فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) فبين أن البحر طهور الماء،حل الميتة وما ذاك إلا لأن من جهل حكم الماء فهو بالجهل لحكم الحيوانات أشد فبين له النبي صلى الله عليه وسلم الأمرين، أن البحر طهور الماء حل الميتة وإن كان الماء مالحاً لكن لا يضره ذلك ولا يمنع من كونه طاهراً طهورا يُغتسل به ويُتوضأ به ويُستخلص منه ماء شرب لا بأس فهو طهور الماء حل الميتة قال الله جل وعلا} وأنزلنا من السماء ماء طهورا ً {هو الذي أنزل الماء من السماء وأقره في الأرض وجعل البحر مالحاً وجعل الأنهار الحلوة كل هذا يدل على حكمته وقدرته الباهرة سبحانه وتعالى أن جعل هذا عذباً وهذا ملحا أجاجا وهذا نهر جار وهذا بحر قار إلى غير ذلك سبحان الحكيم العليم
فالمقصود من ذلك الدلالة على أن البحر طهور الماء حل الميتة والحمد لله على نعمته العظيمة
والحديث المذكور صححه جمع من أهل العلم وله طرق وممن صححه ابن عبد البر وابن خزيمة و الترمذي وابن منده ... وغيرهم والشاهد فيه أن البحر طهور الماء حل الميتة، فلنا الوضوء منه والاغتسال والشرب منه كل ذلك جائز لقوله صلى الله عليه وسلم في البحر (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)
الحديث الثاني: وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(إن الماء طهور لا ينجسه شئ) أخرجه الثلاثة وصححه أحمد
أبو سعيد: هو سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري كان من الحفاظ المكثرين من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانت وفاته بعد الحرة بعد سنة 63 هـ
يقول رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الماء طهور لا ينجسه شئ) هذا من أجمع الكلم
فدل هذا الحديث على فائدة عظيمة من جوامع الكلم يدلنا عليه الصلاة والسلام على أن الماء لا ينجسه شئ هذا هو الأصل فالأصل فيه الطهارة في ماء الأنهار والبحار والآبار ومياه الأمطار، الأصل طهارة الغدران في البراري كل ذلك الأصل فيه الطهارة حتى تعلم ما ينجسه وإلا فالأصل هو الطهارة
قال الله تعالى} وأنزلنا من السماء ماءاً طهوراً {وجعل هذا الماء طهرة لنا .. هذا الماء الذي في الأرض مما أنزله من السماء وأقره في الأرض كما قال عزوجل
} وأنزلنا من السماء ماءاً بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون}
الحديث الثالث: وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله
(إن الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه) أخرجه ابن ماجة وضعفه أبو حاتم
ودل حديث أبي أمامة أنه كذلك إلا إذا وجد ما ينجسه من نجاسة تغلب عليه من ريح أو طعم أو لون فعند ذلك ينجس عند أهل العلم جميعاً
وحديث أبي أمامة ضعفه أبو حاتم رحمه الله
وهو محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي الحافظ الجليل ضعفه لأن فيه راوياً يقال (رشدين بن سعد) ضعيف الرواية رحمه الله وأبن ماجة خرجه للعلم ليعلم حاله وابن ماجة هو صاحب السنن
وقد أجمع الناس علىضعف رشدين فالحديث ضعيف بذلك ولكن العمدة على إجماع أهل العلم فقد أجمع العلماء على أن الماء إذا تغير دال على أن الأصل في المياه الطهارة
جاء هذا لحديث فيطعمه أو لونه أو ريحه بالنجاسة نجسفالعمدة على ما أجمع عليه أهل العلم في هذا الباب
وحديث أبي سعيد رضي الله عنه بئر بضاعة كانت بئراً معروفةً في المدينة كان يلقى فيها من النتن وخرق ثياب النساء والرجال أشياء فاستنكر الناس ذلك وسألوه صلى الله عليه وسلم فأخبرهم صلى الله عليه وسلم أن الماء طهور و أن هذه البئر مادامت لا يغيرها ما يلقيه الرياح فيها وما يلقى فيها من هذه القاذورات فإن ماءها طهور لأنه ماء قوي يدفع عن نفسه ولهذا يذوب فيه ما يلقى ويستحيل فيه ولا يؤثر عليها فهذا قال فيه: أن الماء طهور لا ينجسه شيء) هذه القاعدة قاعدة كلية أن الماء طهور مياه الآبار وغير مياه الآبار
إلا ما تغير كما تقدم فإنه ينجس بذلك إذا تغير بالنجاسة أما لو تغير بشيء طاهر كأن ألقت فيه الرياح أوراق الشجر أو التراب أو ما أشبه ذلك أو نقلت إليه روائح من بعيد من ميته أو غيرها فإن هذا لا يضره بنجاسة وإنما تغير بطهارة كتبن أو تغير بأوراق الشجر أو طول مكث بأن نبت فيه الطحلب ونحوه فهذا لا يضره مادام اسم الماء باقياً فإنه طهور ولو تغير بالطاهرات العادية التي لا تخرج عن كونه ماءاً
¥