تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قيل له: بهذه الحجة يدخل العدو على النفس المتبعة للهوى، فيقول: إن لم تناظر وتجادل لم تفقه، فيجعل هذا سببا للجدال والمراء المنهي عنه، الذي يخاف منه سوء عاقبته، الذي حذرناه النبي صلى الله عليه وسلم، وحذرناه العلماء من أئمة المسلمين، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من ترك المراء وهو صادق، بنى الله له بيتا في وسط الجنة " وعن مسلم بن يسار، أنه كان يقول: " إياكم والمراء، فإنها ساعة جهل العالم، وبها يبتغي الشيطان زلته " وعن الحسن قال: " ما رأينا فقيها يماري " وعن الحسن، أيضا قال: " المؤمن يداري، ولا يماري، ينشر حكمة الله، فإن قبلت حمد الله، وإن ردت حمد الله " وروي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال: " إذا أحببت أخا فلا تماره، ولا تشاره، ولا تمازحه ".

وعند الحكماء: أن المراء أكثره يغير قلوب الإخوان، ويورث التفرقة بعد الألفة، والوحشة بعد الأنس، وعن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل».

فالمؤمن العالم العاقل يخاف على دينه من الجدل والمرا ء.

فإن قال قائل: فما يصنع في علم قد أشكل عليه؟

قيل له: إذا كان كذلك، وأراد أن يستنبط علم ما أشكل عليه، قصد إلى عالم ممن يعلم أنه يريد بعلمه الله، ممن يرتضى علمه وفهمه وعقله، فذاكره مذاكرة من يطلب الفائدة وأعلمه أن مناظرتي إياك مناظرة من يطلب الحق، وليست مناظرة مغالب، ثم ألزم نفسه الإنصاف له في مناظرته، وذلك أنه واجب عليه أن يحب صواب مناظره، ويكره خطأه، كما يحب ذلك لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه.

ويعلمه أيضا: إن كان مرادك في مناظرتي أن أخطئ الحق، وتكون أنت المصيب، ويكون أنا مرادي أن تخطئ الحق وأكون أنا المصيب = فإن هذا حرام علينا فعله؛ لأن هذا خلق لا يرضاه الله منا، وواجب علينا أن نتوب من هذا.

فإن قال: فكيف نتناظر؟

قيل له: مناصحة.

فإن قال: كيف المناصحة؟

أقول له: لما كانت مسألة فيما بيننا أقول أنا: إنها حلال، وتقول أنت: إنها حرام، فحكمنا جميعا أن نتكلم فيها كلام من يطلب السلامة، مرادي أن ينكشف لي على لسانك الحق = فأصير إلى قولك، أو ينكشف لك على لساني الحق = فتصير إلى قولي مما يوافق الكتاب والسنة والإجماع، فإن كان هذا مرادنا = رجوت أن تحمد عواقب هذه المناظرة، ونوفق للصواب، ولا يكون للشيطان فيما نحن فيه نصيب.

ومن صفة هذا العالم العاقل إذا عارضه في مجلس العلم والمناظرة بعض من يعلم أنه يريد مناظرته للجدل، والمراء والمغالبة، لم يسعه مناظرته؛ لأنه قد علم أنه إنما يريد أن يدفع قوله، وينصر مذهبه، ولو أتاه بكل حجة مثلها يجب أن يقبلها، لم يقبل ذلك، ونصر قوله.

ومن كان هذا مراده لم تؤمن فتنته، ولم تحمد عواقبه.

ويقال لمن مراده في المناظرة المغالبة والجدل: أخبرني، إذا كنت أنا حجازيا، وأنت عراقيا، وبيننا مسألة على مذهبي، أقول: إنها حلال، وعلى مذهبك إنها حرام، فسألتني المناظرة لك عليها، وليس في مناظرتك الرجوع عن قولك، والحق عندك أن أقول فيها قولك، وكان عندي أنا أن أقول، وليس مرادي في مناظرتي الرجوع عما هو عندي، وإنما مرادي أن أرد قولك، ومرادك أن ترد قولي، فلا وجه لمناظرتنا، فالأحسن بنا السكوت على ما تعرف من قولك، وعلى ما أعرف من قولي، وهو أسلم لنا، وأقرب إلى الحق الذي ينبغي أن نستعمله. فإن قال: وكيف ذلك؟

قيل: لأنك تريد أن أخطئ الحق، وأنت على الباطل، ولا أوفق للصواب، ثم تسر بذلك، وتبتهج به، ويكون مرادي فيك كذلك، فإذا كنا كذلك، فنحن قوم سوء، لم نوفق للرشاد، وكان العلم علينا حجة، وكان الجاهل أعذر منا.

وأعظم من هذا كله أنه ربما احتج أحدهما بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على خصمه، فيردها عليه بغير تمييز، كل ذلك يخشى أن تنكسر حجته، حتى إنه لعله أن يقول بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثابتة، فيقول: هذا باطل، وهذا لا أقول به، فيرد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيه بغير تمييز.

ومنهم من يحتج في مسألة بقول صحابي، فيرد عليه خصمه ذلك، ولا يلتفت إلى ما يحتج عليه، كل ذلك نصرة منه لقوله، لا يبالي أن يرد السنن والآثار.

من صفة الجاهل: الجدل، والمراء، والمغالبة، نعوذ بالله ممن هذا مراده ومن صفة العالم العقل والمناصحة في مناظرته، وطلب الفائدة لنفسه ولغيره، كثر الله في العلماء مثل هذا، ونفعه بالعلم، وزينه بالحلم.اهـ

وانظر نحو في الإبانة لابن بطة ـ الإيمان ـ 2/ 545 وما قبلها.

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 Mar 2006, 05:59 م]ـ

أخي المشرف فضلا احذف هذا.

ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[27 Mar 2006, 06:00 م]ـ

في الكليات لأبي البقاء الكفوي ص1051:

الإضافة في لغة الأعاجم مقلوبة، كما قالوا: سيبويه.

و (السيب): التفاح، و (ويه) رائحة.

أي رائحة التفاح.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير