أحدها: أن الخمر لا تطهر أبدا سواء تخللت بنفسها أم خللها أحد بل تجب إراقتها مطلقا.
والثاني: أنها تطهر مطلقا خللها زيد أو عمرو أو تخللت بنفسها فإنها تستعمل وهذا مصادم للحديث.
والقول الثالث: التفصيل فإن تخللت بنفسها أبيحت وإن خللها غيره وضعت وأريقت. وهذا أعدل الأقوال وهو قول الجمهور القول بالتفصيل هو أعدل الأقوال أن تخللت بنفسها أبيحت وإن خللها الغير حرمت ووجب إراقتها سدا لذريعة حفظها وبقائها حتى تتخلل فإن الواجب إتلافها متى وجد فيها الاشتداد.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم سمح لهم بأن ينبذوا الزبيب في السقاء اليوم و اليومين والثلاثة فإذا انقضت الثالثة شربه أوسقاه غيره وإلا أراقه لئلا يشتد
والجمهور على نجاستها وخبثها. أي الخمر
وقال بعض السلف والتابعين لا تنجس فهي في نفسها طاهرة لأن الخمر إما عنب وإما شبه ذلك لا تنجس ولكن يجب أن تراق وأن تتلف كما يتلف غيرها من المنكرات قاله جماعة من التابعين وبعض المتأخرين.
والمشهور عند الجمهور والأئمة الأربعة أنها تنجس بالاشتداد والسكر لأن النجاسة هي القذارة فهي لشدتها صارت قذرة يجب اجتنابها وعدم لمسها وشربها هذا يدل على انها في النجاسة كالبول والغائط
وإلى هذا يميل الشيخ تقي الدين بن تيميه رحمه الله .. فإنه يوافق الجمهور ويتبع السنة ويتابع الجمهور و لايخالفهم ....
فدل على أن يرى نجاستها أو لأن القول بنجاستها مما يعين على إتلافها وإراقتها والبعد عنها بخلاف ما إذ قيل بطهارتها فإنه يتساهل المتساهلون ببقائها للانتفاع بها ... والاستفادة من خمرها فإذا عرف أنها نجسة وأنها منكرة يجب أن تراق وأن تتلف ويبتعد عنها وأن لا يبقى شيء منها في بيت المسلم
لأن بقاءها بقصد التخليل أو التخلل وسيلة إلى شربها واستعمالها والمنكر يجب أن يتلف وأن يبادر إلى إتلافها قدر الطاقة والإمكان.
الحديث الثامن والعشرون: وعنه رضي الله عنه قال: لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طلحة فنادى ((إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس)) متفق عليه.
يوم خيبر وقع في أول السنة السابعة من الهجرة في صفر جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر وحاصرهم وقاتلهم وفتح بلادهم عليه الصلاة والسلام ثم استعملهم في خيبر حراثين فلا حين يفلحون الأرض لأن المسلمين كانوا مشغولين بالجهاد ثم أمر بإجلائهم في آخر حياته فأجلاهم بعد ذلك عمر رضي الله عنه
قال يوم خيبر لما وقع الناس في الحمر فأصابت الناس مجاعة لأنه حاصر اليهود حصارا شديدا وتأخر الفتح فأصاب الناس مجاعة فوقع الناس ذات يوم في الحمر حمر أهل خيبر التي كانت خارج البلد فأخذوها وذبحوها وطبخوها في القدور وظهر ريحها للناس
فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا؟ فقال الحمر طبخها الناس فأمر بأكفاء القدور وقال أكفئوها واكسروها فقالوا يا رسول الله أو نغسلها فقال أو ذاك فأمر بغسلها وأمر بإراقة اللحوم وأخبر بأنها رجس وإنها نجس خبيثة فدل ذلك على أن الحمر لا يجوز أكلها وثبت فيها أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس وحديث على رضي الله عنه وحديث ابن عمر وجابر وجماعة كثيرة من الصحابة رضي الله عنهم
وهي تعد متواترة لكثرتها وصحتها عند جماعة من أهل العلم وهي محرمة
قال ابن عبد البر وهو أبو عمر إمام أهل المغرب في زمانه المتوفى سنة 463هـ يقول رحمه الله ((وقد انعقد إجماع أهل العلم اليوم على تحريمها بلا خلاف وما روى عن بعض السلف أنها حرمت لأنها دواب كانت تأكل القمامة والنجاسات حول البلد ـ قال أبن عباس وجماعة أنها حرمت لأجل هذا ـ
والصواب أنها حرمت لذاتها لا لأجل أنها ترعى خارج القرية لأنها رجس كما جاء في الحديث، حرمت لذاتها.
وثبت في الصحيحين عن على رضي الله عنه وأرضاه أنه حرم لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر وجاء هذا في روايات أخرى عن جابر وغيره وحديث عبد الله بن أبي أوفى
فالمقصود أن هذه الأحاديث متواترة على الصحيح متواترة لفظا ومعنى.
لأن التواتر هو أن يجتمع جماعة على حديث واحد ينقلونه ويستحيل تواطؤهم على الكذب اتفاقا أو خلفةً.
ومن تأمل هذه الأحاديث الواردة عن الصحابة في الباب ودلا لتها وعظم أسانيدها عرف أنها لا يمكن أن تقع صدفة وأن يتفق على هذا الحكم صدفة بل يستحيل عليها ذلك
¥