تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أما إذا تغير بشيءوخرج عن كونه ماءاً ويعطيه اسماً آخر فإنه ينتقل عن الماءإلى اسم اخر كما يقع في الألبان والأمراق وأشباه ذلك فإنه إذا مرقه باللحم طبخ باللحم صار مرقاً وإذا صب عليه اللبن صار لبناً وإذا جعل فيه التمر وهرس فيه التمر أو الزبيب صار شراباً نبيذاً وإذا عن كون اسمه الماء لم يكن طهوراً وصار إلى الطهارة فقط كمياه الفواكه وأشباهها

فالمقصود أنه مادام اسم الماء باقياً فإنه طهور وإذا خرج عن اسمه صار لبناً أو مرقاً أو شاهي أو قهوة وما أشبه ذلك خرج ما يتعلق بحكم النجاسة إذا وقعت في الماء ولم تغيره في حديث القلتين

...

وعن عبد الله بن عمر t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) وفي لفظ (لم ينجس) أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان

ش / تقدم أن المراد بالأربعة هم أهل السنن أبو داوود والترمذي والنسائي و أبن ماجة وصححه ابن خزيمة والحاكم وابن حبان

كان أحسن أن يقول ابن حبان والحاكم لأن ابن حبان شيخ للحاكم ولكن من باب التسامح في العبارة

هذا الحديث تنازع العلماء في صحته فزعم قوم أنه مضطرب وأنه لا يصح وأنه معارض لحديث (الماء طهور لا ينجسه شيء) لأن له روايات كثيرة متعددة

وقال آخرون بل هو صحيح وهذا هو الصواب أنه صحيح كما صححه الأئمة ومنهم ابن خزيمة رحمه الله ومنهم ابن حبان ومنهم الحاكم وآخرون

والحديث صحيح لا بأس به ولا تعارض بينه وبين الأحاديث السابقة فالأحاديث السابقة أحاديث منطوقة حكمها منطوق صريح (أن الماء طهور لا ينجسه شيء)

وهذا الحديث يدل على أنه إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث أي لم يؤثر فيه الخبث لكثرته يعني غالباً

وفي (لم ينجس) تفتح الجيم (نَجَس) وتضم من باب (نجُس) لغتان معروفتان أي لم يكن نجساً

وهو وصف اغلبي.

أراد النبي صلى الله عليه وسلم بهذا أن الماء الكثير في الغالب لا تؤثر فيه النجاسة العارضة العادية القليلة وإنما تؤثر في المياه القليلة ولهذا أمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب كما سيأتي. لأنه ماء قليل غالبا في الإناء وريق الكلب له تأثير من أثر الولغ فكانت الحكمة تقتضي إراقته لأنه في الغالب يتأثر بولوغ الكلب في طعمه وما يتعلق بمنفعته. فإذا كان الماء قليلا تأثر وأريق وإن لم يبن فيه تغير في الطعم واللون والريح

وإذا كان كثيرا لم يتأثر في الغالب بل يكون له حكم الطهارة هذا هو الأغلب. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث)

مفهومه أنه إذا كان أقل يحمل وينجس لكن يعارض المفهوم حديث أبي سعيد المتقدم أن الماء طهور لا ينجسه شئ.

والقاعدة عند أهل العلم: أن المنطوق مقدم على المفهوم لأن المفهوم له معاني وقد يراد وقد لا يراد. فوجب أن يقدم عليه المنطوق ولكن مادون القلتين يستفاد من حديث القلتين أنه يحتاج إلى عناية و نظر وتأمل وأن لا يتساهل فيه لأنه مظنة التأثر بالنجاسة فينبغي فيه أن يلاحظ فإن ظهرت فيه النجاسة بتغير طعمه أو لونه أو ريحه ترك.أو كان ذلك التغير في القليل فإنه مظنة التأثر فإنه يراق كما حديث إذا ولغ الكلب من إناء أحدكم.

وإذا كان لا يتأثر لكثرته أو لعدم ظهور أثر النجاسة فيه وإن كان قليلا فإنه طهور وعلى هذا القول جمع من أهل العلم وهو قول أهل المدينة ومنهم مالك رحمه الله. وبعض من السلف والخلف وهو اختيار أبي العباس بن تيميه رحمه الله وابن القيم وجماعة وهو الأرجح من حيث الدليل لأن المفاهيم لا تعارض المنطوقات الصريحة ولأن المفهوم محتمل والحكم الصريح لا يحتمل فوجب الأخذ بالصريح ولأنه اجمع أهل العلم على أن الماء إذا تغير بالنجاسة بطعم أو لون أو ريح نجس وبقى ما عدا الإناء تحت النظر والتأمل، فإن ظهر فيه تغير أو ما يدل على التغير ويخشى منه الشرّ والضرر لقلته يكون كالمتغير كما في إراقة الماء إذا ولغ فيه الكلب ومالا فلا.

فالحاصل أن مادون القلتين محل نظر وعناية فإن ظهر فيه التغير ترك فالأصل (ان الماء طهور لا ينجسه شئ).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير