هذا غيض من فيض من سيرة الشيخ العطرة، ولا نستطيع أن نجمع فضائل شيخنا ـ أطال الله في عمره ـ فيكفي أن نقول: إنه بقية السلف الصالح، وحامل راية القرآن الكريم (علما وعملا، قولا وتطبيقا، خلقا وفضلا، همة ونشاطا، بذلا وعطاء، مظهرا ومخبرا)، وحامل راية الإسلام (دعوة له وجهادا في سبيله، أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر، سعيا في الخير ومحاربة للشر، انتصارا للسنة ومحاربة للبدعة، نشرا للعلم ومحاربة للخرافة والجهل، واعترافا لأهل الفضل بفضلهم من السابقين والمعاصرين)
ترجمة الشيخ بقلم أحد تلامذته
اسمه ونسبه:
هو العلامة الفقيه القارئ المقرئ الشيخ سعيد بن عبد الله ابن محمد العبد الله الحسّي الحموي ثم المكي. ويرجع أصله إلى قبيلة بني خالد القاطنين بالإحساء، حيث غادرتها أسرته من نحو ثلاثمئة عام تقريباً.
مولده:
ولد في سنة 1341 هـ في قرية من قرى حماة تعرف بقرية (الجِنان).
نشأته:
نشأ في حجر أبوين عُرفا بالصلاح والتقوى، وكُفّ بصره في السنة السادسة من عمره.
حياته العلمية:
حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة وهو دون العاشرة. ثم انتقل إلى مدينة حماة لطلب العلم، والتتلمذ على علمائها، فتلقى القراءات السبع من طريق الشاطبية على الشيخ نوري بن أسعد الشحنة (ت 1369 هـ) شيخ قراء حماة آنذاك، كما أخذ تتمة العشر من طريق درّة ابن الجزري عن شيخ قراء حمص وأمين الفتوى بها العلامة عبد العزيز عيون السود (ت 1399 هـ) وكذلك أخذ عنه علم الفرائض، والحديث، ودرس عليه ألفية ابن مالك في النحو كما أخذ الفقه الحنفي على الشيخ العلامة زاكي الدندشي، ودرس أصول الفقه على الشيخ محمود عثمان.
وحضر في تفسير القرآن الكريم على الشيخ العلامة محمد الحامد (ت 1389 هـ) والشيخ مصطفى علوش.
وأخذ علم الصرف على الشيخ عارف قوشجي، وتلقى علم الأدب والبلاغة على عدة علماء منهم الشيخ سعيد زهور.
كما استفاد من الشيخ سعيد الجابي - رحمهم الله تعالى جميعهم -.
محفوظاته:
بما أن الشيخ - رحمه الله - كان كفيف البصر فقد رزقه الله تعالى بصيرة ثاقبة، وقلباً حافظاً، وعقلاً متيقظاً، فحفظ كثيراً من المتون من نظم ونثر.
ففي علم القراءات والتجويد والرسم: الشاطبية، والدرّة والطيّبة، وناظمة الزهر، والمقدمة الجزريّة، ورسالة أبي ريمة في التجويد، والرائيّة في علم الرسم، وهداية المرتاب للسخاوي.
وفي الحديث والمصطلح: جواهر البخاري، وألفية السيوطي، ومتن غرامي صحيح، والبيقونية.
وفي الفقه: المنظومة الكواكبية، ومتن القدوري في الفقه الحنفي، ومتن أبي شجاع، ومنظومة الزبد كلاهما في الفقه الشافعي، والرحبية ومتن السراجية كلاهما في علم الفرائض. كما يحفظ مختصر المنار في أصول الفقه، والسلم في المنطق.
وفي اللغة العربية والبلاغة: ألفية ابن مالك، والآجرومية، والجوهر المكنون في الثلاثة الفنون.
وغيرهما من المتون العلمية.
أعماله:
درّس في حماة، كما درّس كذلك في قريته، وبعد وفاة شيخه الشيخ نوري الشحنة عام 1369 هـ تولى مشيخة الإقراء بحماة خلفاً لشيخه.
كما أسّس معهداً للدراسات القرآنية واللغوية باسم معهد الإمام الشاطبي. كما كان عضو جمعية العلماء في حماة.
وفي عام 1400 هـ قدم حاجاً إلى مكة المكرمة فطاب له الجوار لبيت الله الحرام فعُيّن أستاذاً للقراءات في جامعة أم القرى مدة سبعة عشر عاماً.
مؤلفاته:
لم يكن للشيخ وقت للتأليف، حيث كان جلّ وقته في التعليم والإقراء، ولذا لم يكن لجانب التأليف النصيب الوافر من وقت الشيخ، ومع ذلك فله إسهام في خدمة القرآن الكريم من ناحية النظم فمن منظوماته:
- نشر العطر في بيان المد والقصر في أربعمائة بيت.
- نظم كتاب صريح النص في الكلمات المختلف فيها عن حفص.
- مراتب المدات.
- له تحريرات كثيرة في أوجه ورش.
- نظم كتاب تهذيب الألفاظ لابن السكيت في ثلاثة آلاف بيت، ولم يتمه.
إلى غير ذلك من المنظومات في اللغة والرسم يسّر الله طبعها.
وقد قام - حفظه الله - بتسجيل القراءات العشر كاملة في إحدى عشرة ختمة مستظهراً جميع الأوجه والاختلافات مع جودة الأداء والإتقان،
ولم يزل الشيخ قائماً بما أوقف وقته عليه من الإقراء حيث تلقى عنه القرآن الكريم جمّ غفير من العلماء وطلبة العلم ومنهم من أخذ عنه العشر، حتى توفاه الله تعالى واختاره إليه.
بارك الله فيه، ورحمه رحمة واسعة وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
ـ[إكرام]ــــــــ[02 Sep 2004, 02:37 ص]ـ
رحمه الله .. يالها من سيرة ذهبيّة!
جزاكم الله خيراً ..