ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[08 Sep 2006, 03:24 م]ـ
قال في السخاوي «الضوء اللامع» 4/ 18: [في ترجمة عبادة بن علي الزرزاري المالكي]
... ويقول ـ مشيراً لشدة أعباء التزويج على سبيل المماجنة ـ: لو كانت الشركة تصح في الزوجات لشاركت في جزء من أربعة وعشرين جزءاً!
وهو مسبوق بنحوه من الأوزاعي فإنه قال لصديق له: «إن استطعت أن تكتفي في هذا الزمان بنصف امرأة فافعل». رويناه في «معاشرة الأهلين» لأبي عمر النوقاتي.اهـ
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[14 Sep 2006, 01:53 م]ـ
في بدائع الفوائد للعلامة ابن القيم 3/ 1060:
فائدة نافعة
كثير من الناس يطلب من صاحبه بعد نيله درجة الرياسة الأخلاق التي كان يعامله بها قبل الرياسة فلا يصادفها، فينتقض ما بينهما من المودة، وهذا من جهل الصاحب الطالب للعادة، وهو بمنزلة من يطلب من صاحبه إذا سكر أخلاق الصاحي، وذلك غلط فإن للرياسة سكرة كسكرة الخمر أو أشد، ولو لم يكن للرياسة سكرة لما اختارها صاحبها على الآخرة الدائمة الباقية، فسكرتها فوق سكرة القهوة [الخمر] بكثير ومحال أن يرى من السكران أخلاق الصاحي وطبعه، ولهذا أمر الله تعالى أكرم خلقه عليه بمخاطبة رئيس القبط [فرعون] بالخطاب اللين فمخاطبة الرؤساء بالقول اللين أمر مطلوب شرعا وعقلا وعرفا، ولذلك تجد الناس كالمفطورين عليه، وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب رؤساء العشائر والقبائل. وتأمل امتثال موسى لما أمر به كيف قال لفرعون (هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى) فأخرج الكلام معه مخرج السؤال والعرض لا مخرج الأمر، وقال (إلى أن تزكى) ولم يقل إلى أن أزكيك فنسب الفعل إليه هو، وذكر لفظ التزكي دون غيره لما فيه من البركة والخير والنماء، ثم قال (وأهديك إلى ربك) أكون كالدليل بين يديك الذي يسير أمامك، وقال (إلى ربك) استدعاء لإيمانه بربه الذي خلقه ورزقه ورباه بنعمه صغيرا ويافعا وكبيرا.
وكذلك قول إبراهيم الخليل لأبيه (يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا) فابتدأ خطابه بذكر أبوته الدالة على توقيره ولم يسمه باسمه، ثم اخرج الكلام معه مخرج السؤال فقال (لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغنى عنك شيئا) ولم يقل: لا تعبد، ثم قال (يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك) فلم يقل له: جاهل لا علم عندك، بل عدل عن هذه العبارة إلى ألطف عبارة تدل على هذا المعنى فقال: (جاءني من العلم ما لم يأتك) ثم قال: (فاتبعني أهدك صراطا سويا).
هذا مثل قول موسى لفرعون (وأهديك إلى ربك)، ثم قال (يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا) فنسب الخوف إلى نفسه دون أبيه كما يفعل الشفيق الخائف على من يشفق عليه. وقال: (يمسك) فذكر لفظ المس الذي هو ألطف من غيره، ثم نَكَّر العذاب، ثم ذكَر الرحمن ولم يقل الجبار ولا القهار، فأي خطاب ألطف وألين من هذا؟
ونظير هذا خطاب صاحب يس لقومه حيث قال: (يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون).
ونظير ذلك قول نوح لقومه: (يا قوم إني لكم نذير مبين أن أعبدوا الله واتقوه وأطيعون يغفر لكم ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى).
وكذلك سائر خطاب الأنبياء لأممهم في القرآن إذا تأملته وجدته ألين خطاب وألطفه بل خطاب الله لعباده هوألطف خطاب وألينه كقوله تعالى (يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم) الآيات، وقوله تعالى (يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له) وقوله (يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور) وتأمل ما في قوله تعالى (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا) من اللطف الذي سلب العقول
وقوله تعالى (أفنضرب عنكم الذكر صفحا أن كنتم قوما مسرفين) على أحد التأويلين أي: نترككم فلا ننصحكم ولا ندعوكم ونعرض عنكم إذ أعرضتم أنتم وأسرفتم.
وتأمل لطف خطاب نذر الجن لقومهم وقولهم (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم).اهـ
¥