فكم من الآباء من لا يهتم بذلك، فتجده لا يسأل عن المدرسة التي سيدرس فيها ابنه، ولا عن المدرسين وسلوكهم وأخلاقهم، ولا عن المناهج الدراسية، ولا عن نوعية الطلاب الذين يدرسون في المدرسة مع ابنه.
34 - إلحاقهم بالمدارس الأجنبية:
التي تفسد عقائدهم وأخلاقهم، خصوصا إذا كانوا صغارا، أو قليلي الحصانة من العلم والتقوى.
وقد لا يقتصر فسادهم على أنفسهم، بل يصبحون معاول هدم لأمتهم.
35 - قلة التعاون مع مدارس الأولاد أو انعدامه بالكلية:
فكثير من الآباء لا يتعاون مع المدارس التي يدرس فيها أولاده، بل ربما لا يعلم أين يدرسون.
36 - الدفاع عن الولد بحضرته خصوصا في المدرسة:
فقد يحدث أن يقوم أحد المدرسين أو المسؤولين في المدرسة بتأنيب طالب من الطلاب أو عقابه، ثم يأتي والده وقد غضب غضبة مضرية، وبدلاً من الحوار الهادئ مع صاحب الشأن، وبدلا من أن يكون ذلك بعيداً عن ناظري الولد- تجد ذلك الوالد يطلق العبارات النابية على الأستاذ أو المسؤول، ويصب جام غضبه عليه، وينزله في الحضيض بحضور ولده، ومن هنا تقل قيمة المدرسة في نفس الولد، ويشعر بالزهو والتيه والإعجاب بالنفس، فلا يكاد بعد ذلك يصيخ السمع للمعلمين والمربين.
37 - ترك المبادرة في تزويج الأبناء مع الحاجة والمقدرة:
فمن الآباء من لا يحفل بهذا الأمر؛ فتراه لا يبادر إلى تزويج أبنائه مع حاجاتهم إلى الزواج، ومع غنى الأب، واستطاعته أن يزوجهم.
وهذا خطأ فادح؛ حيث يترتب عليه مفاسد عظيمة تعود على الفرد والأمة؛ فبسببه تتعطل الشباب عن الزواج إلى سن متأخرة، وبسببه تضيع أعراض، وأخلاق.
وقد يصاب ذلك الابن الذي لم يبادر في تزويجه بمرض عضال، إما بسبب حادث سيارة أو غير ذلك، فلا يتمكن معه من الزواج، ولا يقبل أحد أن يزوجه بسببه؛ فمن يقوم على رعايته، خصوصاً إذا كان الوالدان كبيرين وليس عندهما من يقوم به، بل قد لا يجد من يلتفت إليه بعد فراق والديه الدنيا، كما أن المنية قد تفاجئ هذا الذي أخر زواجه، فيتوفى دون أن تكون له ذرية تدعو له، وتترحم عليه، وتحي ذكره.
وإذا عاش ذلك الذي أخر زواجه ربما عاش ممزقا مشتتا متعرضا للفتن.
والذي يؤخر زواجه يحرم من سكون النفس، وطمأنينة القلب، وفضائل الزواج المتعددة.
ثم إن الزواج مشروع في دين الإسلام، وأقل درجات المشروعية الإباحة، بل إن المتأمل في أدلة الشرع يجدها لا تدل على الإباحة فحسب، بل تدل على الاستحباب، أو الوجوب.
وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أن النكاح فرض عين يأثم تاركه مع القدرة عليه، قال بذلك أهل الظاهر.
والذي نص عليه ابن حزم أنه واجب على الرجال دون النساء.
ونقل الكاساني عن بعض الحنفية أنه فرض كفاية كالجهاد، وصلاة الجنازة، ونقل عن آخرين أنه واجب. والقائلون بالوجوب من الحنفية منهم من عده واجبا كفائياً كرد السلام، ومنهم من جعله واجبا عينيا عملا لا اعتقادا على طريق التعيين كصدقة الفطر والأضحية. والقول بوجوبه رواية عن أحمد، وهو قول بعض الحنابلة.
وذهب بعض شافعية العراق إلى القول بأنه فرض كفاية يقاتل أهل البلد الذي يمتنعون منه.
وقد استدل القائلون بالفرضية، أو الوجوب العيني، أو الكفائي بالنصوص الآمرة بالنكاح كقوله- تعالى-: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3].
وقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: 32].
وقوله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء".
فالأمر عندهم للوجوب، ولم يأب صارف يصرفه عن الوجوب، وقد تأكد الوجوب من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم أن النكاح من سنته، ومن إنكاره صلى الله عليه وسلم على من ترك النكاح، وعزم على التبتل.
وذهب جمهور أهل العلم إلى استحباب النكاح للتائق إليه الذي لا يخشى على نفسه الوقوع في الزنا؛ فإن كان توقانه شديدا؛ بحيث يخشى على نفسه الوقوع في الزنا وجب عليه الزواج متى قدر على تكاليفه.
¥