربية الموجودة في مكتبات العالم تحت أسماء مؤلفيها، فكل مؤلف تذكر مؤلفاته التي وصلتنا، وكل كتاب منها تذكر نسخة والمكتبات التي توجد بها.
"وليس معنى ذلك أن يعمل (المحقق) على جمع كل ما يوجد من نسخ المخطوطة إذا كانت نسخها كثيرة مثل بعض الكتب المشهورة التي قد تصل مخطوطات بعضها إلى أكثر من مئة نسخة، وفي مثل هذه الحالة على المحقق أن يجتهد قدر الطاقة في الاطلاع على هذه النسخ، وجمع المعلومات عنها من خلال الاطلاع الميداني والمصادر والفهارس التي تتحدث عنها وتصفها، لكي يتسنى له اختيار النسخ الموثقة والمعتمدة منها، ويكتفي في الغالب بثلاث إلى خمس نسخ بالصيغة المذكورة.
وإذا لم يجد الباحث بع التحري والتقصي الدقيق سوى نسخة وحيدة جيدة وصحيحة وكاملة وموثقة فلا ضير في العمل على تحقيقها غير أنها تحتاج منه إلى جهد كبير، ودراية واسعة، ويقظة ووعي في التقويم والتصحيح (14).
ويلحق بتجميع النسخ مسألة تجديد منازلها، فليست كل مخطوطات الكتاب الواحد سواء في أقدارها، ففيها الكامل والناقص، وفيها القديم والمتأخر، وفيها الواضح والغامض، وفيها الموثق بسماعاته وإجازاته ومقابلاته وغير الموثق. وإذا كانت أفضل النسخ هي أقدمها وأكملها وأوثقها، فإن هذه المواصفات قلما تجتمع في نسخة واحدة، فقد تكون النسخة الأقدم ناقصة أ, متعذرة القراءة أو غير موثقة، وقد تكون النسخة الكاملة هي الأحدث، وقد توجد نسخ غير مؤرخة يصعب وضعها في مكانها الزمني بين النسخ الأخرى؛ وهنا تأتي أهمية دراسة الخط والرق وتواريخ التمليكات والسماعات والإجازات وتقصي الأشخاص الذين ورد ذكرهم في السماع أو الإجازة.
¥